الجزء الثاني من رواية نداء البراري ::. قانون البراري

Icon32 ♦►╠الجزء الثاني من رواية نداء البراري ::. قانون البراري╣◄►╠بقلم Elite Master ∴ برعاية ™KATCH╣◄♦





السلام عليكم و رحمة الله و بركاته ...

كيف أحوالكم إخواني أعضاء و زوار المنتدى الكرام ؟ ... إن شاء الله تكونون بأتم الصحة و العافية

أسأل الله أن يرزقكم الفردوس الأعلى من الجنة و يزوجكم من الحور العين ما تشائون

قبل أن أبدأ لا بد من ذكر شئ مهم متعلق بهذا الموضوع

هذه القصة مترجمة من الانجليزية ، و الصياغة العربية صياغة خاصة بي حصرياً

فقط لمنتدانا الغالي انميات





الصياغة اللفظيـة العربيـــة للقصــة ::. Elite Master

تنسيق الموضوع و التدقيق الإملائي ::. Elite Master

إبداع الفواصــل للمبــدع الأخ الكريم ::. lord ahmad

هذا الموضوع تحت رعاية ::.
KATCH


أشكر أخي الحبيب لورد أحمد على تصاميمه الرائعة






موضوع اليوم ، أظهر فيه بمظهر لم أظهر به من قبل

فقد عهدتم Elite Master كاتباً في المنتدى الإسلامي ، كلامه كله حلال و حرام

لكن ديننا أيضاً يأمرنا بالترويح ، ساعة و ساعة .. فهذا نتعبد الله به و ذلك نتعبد الله به أيضاً

موضوع اليوم رواية لكاتب أمريكي اسمه جاك لندن

و كما عرفتم من عنوان الموضوع ، فاسم الرواية هو ::.
نداء البراري

و القصة تعرض لفترة من حياة حيوان خلقه الله و سخره للإنسان و هذا أمر لا مراء فيه

لكن الكاتب يعرض للقصة من وجهة نظر الحيوان نفسه

من وجهة نظر سوء المعاملة التي قد يلقاها الحيوان من الإنسان

و المصاعب و المشاق التي يمر بها هذا الحيوان

و لقراءة الجزء الأول من الرواية بعنوان رحلة إلى الشمال

من هنــــــــــــــا






كان أول يوم لـ باك في هذه البلاد الجديدة كالحلم السيء

نعم لم تكن كابوساً ، إلا أن هذه الأيام كذلك لم تكن أياماً سعيدة أبداً ، فكانت كل ساعة مليئة

بالمفاجآت الجديدة ، لقد ألقو به بغتة في قلب عالم جديد لم يعش فيه من قبل ، لم تكن حياة استرخاء أو كسل

لم تكن أياماً تُقَبِّلها الشمس بقبلة حانية
، بل إنها لم يكن فيها أي قدر من الراحـة ، بل لم يكن فيها قدر كافٍ من

الســـلامة و الأمـان و كان واجباً عليه أن يكون متيقظـاً دائم الحذر ، آخذاً الحيطة من كل ما حـوله

حتى رفاقه أو مَن يعملون معه كان عليه أن يكون دائماً على حذر منهم لأن هذه الكِلابَ

أو هؤلاء الرجال ليسو كِلاباً مدنيين أو رجـالاً مدنيين
بل كانو جميعهم متوحشـين عنيفين

لا يعـــرفون ســوى قانون واحد قانون القوة .. قانون البقاء للأقوى .... إنه قانون البراري

لم ير باك قَطُّ كِلاباً تتقاتل مع بعضها مثلما تتقاتل تلك الكِلاب الذئبية الضارية

فقد علمته تحربته الأولى مع الرجل ذي الهراوة درساً لن ينساه أبداً



عسكر فرانسوا و بيرلوت قرب مخزن خشبي كبير

و ذهبت كيرلي بطريقتها الودودة قرب كلب كبير و فجأة انقض عليها الكلب الكبير

و سمع باك صوت احتكاك لأسنان تتقابل ، ثم قفز الكلب الكبير متراجعاً و ترك وجه كيرلي مفتوحاً

من العين إلى الفم ...
هذه طريقة الذئب في القتال ، يضرب و يقفز متراجعاً و لم ينته الأمر عند هذا

