أن الحمد لله, نحمده, ونستعينه, ونستغفره,
ونعوذ بالله من شرور انفسنا, وسيئات أعمالنا,
من يهده الله فلا مضل له, ومن يضلل فلا هادي له,
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له,
وأشهد أن محمداً عبده ورسوله -صلى الله عليه
وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين,
وسلم تسليماً كثيراً, أما بعد :

اقدم لكم اليوم وقفات ونبذات مشرقة ببساطة من حياة الخلفاء الراشدين
-رضي الله عنهم- ونتعرف كيف كانوا وكيف ماتوا
والأهم كيف عاشوا.
حتى نتعلم العبر والدُرر من اقوال اصحاب خير البشر المصطفى المختار
صلوات ربي وسلامه عليه وعلى آله الاطهار وصحبه الابرار
ومن تبعهم باحسان الى يوم يبعثون.

كان للخلفاء الراشدين دورا بارزاً في تاريخ الأمة الأسلامية منذ ان بدأت الدعوة
الاسلامية, ابتداء بابي بكر وانتهاء بعلي -رضي الله عنهما-, وقد امر النبي
-صلى الله عليه وسلم- باتياع نهجهم والسير على خطاهم من بعده,
وقد نال الخلفاء الراشدون هذه الدرجة الرفيعة السامية في الاسلام وفي نفوس
الناس لمواقفهم العظيمة المباركة التي وقفوها لخدمة هذا الدين العظيم, فقد قال
الرسول -صلى الله عليه وسلم- : ( ... فعليكم بسُنتي وسنِة الخلفاءٍ المهديين
الراشدين تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ ... ).


هو عبد الله بن عثمان بن عامر بن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة بن كعب
بن لؤي القرشي التيمي .
يلتقي نسبه مع الرسول -صلى الله عليه وسلم- في مرة بن كعب, ولد ابو بكر الصديق
-رضي الله عنه- في مكة المكرمة, بعد مولد النبي بثلاث سنين أي بعد عام الفيل
بسنتين وستة أشهر.
كان أبو بكر رضي الله عنه أبيض نحيفاً , خفيف العارضين , معروق الوجه , ناتئ الجبهة ,
وكان يخضب بالحناء والكَتَم .وكان رجلاً اسيفاً أي رقيق القلب رحيماً .

فضله ومنزلته من الرسول -صلى الله عليه وسام- ...
كانت لابي بكر منزلة خاصة عند الرسول -صلى الله عليه وسلم-, فقد كان صاحب
ورفيق للرسول قبل البعثة وبعدها, وهو صهر النبي -صلى الله عليه وسلم- إذا تزوج
النبي -صلى الله عليه وسلم- من عائشة بنت أبي بكر -رضي الله عنهما, وهو اول
من اسلم من الرجال وأول الخلفاء الراشدين وأول المبشرين بالجنة,
وكان رضي الله عنه أحب الصحابة الى النبي وأحب الرجال للنبي
-صلى الله عليه وسلم- , عن عمر بن العاص -رضي الله عنه- : أن النبي
-صلى الله عليه وسلم- بعثه إلى جيش ذا السلاسل, قال: فأتيته فقلت: أي الناس
أحب أليك؟ فقال: عائشة, فقلت من الرجال: فقال: ابوها, فقلت ثم من؟ قال: عمر بن
الخطاب. فعد رجالا.
وسمي -رضي الله عنه- (الصديق), لانه بادر الى تصديق النبي -صلى الله عليه وسلم-
ليلة الاسراء والمعراج, فقيل له : إن صاحبك يزعم أنه أُسري به ، فقال : إن كان قال
فقد صدق.
ومن فضائله العظيمة هجرتوه مع النبي -صلى الله عليه وسلم- , حيث كان -رضي الله
عنه- ييمشي تارة امام النبي وتارة خلفه وتارة على يمينه واخرى على يساره خوفا
على النبي -صلى الله عليه وسلم-, وقد سجل له القرآن الكريم شرف صحبة النبي
-صلى الله عليه وسلم- في الهجرة, قال تعالى : (إذا أخرجهُ الذّين كفروا ثاني اثنين
إذا هم في الغار إذ يقُول لصاحبه لا تحزن إن الله معنا) التوبة\40.
وذكر ان رجالا على عهد عمر فضلوه على ابو بكر -رضي الله عنهما- ، فبلغ ذلك عمر
رضي الله عنه فقال : والله لليلة من أبي بكر خير من آل عمر ، وليوم من أبي بكر خير
من آل عمر ، لقد خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم لينطلق إلى الغار ومعه أبو بكر
، فجعل يمشي ساعة بين يديه وساعة خلفه , حتى فطن له رسول الله صلى الله
عليه وسلم فقال : يا أبا بكر مالك تمشي ساعة بين يدي وساعة خلفي ؟ فقال : يا
رسول الله أذكر الطلب فأمشي خلفك , ثم أذكر الرصد فأمشي بين يديك . فقال :يا أبا
بكر لو كان شيء أحببت أن يكون بك دوني ؟ قال : نعم والذي بعثك بالحق ما كانت
لتكون من مُلمّة إلا أن تكون بي دونك , فلما انتهيا إلى الغار قال أبو بكر : مكانك يا
رسول الله حتى استبرئ الجحرة , فدخل واستبرأ , قم قال : انزل يا رسول الله , فنزل
فقال عمر : والذي نفسي بيده لتلك الليلة خير من آل عمر.

