الحمد لله رب العالمين وبه نستعين على أمور الدنيا والدين، والصلاة والسلام على
أشرف الأنبياء والمرسلين، وعلى آله
وسائر صحابته الطيبين، وعلى التابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد:

أخواني واخواتي ادرين مراقبين مشرفين اعضاء وزوار المنتدى
ففي العشر الأواخر من رمضان يقبل بعض الصائمين على الاعتكاف في المساجد،
وهذا من أروع معالم إحياء السنن وشعائر الدين، ولهذا يجدر أن نحيط القارئ علمًا
بشيء من أحكام الاعتكاف، مع قراءة لبعض كلام أهل العلم رحمهم الله تعالى، لنبدأ
بتعريف الاعتكاف لغة واصطلاحًا:

لغة: يقال: عَكَف على الشيء يَعْكُفُ ويَعْكِفُ عَكْفًا وعُكوفًا: أَقبل عليه مُواظِبًا لا يَصْرِفُ
عنه وجهه. وقيل: أقام. ومنه قوله تعالى: {يَعْكُفُونَ عَلَى أَصْنَامٍ لَهُمْ} [الأعراف: 138]؛
أَي: يُقيمون. ومنه قوله تعالى: {ظَلْتَ عَلَيْهِ عَاكِفًا} [طه: 97]؛ أَي مُقيمًا، وأيضًا
بمعنى: لزم المكان. والعُكُوفُ: الإقامةُ في المسجد، قال الله تعالى: {وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ
فِي الْمَسَاجِدِ} [البقرة: 187]. قال المفسرون وغيرهم من أَهل اللغة: عاكِفون:
مُقيمون في المساجد لا يخْرُجون منها إلا لحاجة الإنسان، يُصلِّي فيه ويقرأُ القرآن.
ويقال لمن لازَمَ المسجد وأَقام على العِبادة فيه: عاكف ومُعْتَكِفٌ، والاعْتِكافُ والعُكوف:
الإقامةُ على الشيء وبالمكان ولزُومهم.
اصطلاحًا: هو المكث في المسجد من شخص مخصوص بصفة مخصوصة.