إذ ركض ثلاثــون أو أربعــون كَلباً إلى المكــان
و وقفو حول الكلبين في حلقة صامتــة متلهفـة

لكن باك لم يفهم هذا التلهف الصامت ، و لم يفهم حتى الطريقة التي تتحرك بها

ألسنة هذه الكِلابَ المتحلقة حول الكلبين المتقاتلين

اندفعت كيرلي نحو الكلب الكبير الذي ضربها ثانية و قفز جانباً ثم أوقفها بعد ذلك

في اندفاعها التالي بصدره بطريقة في منتهى الغرابة
لكنها جعلت كيرلي ترتطــم بالأرض

في سقطـة لم تقم على قدميها بعــدها أبداً ، و ما لبثت الكِــلابُ بعد سقــوطها إلا

و أخذت تتقافز فوقها في ضجة هائلة و هم ينبحون و يزمجرون

حدث كل هذا أمام ناظري باك ، و كانت هذه الواقعة أشبه بالصدمة غير المتوقعة ،

و جعلت تسمر باك في مكانه مندهشاً ، و نظر فوجد سبيتز ضاحكاً
، ثم التفت فوجد فرانسوا يؤرجح فأسه

و ينطلق إلى جمهرة الكِلابِ تلك و يساعده ثلاثة رجال بهراواتهم لتفريق الكِلابِ ... لم يستغرق الأمر منهم كثيراً

فتفرقت الكِلاب جميعها في غضون دقيقتين فقط ، لكن باك نظر فوجد كيرلي راقدة على الأرض غارقة في

دمائها بلا حراك
فوق الثلج الأبيض المغطى بلون دمها الأحمر المتناثر حولها في بقعة كبيرة

كان هذا المنظر كثيراً ما يعود لـ باك ليزعجه في أحلامه و يقلق منامه

فعرف أن هذه هي الحياة التي هو مقبل عليها ...

لا مكان للَعب مشروع ، لا بد أن يَأكل قبل أن يُؤكل ، وأن تكون له اليد العليا دائماً

و ألا يسمح لأحد أن ينال منه و لو مرة واحدة ، لأنه لو سقط مرة ... فستكون الأخيرة له و لن يقف بعدها

فهم باك من هذا أنه لا بد له أن يعمل على ألا يسقط أبداً ؛ على ألا يكون قابلاً للهزيمة

و نظر فوجد سبيتز يضحك مرة أخرى ،

و منذ تلك اللحظة .. شعر باك بكراهية شديدة تجاه القائد سبيتز ...



بعد تلك الحادثة المفاجأة ... تلقى باك مفاجأة أخرى لم يكن يتوقعها أبداً ..

في صباح اليوم التالي ؛ فوجئ باك بـ فرانســوا يلبسه لجــاماً كالذي يلبسونه للجياد في بلاده الأصلية

و كما كان يرى الجياد تعمل ، هيأوه هو أيضاً للعمل و أخذ يجر فرانسوا و هو راكب في زحافة إلى الغابة و يعود

منها محملاً بالأخشاب ، و بالرغم من أنه اعتبر هذا العمل طعنـــة
في كبريــــائه ، إلا أنه كان حكيمــاً و لم يحــاول

أن يمتنع أو يرفض و بدأ يعمل بشغف و بذل كل ما في وسعه و لو أن كل شيء كان جديداً و غريباً عليه

و كان فرانسوا يتوقع من كل واحــد منهم أن يطيعه في الحال ، و كان ديف الذي له خبرة طويلة

في جر الزحافات يعض قدمي باك الخلفيتين
عندما يقع في أي خطأ قد يضر بسير الزحافة

و كان سبيتز قائد الكِلاب يتأكد من أن باك يعمل جيداً و بشكل سليم

تعلم باك بسهولة و تحسن أدائه بسرعة ، تعلم قبل أن يعودو للمعسكر أن يتوقف

عند سمــــاعه لصيحـــة " هوو ! " ، ثم ينطلــق مرة أخرى
عند سماعه لصيحة " موش ! "

و أن يسيطر على توازنه عند الالتفات حول النواصي و الأركان
و تعلم أيضاً أن يترك مساحة كافية بينه

و بين الكلب الذي خلفه عند هبوط الزحافة المحملة من فوق التلال و خاطب فرانسوا رفيقه بيرلوت قائلاً :