من مواقفه المشرقة -رضي الله عنه-...
عندما جهر النبي -صلى الله عليه وسلم- بالدعوة, قام أبو بكر خطيبا, فكان أول
من دعا الى الله -عز وجل- في الاسلام بعد النبي -صلى الله عليه وسلم-, وكان
-رضي الله عنه اسرع الناس إسلاما وإقبالا على دين الله, قال -صلى الله عليه وسلم-:
(ما دعوت أحد إلى الإسلام إلا كانت له عنه كَبوَةٌ وترددٌ ونَظَرٌ إلا أبا بكر ما عَتَم عنه
حين ذكرته له وما تردد فيه).
فأخذ رضي الله عنه يدعوا إلا دين الله فأسلم على يديه ستة من عشرة من البشرين بالجنة
منهم عثمان بن عفان -رضي الله عنه- واسلم على يديه الكثير من الصحابة مثل
بلال بن الرباح -رضي الله عنه-.
ومن مواقفه المشرفة حينما تبرع بماله كله من اجل تجهيز جيش تبوك.
وبعد وفاة النبي -صلى الله عليه وسلم- بايع الصحابة ابا بكر بالخلافة, فقام
-رضي الله عنه- باعمال كثيرة منها:
قام رضي الله عنه بتجميع القرآن في مصحف واحد بعد ما كان متفرقا في عدة
مصاحف عند كتاب الوحي, حفظا له بعد استشهاد عدد كبير من حفاظ القرآن الكريم
وبخاصة في معركة اليمامة في حرب المرتدين.
إصراره رضي الله عنه على حرب المرتدين عن الاسلام وخاصة الذين انكروا الصدقة
والزكاة وفرقوا بينها وبين العبادات كالصلاة, فأكد رضي الله عنه ان الاسلام لا يتجزأ
ولا يتفرق ابدا.
ومن مواقفه -رضي الله عنه- تسيير جيش آسامة بن زيد الذي عقد لواءه النبي
-صلى الله عليه وسلم- وأمر الرسول -صلى الله عليه وسلم- بتسييره الى الروم
فمات الرسول -صلى الله عليه وسلم- قبل تسيره , فأمر ابو بكر -رضي الله عنه-
تسيير الجيش تنفيذا لامر المصطفى -صلى الله عليه وسلم- فكان بذلك زيادة لهيبة
المسلمين في نفوس الكفار والاعداء, وثبات للمسلمين على دينهم, وخرج ابو بكر
-رضي الله عنه- يودع أسامه بنفسه, فاوصاه كالاتي:
(أيها الناس, قفوا أوصيكم بعشر فاحفظوها عني: لا تخونوا ولا تغلوا ولا تغدروا
ولا تمثّلوا ولا طقتلوا طفلا صغيرا أو شيخا كبيرا ولا إمرأة, ولا تعقروا نخلا ولا تحرقوه
ولا تقطعوا شجرة مثمرة, ولا تذبحوا شاة ولا بقرة ولا بعيرا إلا لمأكلة, وسوف تمرون
بأقوام قد فرغوا أنفسهم في الصوامع فدعوهم وما فرغوا انفسهم له).