هو سنة مؤكدة لما ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه كان يعتكف في
رمضان، من ذلك ما ورد عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ -رضي الله عنهما- قَالَ: "كَانَ رَسُولُ اللَّهِ
عليه الصلاة والسلام يَعْتَكِفُ الْعَشْرَ الأَوَاخِرَ مِنْ رَمَضَانَ".
وإذا نذر به المسلم وجب عليه الوفاء به، لما ثبت عَنْ ابْنِ عُمَرَ -رضي الله عنهما- أَنَّ
عُمَرَ سَأَلَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "كُنْتُ نَذَرْتُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ أَنْ أَعْتَكِفَ لَيْلَةً
فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ. قَالَ: فَأَوْفِ بِنَذْرِكَ".
قال الإمام النووي: الاعتكاف سنة بالإجماع، ولا يجب إلا بالنذر بالإجماع، ويستحب
الإكثار منه، ويستحب ويتأكد استحبابه في العشر الأواخر من شهر رمضان.
قال ابن المنذر: أجمع أهل العلم على أن الاعتكاف سنة لا يجب على الناس فرضًا، إلا
أن يوجب المرء على نفسه الاعتكاف نذرًا، فيجب عليه.
ومما يدل على أنه سنة: فعل النبي عليه الصلاة والسلام ومداومته عليه؛ تقربًا إلى
الله تعالى، وطلبًا لثوابه، واعتكاف أزواجه معه وبعده. ويدل على أنه غير واجب: أن
أصحابه لم يعتكفوا، ولا أمرهم النبي صلى الله عليه وسلم به إلا من أراده.
ويمكن أن يكون الاعتكاف في غير رمضان، لكنه فيه آكد، وهنا يمكن لسائلٍ أن يسأل:
هل الصوم شرط في صحة الاعتكاف أم لا؟
القول في هذه المسألة على قولين عند أهل العلم:
القول الأول: أن الصوم ليس بشرط لصحة الاعتكاف، بل يصح اعتكاف الفطر، وهذا
مذهب الشافعي وأصحابه وموافقيهم، وهو أصح الروايتين عن أحمد، قال ابن المنذر:
وهو مروي عن علي وابن مسعود. واحتجوا باعتكافه صلى الله عليه وسلم في
العشر الأول من شوال، وبحديث عمر -رضي الله عنه- قال: يا رسول الله، إني نذرت
أن أعتكف ليلة في الجاهلية، فقال: "أوف بنذرك".
والليل ليس محلاًّ للصوم، ولو كان الصوم شرطًا لما صح اعتكاف الليل؛ لأنه لا صيام
فيه، ولأنه عبادة تصح في الليل، فلم يشترط له الصيام كالصلاة، ولأنه عبادة تصح
في الليل، فأشبه سائر العبادات، ولأن إيجاب الصوم حكم لا يثبت إلا بالشرع، ولم يصح
فيه نص ولا إجماع، فدل على أنه ليس بشرط لصحة الاعتكاف.
القول الثاني: أنه يشترط في الاعتكاف الصوم، فلا يصح اعتكاف مفطر، واحتجوا
بالأحاديث الدالة على اعتكاف النبي صلى الله عليه وسلم في العشر الأواخر من
رمضان، وبهذا قال مالك وأبو حنيفة، وبه قال ابن عمر وابن عباس وعائشة وعروة بن
الزبير والزهري والأوزاعي والثوري وأحمد وإسحاق في رواية عنهم.
وهنا نقف وقفة مع زمان الاعتكاف ومكانه:
أما الزمان فليس عند الشافعي زمان مقدر، وهو المشهور عن أحمد، وعن أبي حنيفة
روايتان: إحداهما يجوز بعض يوم، والثانية لا يجوز أقل من يوم، وهذا مذهب مالك.
وأما المكان فلا يصح الاعتكاف في غير مسجد إذا كان المعتكف رجلاً بالإجماع،
والأفضل أن يكون المسجد جامعًا؛ لأن الجماعة واجبة كما في مذهب أحمد وغيره،
واعتكاف الرجل في مسجد لا تقام فيه الجماعة يفضي إلى أحد أمرين: إما ترك
الجماعة الواجبة، وإما خروجه إليها، فيتكرر ذلك منه كثيرًا مع إمكان التحرز منه، وذلك
منافٍ للاعتكاف؛ إذ هو لزوم المعتكف والإقامة على طاعة الله فيه. وهذا في حق من
يرى وجوب الجماعة، وأما من يرى عدم وجوبها فيشترط كون المسجد تقام فيه
الجمعة، ويُجَوِّز في غيره إن لم يتخلل اعتكافه جمعة كالشافعي وغيره من أهل
العلم. وهذا غير مُسلَّم به؛ لما ورد من الأخبار في ذلك؛ ولأن الجمعة لا تتكرر، فلا يضر
وجوب الخروج إليها،.

القول الأول: إذا كان المعتكف سيعتكف العشر الأواخر من رمضان فيدخل قبل غروب
الشمس من يوم العشرين من الشهر، وهذا قول مالك وأبي حنيفة وأصحابه.
القول الثاني: يدخل فيه قبل طلوع الفجر من يوم الحادي والعشرين ليلة الحادي
والعشرين، وهو ظاهر كلام أحمد.

1- لا يجوز للمعتكف أن يخرج من المسجد لغير عذر، لما روي عن عَائِشَةَ -رضي الله
عنها- زَوْجَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَتْ: "وَإِنْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه
وسلم لَيُدْخِلُ عَلَيَّ رَأْسَهُ وَهُوَ فِي الْمَسْجِدِ فَأُرَجِّلُهُ، وَكَانَ لا يَدْخُلُ الْبَيْتَ إِلاَّ لِحَاجَةٍ إِذَا
كَانَ مُعْتَكِفًا". والمراد بحاجة الإنسان البول والغائط، قال ابن المنذر: أجمع أهل العلم
على أن للمعتكف أن يخرج من معتكفه للغائط والبول.
فإن خرج من غير عذر بطل اعتكافه عند أبي حنيفة ومالك وأحمد والشافعي، وقال أبو
يوسف ومحمد بن الحسن: لا يبطل حتى يكون خروجه أكثر من نصف يوم. وأما خروج
النبي عليه الصلاة والسلام ليقلب صفية إلى بيتها فيحتمل أنه لم يكن له بد؛ لأنه كان
ليلاً فلم يأمن عليها. ويحتمل أنه فعل ذلك لكون اعتكافه تطوعًا، له ترك جميعه، فكان
له ترك بعضه؛ ولذلك تركه لما أراد نساؤه الاعتكاف معه.
2- والخروج لحضور صلاة الجمعة واجب بالإجماع، ولو خرج هل يبطل أم لا؟ فيه قولان:
الأول: يبطل، وهو قول مالك، وأصح قولي الشافعي إلا إن شرطه. والثاني: لا يبطل،
وهو قول أبي حنيفة وأحمد.
وهناك أمور تفسد الاعتكاف عند بعض المذاهب مثل السُّكِر والجنون والإغماء أيامًا،
وأيضًا بطلان الصوم عند من يراه شرطًا للاعتكاف.
وأما الاشتراط للخروج من الاعتكاف، فقال مالك: لا يكون في الاعتكاف شرط. وأجازه
غيره من أهل العلم.