" إنها كِلابٌ ممتازة ، و باك هذا يتحسن أدائه
يوماً بعد يوم ، إنه يتعلم بسرعة من الآخرين "

و بعد الظهر ، عاد بيرلوت الذي كان متعجلاً في رحلته لتوصيل بريده

و معه كلبان آخران كان يناديهما باسمي " بللي " و " جو "

و على الرغم من كونهما أخوين ، إلا أنهما كانا مختلفين في طبيعتهما

كاختلاف الليل و النهار فقد كان عيب بللي الوحيد هو طيبة قلبه الشديدة على عكس جو

الذي كان متعكر المزاج دائماً غاضباً دائماً ، أينما وجد جو وجدت المشاكل

استقبلهما باك بطريقة ودودة ، بينما ديف الهاديء لم يلجظ انضمامهما أصلاً ، أما القائد ..

قاتل سبيتز الكَلبَ الأول ثم الثاني ، لم يبد بللي أي رغبـة في القتــال حتى أنه عندما رأى سبيتز

قادماً نحوه استدار و ركض ، و صرخ عندما عضه سبيتز بأسنانه الحادة
و لكن سبيتز عندما استدار

وجد جو في وجهه واقفاً ، و كان غاضبـــاً و شعــره منتصباً و أذناه مسحوبتان إلى الخلف

و شفتاه تتحركان في غضب و فمه ينفتح و ينغلق بسرعة
مع مظهر شر في عينيه

في الحقيقة كان منظره فظيعاً حتى أن سبيتز الشرس اضطر أن يوقف هجومه

و لإنقاذ ماء وجهه استدار سبيتز نحو بللي المنتحب و أخذ يطــارده بعيــداً


و بحلول المساء أتى بيرلوت بكلب آخر كان كلباً عجوزاً نحيفاً فارع الطول له وجه به ندبات قتال

و عين واحدة ، كان يدعى سول-ليكس
و كانت الكِلابُ الأخرى تحترمه و تقدره ، و قد كان شبيها بـ ديف

فقد كان لا يطلب شيئاً ... لا يعطي شيئاً ... لا يتوقع منه شيء ... سلبياً في كل شيء

مشى سول-ليكس ببطء لينضم لهم ، و كانت له عادة غريبة لم يلحظها باك من البداية لسوء حظه

فهو لم يكن يحب أن يقترب منه أحد من ناحية عينه العوراء
، و لما ذهب باك ليرحب به من هذه الناحية

التف سول-ليكس بغتة ، و انقض على باك و جرح كتفه حتى العظم بجرح بلغ طوله ثلاث بوصات

من أعلى لأسفل ، و من بعدها تجنب باك تماماً أن يأتيه من ناحية عينه العوراء

و بذلك لم يقع معه باك في مشكلة بعدها أبداً حتى انتهاء صداقتهما

و كانت رغبة سول-ليكس الوحيدة مثل رغبة ديف أن يتركه الجميع في حاله

إلا أنه و كما عرف باك بعد ذلك ، كان لكل منهما رغبة أعظم ..



انتهى اليوم ، و بدأ الليل يدخل ، وجد باك صعوبة كبيرة في أن ينام

كانت الخيمة تبدو دافئة في منتصف مساحة المعسكر البيضاء .. فذهب باك إليها لينام فيها

إلا أنه عندما دخلها صاح فيه كل من بيرلوت و فرانسوا بغضب و قذفاه بأشياء إلى أن ركض خارجاً من الخيمة

للصقيع الخارجي ، كانت الريح خارج الخيمة باردة جداً
و كانت تشعره ببرد قارس و تجعله يتضور ألماً من كتفه المجروح

فرقد على الثلج و حاول أن ينام لكن البرد دفعه للوقوف على أقدامه في الحال ، ثم بدأ يتجول في يأس

باحثاً عن مكان دافيء يرقد فيه لكن دون جدوى ، ثم خطرت له فكرة بأن يعــود إلى المعســكر

ليعرف كيف عالجت الكِلابُ الأخرى هذه المشكلة
، و لدهشته ... فقد وجد الكِلابَ الأخرى

قد اختفت تماماً ، حتى أنه لم يعد لها أثر ، فتجول مرة أخرى و عاد ثانية ..