توفي -رضي الله عنه- يوم الاثنين في ليلة الثلاثاء بين المغرب والعشاء في تاريخ
22 من جمادى الآخرة سنة 13هـ, وعمره 63 سنة واختلف الرواة في موته أكان
من السم ام من البرد, حيث قيل انه والحارث -رضي الله عنهما- قد أكلوا من طعام من
أرز وقيل من حساء سمه عام, وقيل انه -رضي الله عنه- مات من البرد حيث قيل
انه -رضي الله عنه- مات في ايام كانت شديدة البرودة لدرجة انه لم يوئم بالمسلمين
13 يوما فامر عمر -رضي الله عنه- ان يوئم مكانه.
وما استوفيت ابا بكر حقه في هذه المقتطفات من سيرته بعد ما تعب المؤلفين
والمؤرخين في كتابة سيرته, فارضى اللهم عن ابي بكر وصلي وسلم على سيدنا
محمد والحمد لله رب العالمين.


الفاروق وما ادراك من هو, انه عمر بن الخطاب بن نفيل بن عبد العزى بن رباح بن عبد
الله بن قرط بن رزاح ابن عدي بن كعب العدوي القرشي, وهو من اشراف مكة ويلتقي
نسبه مع النبي عند الجد السابع ولد بعد حادثة الفيل بثلاث عشرة سنة.
وله رضي الله عنه ثلاث القاب وهي (ابا حفص والفاروق وامير المؤمنين), وقد سمي
ابا حفص نسبة الى ابنته حفصه -رضي الله عنهما-, ولقب الفاروق لعدله
-رضي الله عنه-, ولقب امير المؤمنين من قبل لبيد ابن ربيعه وعدي ابن حاتم
فبعد أن توفي النبي محمد -صلى الله عليه وسلم- خلفه أبو بكر -رضي الله عنه- وكان
يقال له خليفة رسول الله. فلما توفي أبو بكر بعد ان أوصى للخلافة
بعده لعمر بن الخطاب فقيل لعمر خليفة خليفة رسول الله فأعترض عمر على ذلك
قائلا: فمن جاء بعد عمر قيل له خليفة خليفة خليفة رسول الله فيطول هذا ولكن
اجمعوا على اسم تدعون به الخليفة يدعى به من بعده الخلفاء فقال بعض أصحاب
رسول الله نحن المؤمنون وعمر أميرنا, فدعي أمير المؤمنين.