ويستحب للمعتكف أن يكثر من الصلاة والقراءة، والذكر والاستغفار والدعاء، وهذا كله
باتفاق العلماء، وأما الاشتغال بالتدريس والإقراء فقال مالك وأحمد: لا يستحب. وقال
أبو حنيفة والشافعي: يستحب. وكأن وجه ما قاله مالك وأحمد: أن الاعتكاف حبس
النفس وجمع القلب على نفوذ البصيرة في تدبر القرآن ومعاني الذكر، فيكون ما فرق
الهمة وشغل البال غير مناسب لهذه العبادة.

الاعتكاف سنَّة مؤكدة، وهدي نبوي فاضل، التزمه رسول الله صلى الله عليه وسلم
حتى مات، كما حدثتنا بذلك عائشة رضي الله عنها، واعتكف أزواجه من بعده، وأصل
ذلك في صحيح مسلم وغيره.
كما اعتكف أصحابه معه وبعده، ودرج على ذلك العلماء والعبَّاد والزهَّاد وطلاب الآخرة.
والاعتكاف المسنون هو اعتكاف الروح والجسد إلى جوار الرب الكريم المنان في خلوة
مشروعة تتخلص النفس من أوضار المتاع الفاني، واللذة العاجلة، وتبحر الروح في
الملكوت الطاهر؛ طالبةً القرب من الحبيب مالك الملك، ملتمسة لنفحاته المباركات.
الاعتكاف المسنون هو الخلوة الصادقة مع الله تفكرًا في آلائه ومننه وفضائله،
واعترافًا بربوبيته وإلهيته وعظمته، وإقرارًا بكل حقوقه، وثناء عليه بكل جميل ومحمود.
الاعتكاف المسنون قيام وذكر وقراءة قرآن، وإحياء لساعات الليل بكل طيب وصالح من قول وعمل.
لقد أصاب الاعتكاف من بركات الصحوة، وأصابت الصحوة من بركات الاعتكاف، فأحيا
الأخيار سنة الاعتكاف بعد أن عطلت ونُسيت دهرًا طويلاً.
بيد أن هذا الاعتكاف كاد أن يخرج عن إطاره المشروع، وهدفه السامي لدى البعض،
ومن ثَمَّ قلَّت منافعه وانحسرت فوائده، فمن ذلك:

وكلنا يعلم أن الرياء والسمعة مبطلان للعمل، وهو ضرب من الشرك الخفي الذي حذر
منه نبينا صلى الله عليع وسلم
فكثيرًا ما يجاهر بعضنا باعتكافه بلا مناسبة، وكان حق هذا العمل الصالح الاجتهاد في
إخفائه عمَّن لا يعلم به على الأقل.

فقد يجتمع في المعتكف أشخاص كثيرون، وربما بعضهم يعرف بعضًا، فيجلس بعضهم
إلى بعض يتجاذبون أطراف الأحاديث والمناقشات وغيرها يقطعون بها الوقت، وفي
ذلك حرمان لكل واحد منهم من الخلوة بالنفس والقرب من الرب والتفرُّغ للعبادة، وكلها
مقاصد كبرى للاعتكاف.

وأعجب من الفقرة السابقة، الاتصالات الهاتفية عبر الجوال، حيث يتَّصل المعتكف بكل
معارفه وأصدقائه، ويسألهم ويسألونه عن الصغير والكبير والجليل والحقير من الأمور
ويتبادلون المزاح، والطُّرَف والمُلَح، فأين هؤلاء من قول عائشة -كما في صحيح
مسلم- أنها كانت تدخل البيت للحاجة والمريض فيه فلا تسأل عنه إلا وهي مارَّة إذا
كانت معتكفة؟!