هل كانو في الخيمة ؟ كلا ، و إلا لم يكن ليطرد منها .. إذن أين هم ؟

ثم دار حول الخيمة بلا اتجاه معين يهدف إليه و هو يحس بالبرد و التعاسة

و فجأة ... انهار الثلج تحت قدميه الأماميتين و غاصت قدماه

فقفز متراجعاً بسرعة مزمجراً خائفاً من شيء مجهول غير مرئي أمامه لكن مخاوفه

تبددت بصوت واهن ودود صادر من المكان أمامه
فوصلت إلى أنفه رائحة هواء دافيء

و اكتشف أن هذا هو مكان يرقد فيه بللي فنبح بلطف ليظهر حسن نيته بل إنه لمس وجه باك بلسانه

المبتل الدافيء ،
و كان هذا درساً آخر تعلمه باك ، فقد تعلم كيف يقضي ليلته و أين

اختار باك مكاناً ينام فيه ، و بدأ يحفر على مهل حفرة مناسبة لحجمه

ثم رقد فيها و سرعان ما شعر بالدفـء و ملأت جسمه حرارة منبعثة من مكانه الصغير

كان يومه طويلاً و شاقاً لذلك سرعان ما خلد في سبات عميق .



في اليوم التالي ؛ لم يستيقظ باك إلا بعد أن ضجت قي أذنيه ضجة المعسكر

ففتح عينيه لكنه في البداية لم يعرف أين هو ... حيث أن الثلج قد تساقط طيلة الليل

و غطاه تماماً ، و ضغطت جدران الثلج عليه من كل جانب و سرى فيه إحساس عظيم بالخوف

خوف حيوان بري من أن يقبض عليه ، و أصبح جسده كله مشــدوداً و انتصب شعر عنقه و كتفيه تماماً

و بزمجرة عنيفة قفز ناهضاً إلى يوم جديد و تطاير الثلج حول جسده ليصنع سحابة بيضاء من الجليد المتناثر

و قبل أن ينتصب على أقدامه شاهد المعسكر الأبيض ممتداً أمامه وعرف أين كان تذكر كل ما مر به

منذ خروجه مع مانويل مساعد بستاني دار القاضي إلى الحفرة التي حفرها لنفسه البارحة


فحياه فرانسوا بصيحة منه و قال لـ بيرلوت : " ألم أقل أنه يتعلم بسرعة ؟ .. كلب ذكي "

حرك بيرلوت رأسه موافقاً ، و كرجل كان يحمل رسائل مهمة للحكومة الكندية

كان يهمه الحصول على أفضل الكِلابِ و كان مسروراً بصفة خاصة لـ باك

و في غضــون ســـاعة واحــدة ، أضيفت ثلاثة كِلابٍ أخرى للفــريق

فأصبح الفريق بذلك مكوناً من تسعــة كِلابٍ .. و قبــل أن تمـــر ربع ســاعة أخرى

كانو يجرون الزحافة نحو مدينة ديا كانون ، و كان باك على غير عادته سعيداً بالعمل هذه المرة

و بالرغم من أنه كان شاقاً إلا أنه كان يشعر بالفخر و هو يؤديه ، و اندهش عندما رأى الكِلابَ

كلها شغوفة مثله تماماً حتى ديف و سول-ليكس
كانا نشيطين تماماً و يؤديان

عملهما بمهارة و إتقان على عكس حالهما في المعسكر بل إنهما

كانا
يغضبـــان بشدة من أي شيء يضـــر العمــل أو يؤخره

و بدا جر الزحافة و كأنه كل هدفهم في هذه الحياة

كان ديف هو الكلــب الأول أمام الزحــافة ، و كان أمــامه باك

ثم يأتي سول-ليكس و بقية الكِلابِ موزعة إلى الأمام في صف واحد

و ينتهي الصف المكون من تسعة كِلابٍ بـ سبيتز
في المقدمة إذ أنه هو قائد الكِلابِ

لقد وُضع باك عن قصد بين ديف و سول-ليكس حتى يتعلم منهما ، و قد كانا مدرسين جيدين

فلم يسمح له الكلبـان بالتمادي في الخطأ أبداً ، و كانا يستخـدمان أسنانهما الحادة كوسيلة للعقاب