فضله ومنزلته من الرسول -صلى الله عليه وسلم-...
عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- من السابقين الى الاسلام وهو من العشر المبشرين
بالجنة -رضوان الله عليهم- ويوصف بانه كان بأن الطول ( طويل جدا ) أذا رأيته يمشى
كأنه راكب, مفتول العضل ضخم الشارب أبيض مشرئب بحمره, حسن الوجه أصلع,
أذا مشى أسرع كأنما يدب الأرض وأذا تكلم أسمع.
وهو -رضي الله عنه- ثاني الخلفاء الراشدين, وهو صهر النبي -صلى الله عليه وسلم-
فهو والد أم المؤمنين حفصة -رضي الله عنهما-, ومن الاحاديث الدالة على مكانته
العلية في الاسلام , فعن عقبة بن عامر -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله
-صلى الله عليه وسلم- : (لو كان بعدي نبي لكان عمر بن الخطاب), وكذالك قول
النبي -صلى الله عليه وسلم- في سدادة رأي عمر, فعن ابي هريرة -رضي الله عنه-
قال: قال الرسول -صلى الله عليه وسلم- : (ان الله جعل الحق على لسان عمر وقلبه),
وهذا دلالة على عدل عمر وحسن سلوكه ومكانته الرفيعة السامية -رضي الله عنه-.
ويضا, فعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-
(لقد كان فيما قبلكم من الأمم محدثون فإن يك في أمتي أحد فإنه عمر).
وجاء ايضا في فضله, عن محمد بن سعد بن أبي وقاص عن أبيه -رضي الله عنهما-
قال: استأذن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- على رسول الله -صلى الله عليه وسلم-
وعنده نسوة من قريش يكلمنه ويستكثرنه عالية أصواتهن على صوته فلما استأذن
عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- قمن فبادرن الحجاب فأذن له رسول الله -صلى الله
عليه وسلم- فدخل عمر ورسول الله -صلى الله عليه وسلم- يضحك فقال عمر: أضحك
الله سنك يا رسول الله فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: عجبت من هؤلاء اللاتي كن
عندي فلما سمعن صوتك ابتدرن الحجاب فقال عمر -رض لله عنه-: أنت أحق أن يهبن يا
رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ثم قال عمر -رضي الله عنه-: يا عدوات أنفسهن
اتهبنني ولا تهبن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقلن: نعم أنت أفظ وأغلظ من
رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: يا ابن
الخطاب والذي نفسي بيده ما لقيك الشيطان سالكا فجا قط إلا سلك
فجا غير فجك.

من مواقفه المشرقة -رضي الله عنه-...
كان -رضي الله عنه- اول من جهر باسلامه حين طلب ذلك من النبي -صلى الله عليه
وسلم- ان يئذن له بالجهر باسلامه امام قريش, فاذن له النبي -صلى الله عليه وسلم-,
فعن عبد الله ابن مسعود -رضي الله عنه- قال: ما كنا نقدر ان نصلي عند الكعبة
حتى صلى عمر عندها وصلينا معه, فكان اسلامه -رضي الله عنه- فتحا وهجرته نصرا
وامارته رحمة, فمن مثل عمر في قوته, من مثل عمر في عدله, انه صحابي رسول الله
الا يكفي هذا لنحبه, هاجر -رضي الله عنه- امام قريش امام من توعدوا ولم يفعلوا
شيئا, انه عمر احد المبشرين بالجنة, حضر -رضي الله عنه- جميع غزوات النبي
-صلى الله عليه وسلم-, وكان من السباقين الى الجهاد في بالنفس والمال واللسان
ويشهد على ذلك حين تبرع بنصف ماله يوم تبوك.
انه عمر, الذي استكملت في عهده الفتوحات في العراق والشام ومصر وأذربيجان,
ودخل بيت المقدس مسالما في صلحا عام 15هـ, واستلم مفاتيها من حاكمها الروماني
وهناك شهد العالم العهدة العمرية, التي أمن فيها عمر -رضي الله عنه- على الرومان
الآمان على انفسهم واموالهم واولادهم ومعابدهم.
ولكثرة انجازاته عرفت هناك اشياء كان هو -رضي الله عنه- اول من قام بها, ومنها:
اول من سمى بأمير المؤمنين من الخلفاء, اول من وضع تأريخا للمسلمين (الهجري),
اول من عقد مؤتمرات سنويه للولاه لمحاسبتهم فى موسم الحج, اول من اتخذ الدره
و أدب بها, اول من عسعس فى الليل بنفسه, اول من مهد الطرق, اول من جمع
الناس على صلاه التراويح, اول من اعطى جوائر لحفظت القرأن الكريم, اول من أمر
بالتجنيد الأجبارى, اول من دون الدواوين, اول من أوقف فى الأسلام, فارضى اللهم عن
عمر.