للاعتكاف ثمراته وفوائده العديدة والمتنوعة، وقد سنَّ لنا النبي صلى الله عليه وسلم
الاعتكاف في العشر الأواخر من رمضان رغبةً في الأجر والقرب من الله تبارك وتعالى؛
ولذلك كانت السيدة عائشة -رضي الله عنها- تقول: "كان النبي صلى الله عليه وسلم
إذا دخل العشر شد مئزره، وأحيا ليله، وأيقظ أهله". ويمكن أن نُجمِل الفوائد والثمرات
المترتبة على الاعتكاف فيما يلي:
1- تربية النفس على الإخلاص في العبادة، وترك الرياء جملة؛ لأن المعتكف يعبد الله
في معتكفه خاليًا لا يراه من الناس إلا القلة، وقد لا يراه أحد؛ فيكون هذا أدعى إلى
إخلاصه في عبادته، والتخلص من آفة الرياء.
2- التخفف من ضغوط الحياة؛ فإن من فوائد الاعتكاف أنه خلوة علاجية، يهدئ فيها
المعتكف من روعه، ويتخفف من ضغوط حياته ومشاغله، ويقلل من انفعالاته الضارة،
وهو ما يؤكده بعض الأطباء.
3- التربية على التخلص من فضول الكلام والثرثرة، وفضول النوم، وفضول الطعام
والشراب، وكثرة الخلطة؛ لأن كل ذلك مكروه للمعتكف.
4- الإقبال على العبادة وتعويد النفس عليها؛ بما أن المعتكف منقطع للعبادة بصورها
المختلفة، ومتفرغ للقيام بها كل التفرغ.
5- تقوية الصلة بالله سبحانه؛ بما أن المعتكف يناجي الله سبحانه ويدعوه، ويتأمل في
خلقه، ويعبده بإقبال قلب وفراغ نفس.
6- استثمار الوقت فيما يرجع على الإنسان بالنفع العميم في الدارين، وتعويد الإنسان
على عدم إضاعة الوقت فيما لا طائل تحته؛ لأن المعتكف المنقطع لله سبحانه
ولعبادته، مستثمر لوقته أفضل أنواع الاستثمار، ومحرز لوقته عن تضييعه فيما لا يفيد
ولا يجدي.
7- تربية النفس على تحمل الشدائد، والصبر على الطاعة، والخشونة في العيش؛ لما
قلناه من أن المعتكف يُكره له الترفه والتعطر، ولبس فخيم الثياب. ويستحب له الإكثار
من العبادات بألوانها المختلفة، والصبر على أدائها، والقيام بكلفتها.
8- الابتعاد عن الشواغل والصوارف التي تشغل الإنسان عن العبادة، وتصرفه عنها،
وتجعله كالمستهلك في المعاش وتحصيل أسبابه.
9- التعود على استعمال العقل استعمالاً مفيدًا؛ وذلك حين يقوم المعتكف بعبادة
التفكر في ملكوت الله سبحانه، والتأمل في مخلوقاته، وإدراك عظمته وربوبيته.
10- طرح مادية الحياة، والاسترواح إلى نفحات الإيمان ومباهج الأنس بالله ومسرات
الخلوة به؛ فهذا -ولا شك- من أعظم فوائد الاعتكاف وثمراته. وإذا كان مسوِّغ الناس
في الانصراف عن إحياء سنة الاعتكاف الميتة كثرة مشاغلهم وأعمالهم الدنيوية، فإن
هذا -في الصحيح- ينبغي أن يكون مسوغ انصرافهم إليه، لا انصرافهم عنه؛ لأن
الإنسان بقدر استغراقه في الدنيا وماديتها، يكون احتياجه إلى ما يدفع عنه ضرر ذلك
من الروحانيات والصفاء والاشتغال بأمر الآخرة. بل إن من العجيب أن الإنسان اليوم إذا
كثرت أعماله ومشاغله فإنه يتحرى أن يفرغ نفسه مدة من الزمن لقضاء عطلة يروِّح
فيها عن نفسه.. فلا أدري كيف يفرغ نفسه للعطلة من الدنيا في الدنيا، ولا يفرغ نفسه
للعطلة من الدنيا فيما وراءها من أمر الآخرة؟!
11- ترك المعاصي أو التقليل منها؛ وذلك بأن يكون المعتكف منقطعًا إلى الله سبحانه،