كان ديف حكيماً و عادلاً ، فلم يعـض باك أبداً دون سبب كمـا أنه لم يكن يفشـل في عض باك إذا أراد عضه

و أيضاً فرانسوا من جـانبه لم يقصــر مع باك في التعليم ، و كان يضــربه أيضـاً عندما يخطيء في جر الزحافة

و هكذا أصلح باك من أحـــواله دوماً ، و ذات مرة أثناء وقفــة قصيــرة ، عندما اقترف باك خطئــاً تسبب في تأخيـر

انطلاق الزحافة ، فثار كل من ديف و سول-ليكس عليه و عضاه ، و قبل انتهاء اليوم كان باك قد تعلم عمله جيداً

فتوقف أصدقائه عن عضه بعد ذلك ، و لم يكن فرانسوا يضربه كثيراً ،

و حتى بيرلوت كان يشرف باك بأن يقوم بنفسه برفع قدميه و فحصهما باهتمام و عناية

كان العمل شاقاً جداً ذلك اليوم ، فكانو يمرون بوادٍ ضيق على حافة إحدى الغابات و يعبرون تلالاً عالية

و مساحات واسعة من الجليد ، و يعبرون بجوار أنهار جليدية و منخفضات عمقها مئات الأقدام

و طافو بسرعة هابطين ليعبرو سلسلة من البحيرات ، و في نهاية تلك الليلة

توقفو عند المعسكر الكبير عند بداية بحيرة بنيت .



في بحيرة بنيت ؛ كان هناك العديد و العديد من الباحثين عن الذهب يشيدون المراكب

فقد كان الجليد قد أوشك على الذوبان بسبب قرب فصل الربيع الدافيء ، و أقام باك تلك الليلة في حفرته

و لكنهم سحبوه في الصباح الباكر من حفرته و لجموه و وضعوه أمام الزحافة ، حتى أنه لم يأخذ القسط الكافي من الراحة

قطعو في ذلك اليوم أربعين ميـــلاً لأن الطريق كان جيداً ، و لكن اليوم التالي و لمدة أيـــام عديدة متتــالية

لم يكن هناك طريق مهيئاً للعبور عليه ، فكان عليهم أن يعملو بجهد أكبر و يسيرون سيراً أكثر بطئاً

كان بيرلوت يسير دائماً أمام الكِلابِ بمسافة ليمهد الطريق و يسهله لهم ، أما فرانسوا ؛

الذي يرعى الزحافة في المؤخرة يتبادل معه المكان و لكن ليس كثيراً

كان بيرلوت في عجلة من أمره و كان يتفاخر بمعلوماته الكثيرة عن الجليد و كانت معلوماته هذه

ذات أهمية كبيرة ، حيث أن الجليد كان هشاً كثيراً في بعض المناطق ، وهذا له خطورته

على الجميع ، فقد تنزلق الزحافة في مكان بطريقة تؤدي إلى موتهم جميعاً

و يوماً يوماً ، تطور مستوى باك كثيراً و بذل جهداً كبيراً في جر الزحافة

و كانو دائماً ما يستيقظون في عتمة الفجر و ينطلقون مع أول

بصيص لنور الصباح ليبدأو رحلة جديدة يقطعون فيها

أميالاً عديدة ، و كان باك دائماً في حالة جوع شديد فلم يشعر بالشبع قط

فالرطل و النصف الذي كان يتناوله من السمك المجفف تحت أشعة الشمس كل يوم

كان يبدو مقداراً ضئيلاً جداً و لم يأخذ ما يكفيه إطلاقاً ، فكان يعاني من آلام الجوع المستمرة

و مع ذلك ؛ فالكِلابُ الأخرى كانت تأخذ رطلاً واحداً من السمك لأنها تزن أقل من باك و كان الرطل يكفيها

فقد كانت الكِلابُ الأخرى أقل وزنـاً من باك و لكنها كانت قادرة على الاحتفـاظ بنفسها في حـالة جيدة

و كان باك بطيئاً في أكله ، و كان أصدقائه ينتهون أولاً ثم يأكلون معه من طعامه و لم يستطــع

باك في البداية أن يجد حلاً لهذه المشكلة فأثناء مقاتلته لاثنين أو ثلاثة كان الطعام كله