استشهد -رضي الله عنه- غدرا وهو يصلي في الفجر على يد عبد مجوسي
اسمه فيروز, فطُعنْ ست طعنات -رضي الله عنه- ومات مستئثرا بها, وبعد ان ضربه
العلج الرومي جعل يضرب كل من في طريقه حتى كان قد ضرب 13 من المصلين, قتل
منهم 6, فألقى عليه عبد الله بن عوف برنسا, فانتحر المجوسي الكافر عليه غضب الله
ولعنته في الدنيا والآخرة.
وكان ذلك في السنة 23هـ, ودفن -رضي الله عنه- الى جانب اعز البشر اليه, محمد
-صلى الله عليه وسلم- وأبا بكر -رضي الله عنه-, فارضى اللهم عن عمر وابا بكر وصلي
وسلم على سيدنا محمد والحمد لله رب العامين.


ذو النورين وما يدريك فضله, هو عثمان بن عفان بن أبي العاص بن أمية بن عبد شمس
بن عبد مناف بن قصي بن شمس بن مرّة بن كعب الاموي القرشي, يكنى بابي عبد الله
ويلتقي مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في عبد مناف اي الجد الرابع, ولد بعد
عام الفيل بستة اعوام.
كان عثمان -رضي الله عنه- من السابقين الى الاسلام, حيث اسلم على يد ابى بكر
الصديق -رضي الله عنه- حين دعاوه للاسلام والى مقابلة الرسول -صلى الله عليه
وسلم- فقبل, وحين سمع كلام المصطفى -عليه الصلاة والسلام- بادر فورا الى الدخول
الى الاسلام, رضي الله عنه.
وهو من العشر المبشرين بالجنة, ويلقب بذو النورين لانه تزج اثنتين من بنات الرسول
-صلى الله عليه وسلم-, ومن اوال من هاجر الى الحبشة في هجرة الحبشة الاولى,
وكان حليما رقيقا ذا قلب عطوف, وكان الرسول -صلى الله عليه وسلم- قد استخلفه
على المدينة في غزوتين هما غزوته في ذات الرقاع وفي غطفان.

فضله ومنزلته من الرسول -صلى الله عليه وسلم-...
هو صهر النبي -صلى الله عليه وسلم-, وثالث الخلفى الراشدين واحد العشر المبشرين
بالجنة,عن أبي موسى الاشعري -رضي الله عنه- كنت مع النبي -صلى الله عليه و
سلم- في حائط من حيطان المدينة فجاء رجل فاستفتح، فقال النبي -صلى الله عليه و
سلم- : إفتح له و بشره بالجنة ففتحت له فإذا هو أبو بكر, فبشرته بما قال رسول الله,
فحمد الله. ثم جاء رجل فاستفتح, فقال النبي -صلى الله عليه و سلم- : إفتح له و
بشره بالجنة ففتحت له فإذا هو عمر, فأخبرته بما قال رسول الله, فحمد الله. ثم جاء
رجل فاستفتح, فقال لي: إفتح له و بشره بالجنة على بلوى تصيبه, فإذا عثمان.
فأخبرته بما قال رسول الله صلى الله عليه و سلم, فحمد الله ثم قال : الله المستعان.
وهو احد كتاب الوحي, كان حليما ذو صدر وسع -رضي الله عنه-, قال عنه النبي
-صلى الله عليه وسلم-: الا استحي من رجل تستحي منه الملائكة.