منكفًّا عن مقارفة ما قد يقارفه من المعاصي في معاشه؛ فإن العبد لا يخلو عن
مقارفة شيء من المعاصي في حياته ومعاشه، ولو من نحو الغيبة والنميمة
ومشاهدة ما لا تجوز مشاهدته من المسلسلات والأفلام، وغير ذلك مما استهان
الناس فيه وهو محرم.
12- إدراك ليلة القدر والتعرض لنفحات الله فيها؛ فإن من فائدة تخصيصه صلى الله
عليه وسلم العشر الأواخر من رمضان بالاعتكاف، وكون الاعتكاف فيها لذلك سُنَّة
مؤكدة، أن تلك العشر الأواخر هي مظنة ليلة القدر؛ لقوله صلى الله عليه وسلم:
"التمسوها في العشر الأواخر، في الوتر". بل إن النبي صلى الله عليه وسلم اعتكف
مرة شهر رمضان كله؛ التماسً ا لليلة القدر قبل أن يوحى إليه أنها في العشر الأخير،
وذلك حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، أن النبيصلى الله عليه وسلم: "اعتكف
العشر الأول من رمضان، ثم اعتكف العشر الأوسط، ثم أَطْلَعَ رأسه فكلم الناس فدنوا
منه، فقال: إني اعتكفتُ العشر الأول ألتمس هذه الليلة، ثم اعتكفت العشر الأوسط،
ثم أُتِيتُ فقيل لي: إنها في العشر الأواخر، فمن أحبَّ منكم أن يعتكف فليعتكف.
فاعتكف الناس معه...".
وبالجملة فإذا كان المعتكف يقضي مدة اعتكافه في الذكر والدعاء والصلاة ونحو ذلك،
فقد أدرك من ليلة القدر مغانمها وتعرَّض لنفحات الله فيها، وأصاب منها ما أصاب، وهذا
من أعظم الفوائد، وأبلغ الثمرات.
13- إحياء سنة ميتة، مع ما في إحياء السنن الميتة من الأجر والمثوبة؛ فإن الاعتكاف
-وبخاصة في الماضي القريب- كان نادرًا لا يفعله إلا كبار السن، وهو اليوم قليل وإن
لم يكن نادرًا. بل إن الإمام الزهري تعجب من ترك المسلمين للاعتكاف في زمنه في
القرن الخامس الهجري، وذلك قوله رحمه الله: "عجبًا للمسلمين! تركوا الاعتكاف مع
أن النبي صلى الله عليه وسلمما تركه منذ قدم المدينة حتى قبضه الله جل وعلا".
14- تحصيل الكرامة عند الله سبحانه: بمجاورته، وزيارة بيته، والإقامة فيه مدة؛ فإن
المعتكف مجاور لله سبحانه، وهو في اعتكافه في المسجد -الذي لا يصح الاعتكاف
إلا فيه- زائر لبيت الله سبحانه وضيف عليه، وقد قال صلى الله عليه وسلم: "حق
على المزور أن يكرم زائره".كما أن المعتكف قد جعل المسجد بيته باعتكافه فيه، وقد
قالصلى الله عليه وسلم: "إن الله جل وعلا ضمن لمن كانت المساجد بيته، الأمن
والجواز على الصراط يوم القيامة.
الخاتمة
أخواتي بادرو بإحياء هذه السنة ونشرها بين أهلك وأقاربك وبين إخوانك وزملائكوفي
مجتمعك ، لعل الله أن يكتب لك أجرها وأجر من عمل بها .
فقد أخرجالترمذي وحسنه من حديث كثير بن عبد الله عن أبيه عن جده ( أن النبي
صلى الله عليهوسلم قال لبلال بن الحارث : اعلم ، قال : ما أعلم يا رسول الله ؟ قال :
إنه من أحياسنة من سنتي قد أميتت بعدي كان له من الأجر مثل من عمل بها من
غير أن ينقص منأجورهم شي) .

كتابة : &..Raseel...&
تنسيق : Ŧнe ρuйisнěr
تدقيق : &..Raseel...&
تصميم الفواصل : Moon
برعاية فريق : إبتسم الدعوي

0 التعليقات:
إرسال تعليق