الدرســ (7) من فريق الخرافات الشائعة والعادات السيئة ●●[ ختم العام بطاعة مُعينة أو ماشابه ذلك ]●●






إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا

من يهده الله فلا مُضل له ومن يضلل فلا هادي له .. وأشهد أن لا إله إلا الله وأن محمد عبده ورسوله


ثم أمـا بعدُ ..

أسعد الله أوقاتكم بالخير والمسرات

وأهلاً وسهلاً ومرحباً بكم أيها الأحبة الكرام

يسرُنا ويُسعدنا أن نُكمل معكم ونواصل سلسلة دروس فريقنا

بعد انقطاع شبه معدوم تحت شعارنا الجديد ..




مع اقتراب نهاية السنة الهجرية تنتشر رسائل الجوال بأن صحيفة الأعمال سوف تطوى بنهاية الأعمال
وتحث على ختمه بالاستغفار والصيام ؛ فما حُكم هذه الرسائل ؟
وهل يجوز لنا الاجتماع ليلة رأس السنة للذكّر والدُعـاء وقراءة القرآن ؟
وهل يجوز ختمه بطاعة مُعينة أو ماشابه ذلك ؟
كُل هذه الأسئلة نجدهـا قد انتشرت كثيراً في الإنترنت للأسـف !

إن الذين نشروا تلك الرسالة وأرادوا من المسلمين القيام بالصلاة والذِّكر لا شكّ أن نياتهم طيبة
وخاصة أنهم أرادوا أن تقوم طاعات وقت قيام المعاصي , لكن هذه النيّة الطيبة الصالحة
لا تجعل العمل شرعيّاً صحيحاً مقبولاً بل لا بُدَّ من كون العمل موافقاً للشرع
في سببه , وجِنسه , وكمِّه , وكيفه , وزمانه , ومكانه
والأصل في المُسلم الاتباع لا الابتداع !

قال الشيخ صالح الفوزان ـ حفظه الله ـ عن التذكير بنهاية العام في نهايته
" لا أصل لذلك ، وتخصيص نهايته بعبادة مُعيّنة كصيام بدعة مُنكَرة " انتهى



قال الله تعالى { قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ ۗ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ﴿٣١﴾
قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ ۖ فَإِن تَوَلَّوْا فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْكَافِرِينَ } [سورة آل عمران: 31-32]

قال ابن كثير ـ رحمه الله ـ " هذه الآية الكريمة حاكمة على كل من ادعى محبة الله ، وليس هو على الطريقة المحمدية
فإنه كاذب في دعواه في نفس الأمر حتى يتبع الشرع المحمدي ، والدين النبوي ، في جميع أقواله وأحواله
كما ثبت في الصحيح عن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ أنه قال « من عَمِلَ عملا ليس عليه أمرنا فهُو رَدٌّ »
[ تفسير ابن كثير ، 2/ 32 ]

قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين ـ رحمه الله ـ :
" أحبوا الرسول أكثر مما تحبون أنفسكم ، ولا يكمُل إيمانكم إلا بذلك ، ولكن لا تُحدِثوا في دينه ما ليس منه
فالواجب على طلبة العلم أن يُبينوا للناس ، وأن يقولوا لهم: اشتغلوا بالعبادات الشرعية الصحيحة ، واذكروا الله
وصلوا على النبي صلى الله عليه وسلم في كل وقت ، وأقيموا الصلاة ، وآتوا الزكاة
وأحسنوا إلى المسلمين في كل وقت " (لقاءات الباب المفتوح ، 35/ 5)


وقد دلّت ( السُنّة ) على أن أعمال العباد ترفع للعرض على الله عز وجل أولاً بأول
في كل يوم مرتين , مرة بالليل ومرة بالنهار


عن أبي موسى الأشعري ـ رضي الله عنه ـ قال : قام فينا رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ
بخمس كلمات فقال : « إِنَّ الله عزَّ وجل لا يَنام ، ولا ينبغي لهُ أنْ ينام ، يخفِضُ القِسْط ويرفعهُ
يُرْفعُ إِليه عملُ الليل قبل عمل النهار ، وعملُ النهار قبل عمل الليل » [ صحيح مسلم ]

قال النووي ـ رحمه الله ـ " الملائكة الحفظة يصعدُون بأعمال الليل بعد انقضائه
في أوّل النهار , ويصعدون بأعمال النهار بعد انقضائه في أوّل الليل "

وعن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ أنّ رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال :
« يتعاقبون فيكُم ملائكة بالليل وملائكة بالنَّهار ، ويجتمِعُون في صلاة الفجر وصلاة العصر
ثُم يعرُجُ الذين باتوا فيكُم فيسألُهُم وهو أعلمُ بهم : كيف تركتُم عبادي ؟
فيقُولُون : تركنَاهُم وهُم يُصلُّون وأتيناهُم وهُم يُصلُّون » [ رواه البخاري ومسلم ]

قال الحافظ ابن حجر ـ رحمه الله ـ " فيه أَنَّ الأعمال تُرفع آخِر النَّهار ، فمن كان حِينئذ فِي طاعة
بُورك في ررزقه وفي عمله ، والله أعلم ، ويترتّب عليه حِكمة الأمر بالمُحافظة
عليهما والاهتمام بهما ـ يعني صلاتي الصبح والعصر ـ " انتهى

وعن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ أنّ رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال :
« تُعرضُ أعمالُ الناس في كُل جُمعةٍ مرّتين يوم الأثنين ويوم الخميس فيُغفرُ
لكُل عبدٍ مُؤمِنٍ إِلاّ عبداً بينه وبين أَخيه شحناء فيُقالُ : اتركُوا هذين حتَّى يَفِيئَا » [ روا مسلم ]

ودلّت السُنّة أيضاً على أن أعمال كُل عام تُرفع إلى الله عزّ وجلّ جُملة واحدة في شهر شعبان
عن أُسامة بن زيد ـ رضي الله عنهما ـ قال : قُلتُ : يا رسُول الله لم أَركَ تصُوم شهراً من الشهورِ ما تصوم من شعبان ؟!
قال : « ذلِك شهرٌ يغفل الناسُ عنهُ بين رجبٍ ورمضان ، وهو شهرٌ تُرفَعُ فيه الأعمالُ إِلى ربّ العالمين
فأحبُّ أن يُرفعَ عملي وأنا صائمٌ » [حسنه الألباني في صحيح الجامع ]


فتلخص من هذه النصوص أن أعمال العباد تُعرض على الله ثلاثة أنواع من العرض :
العرض اليومي ، ويقع مرتين كُل يوم
والعرض الأسبوعي ، ويقع مرتين أيضاً يوم الأثنين ويوم الخميس
العرض السنوي ، ويقع مرة واحدة في شهر شعبان

وممّا ذكرناه يتبيّن أنه لا مدخل لنهاية عام ينقضي ، أو بداية عام جديد ، بطَيِّ الصُّحف ، وعرض الأعمال على الله عزّ وجلّ
وإنما العرض بأنواعه التي أشرنا إليها ، قد حدّدت النصوص له أوقاتاً أخرى ، ودلّت النصوص أيضا على
هدي النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ في الإكثار من الطاعات في كُل الأوقات .

هذا والله أعلم وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين
وإلى لقاء قادم مع درس جديد كونوا بالقرب
نسأل الله أن ينفعا وإياكم بما قدّمنا وطرحنا ,وأن يُرينا الحق حقاً ويرزقنا إتباعه

ويُرينا الباطل باطلاً ويرزقنا إجتنابه



0 التعليقات:

إرسال تعليق