مواقف مشرقة من حياته -رضي الله عنه-...
عندما اسلم عثمان -رضي الله عنه- تعرض للاذى من عمه الحكم, ولكنه رضي الله عنه
صبر على ذلك, فكان يقول له عمه: ترغب عن ملة آبائك الى دين محدث؟ والله لا
ادعك حتى تدع ما انت عليه, فيرد عليه عثمان -رضي الله عنه- قائلا: والله لا ادعه
ابدا, ولا افارقه, فلما راى عمه صلابته في دينه تركه.
كان يضرب به المثل في كثرة تلاوة القرآن, وبشره النبي -صلى الله عليه وسلم- بالجنة
في اكثر من موقف, كان يبذل ماله في سبيل الله, فلقد انعم الله عليه بالاموال الكثيرة
فادى حق الله فيها, وانفقها في سبيل الله تعالى ونصرة دينه, قال -صلى الله عليه
وسلم-: من يحفر بئر رومة فله الجنة., فحفرها عثمان, وقال -صلى الله عليه وسلم-:
من جهز جيش العسرة وله الجنة, فجهزه عثمان, وجاء بالف دينار فوضعها في حجر
رسول الله -صلى الله عليه وسلم-, فقال: ما ضر عثمان ما فعل بعد اليوم.
ويوم الحديبية, بعث الرسول -صلى الله عليه وسلم- عثمان -رضي الله عنه- سفيرا
الى قريش يخبرهم انه لم ياتي للحرب, وانما جاء زائرا للبيت ومعظما لحرمته, فانطلق
عثمان حتى اتى قريش, فبلغهم رسالة الرسول -صلى الله عليه وسلم-, فقالوا لعثمان:
ان شئت ان تطوف بالبيت فطف, فقال: ما كنت لافعل حتى يطوف به رسول الله -صلى
الله عليه وسلم-, وذلك اجلالا وتوقيرا للرسول -صلى الله عليه وسلم-.
وقد تبرع عثمان في عام المجاعة في خلافة عمر بقافلته التجارية جميعها القادمة من
بلاد الشام الى فقراء المسلمين, ورفض ان يبعها للتجار الذين عرضوا عليه ربحا كبيرا
رغبة في ما عند الله من الثواب يوم القيامة.
وبعد وفاة عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- بويع عثمان -رضي الله عنه- بالخلافة
وتحققت في خلافته الكثير من الانجازات, فقد فتحت في ايامه أرمينية والقوقاز وخراسان
وكرمان وسجستان وقبرص وغيرها, وامر بنسخ القرآن الكريم, فنسخ المصحف الذي
جمعه أبو بكر الصديق -رضي الله عنه- سبع نسخ, وزعها على الامصار وابقى في
المدينة المنورة واحدة منها, وهو اول من امر بالاذان الاول يوم الجمعة, واتخذ الشرطة,
وخصص دار للقضاة, وامر بتوسعة المسجد النبوي الشريف.

استشهد عثمان -رضي الله عنه- سنة خمس وثلاثين للهجرة وهو صائم, ودفن
في البقيع رضي الله عنه, وذلك نتيجة مؤامرة تمكن فيها عددا من الاشخاص من قتله
في بيته وهو صائم يقرا القران.


علي بن ابي طالب بن عبد المطلب ابن عم الرسول -صلى الله عليه وسلم-, يكنى ابا
الحسن, ولد قبل البعثة بعشر سنين, كان يلقب حيدرة (من اسماء الاسد), وكناه
الرسول بابا تراب.

فضله ومنزلته من الرسول -صلى الله عليه وسلم-...
اول من اسلم بعد خديجة وهو ابن عشر سنين, وهو صهر النبي -صلى الله عليه
وسلم-, فقد اختاره النبي -صلى الله عليه وسلم- زوجا لابنته فاطمة -رضي الله عنهما-,
والتي انجبت له الحسن والحسين -رضي الله عنهما- وهو احد العشر المبشرين بالجنة,
واحد كتاب الوحي, ورابع الخلفاء الراشدين.
نشا على -رضي الله عنه- وتربى منذ صعره في بيت الرسول -صلى الله عليه وسلم-,
لكثرة عيال ابيه, كان من احب الرجال الى الرسول -صلى الله عليه وسلم-, وزوجه
ابنته فاطمة وهي من احب بناته اليه.
وقد اخذ الرسول رداءه فوضعه على علي وفاطمة والحسن والحسين -رضي الله عنهم-
وقال: (انما يريد الله ليذهب عنكم الرجس اهل البيت).
ويوم تبوك استخلف النبي -صلى الله عليه وسلم- عليا على المدينة, فقال علي:
اتخلفنيرفي الصبيانوالنساء؟ قال -صلى الله عليه وسلم-: (الا ترضى ان تكون مني
بمنزلة هارون من موسى؟ الا انه ليس نبي بعدي). وكان هارون وزيرا لموسى -عليه
السلام-, يساعده في حمل الدعوة وتبليغها للناس.
وكان -رضي الله عنه- زاهذا في الدنيا, يحرص ان يكون طعامه وشرابه وملبسه حلالا,
ولا ياخذ من هذا الحلال الا ما يحتاج ولا يزيد.

مواقف مشرقة من حياته -رضي الله عنه-...
لما اراد الرسول -صلى الله عليه وسلم- ان يهاجر الى المدينة ابقى عليا في فراشه
-رضي الله عنه- حتى يرد الامانات الى اهلها, وهذا يدل على شدة حبه للرسول -صلى
الله عليه وسلم- وتضخيته في سبيل دينه وشجاعته -رضي الله عنه-,وكان من المتوقع
ان يقتله المشركون لكن هذا لم يفت في عضده -رضي الله عنه-, وبعد ان ادى
الامانات الى اهلها مكث في مكة ثلاثة ايام, ثم هاجر الى المدينة ماشيا. وقد كان
علي -رضي الله عنه قائدا مغوارا ومحاربا شجاعا, شهد الغزوات كلها الا تبوك, حيث
استخلفه النبي -صلى الله عليه وسلم- على المدينة, وحمل الراية اكثر من مرة
في الغزوات وابلى فيها بلاء حسنا, ففي بدر كان من الثلاثة الذين اختارهم الرسول
-صلى الله عليه وسلم- للمبارزة, ويوم خيبر قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (لاعطين
الراية غدا رجلا يفتح الله على يديه, يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله). فبات
الناس ليلتهم ايهم يعطى الراية فغدوا كلهم يرجونه, فقال -صلى الله عليه وسلم- اين
علي؟ فاعطاه الراية, وقال له: (اُنفذ على رسلكختى تنزل بساحتهم, ثم ادعهم الى
الاسلام, واخبرهم بما يجب عليهم, فوالله لان يهدي الله رجلا بك خير لك من ان
يكون لك حمر النعم)), فانطلق علي حتى فتح الله على يديه هذه الحصون.
وقد اشتهر علي بالفصاحة والبلاغة وله اقوال جميلة ومواعظ كثيرة, منها انه قال:
((الا ان الفقيه الذي لا يقنط الناس من رحمة الله, ولا يؤمنهم من عذاب الله, ولا
يرخص لهم في معاصي الله, ولا يدع القرآن رغبة عنه الى غيره, ولا خير في عبادة لا
علم فيها, ولا خير في علم لا فهم فيه, ولا خير في قراءة لا تدبر فيها)).
واهم ما يدعو اليه هنا هو اخذ العلم بفهم والدعوة اليه بحكمة, وان يؤدي العلماء
ادوارهم في المجتمع الاسلامي على احسن وجه.
وبعد استشهاد عثمان -رضي الله عنه- لم يكن علي راغبا في الخلافة, لكن الصحابة
اصروا على مبايعته, فاستجاب لهم, ولكنه اشترط ان تكون البيعة علانية وفي المسجد.

استشهد -رضي الله عنه- على يد رجل حاقد من اهل الضلال يدعى عبد الرحمن بن
ملجم, قام الى علي وقد خرج الى صلاة الصبح فضربه بالسيف في جبهته فاستشهد
-رضي الله عنه- على أثرها, وكان ذلك سنة اربعين للهجرة, فكانت خلافته قريبا من ست
سنوات, ودفن -رضي الله عنه- في الكوفة وعمره 63 سنة.

كتابة : abuabd93
تنسيق : abuabd93
فواصل : abuabd93
تدقيق : abuabd93


0 التعليقات:
إرسال تعليق