يخنفي في أفواه الكِلابِ الأخرى ، و لوضع حد لذلك ؛ أخذ باك في الأكل بسرعة

و كان من شدة جوعه يأخذ ما لا يخصه ، و كان كما قلنا يراقب و يتعلم

فعنــدما رأى باك كلبـــاً جديداً اسمـــه بايك يســرق قطعــة لحــم من وراء بيـــرلوت

فقام بتطبيق ما رآه حرفياً في اليوم التالي و فر بعيداً بالقطعة التي أخذها كلها ، و حدث لذلك

هرج و مرج حول من أخذ القطعة و لم يشُكّ أحدٌ أبداً أن باك هو الفاعل ، بل و ضُرب عليها

كلب آخر يدعى ديوب ، فقد كان دائماً ما يُقبض عليه متلبساً بالسرقة

أظهر حادث السرقة الأول لـ باك أنه قادر على تدبير أموره في هذه البيئة القاسية

أظهر أنه قادر على التكيف
السريع مع بيئته الجديدة ، و إن لم يكن قادراً على ذلك لمات سريعاً

كما أظهر أن احترامه للآخرين و للأشياء التي تخصهم بدأ يقل ، و من يفعل هذا فهو أحمق سيخسر حياته

لقد زرعت فيه معركة الرجل ذي الهراوة قانون البراري ، فقد كان مستعداً قبلها للمـــوت في سبيـــل الدفاع

عن أي شيء يخص القاضي ميلر ، و أصبح حالياً قــادراً على أن ينسى كل مشاعره الرقيقة لإنقاذ نفسه

لم يكن باك يسرق للمتعة أبداً ، لكن لأنه كان جائعاً لا تكفيه الكمية الضئيلة التي يعطيها له الرجلان

لم يكن يفعل ذلك صراحة ، لم يكن يسرق إلا سراً ، لأنه أصبح يحترم قانون البراري بعد أن عرفه

فالأشياء التي كان يفعلها ، كان لا بد من فعلها لأن عواقب فعلها أقل و أيســـر من عواقب عدم فعلها

كان تحسنه سريعاً ، و تعود جسده على الألم و الجروح ، حتى صار جامداً كالحــديد لا يأبه للألم أو الجروح

صار يأكل أي شيء مهما كنت رداءته ، أصبح حاد البصر و الشم ، و أصبحت حاسة سمعه ممتازة

فكان في نومه يدرك أكثر الأصـــوات خفوتاً ، و يميز ما إذا كانت مسالمة ، أو تريد شراً

تعلم باك أن يقضم الجليد بأسنانه إذا ما تجمع في أطراف أقدامه ، و تعلم أن الماء يكــون موجوداً

تحت الجليد ، و تعلم كيف يحــدد مكـــانه تحت الجليــد ، و تعلم أن يقفز
بقدميــه الأماميتين فوق الجليد

ليكسره و يحصل على الماء الذي تحته ، و كان أفضل شيء ينفعه في عمله هو شم الرياح

و التنبؤ باتجاهها الذي ستهب منه في اليوم التالي ، و تعلم أيضأ أن يحفر مأواه الليلي

بجانب جذع شجرة أو بجوار ركام حتى لا يتأصر بهبوب الرياح في الليل

فكان بذلك يظل دافئاً و آمناً من أي رياح باردة تهب ليلاً

لم يتعلم باك من خلال التجربة فقط ، بل استيقظت بداخله غريزته الحيوانية التي ولدت بداخله

و التي اندثرت بداخله بسبب وجوده الدائم في دار القاضي بعيداً عن الطبيعة البرية التي ولد ليعيش فيها

استيقظت تلك القوى الغامضة و المشاعر النائمة ثانية بداخل باك ، و تذكر طبيعته الخاصة عندما

رأى قطيعاً من الكِلابَ البرية تجري و تركض سوياً عبر الغابات و تصطاد ما يأتي أمامها و هي تجري في الوادي

و لم يكن من الصعب عليه أن يتعلم أن يقاتل بأسنانه الحادة كما تقاتل الذئاب في البرية

و شعر باك بسيل من الأحاسيس يسري بداخله ، فقد بدأت غرائزه المسلوبة ككَلبٍ تعود إليه

شعر بأحاسيس الحياة البدائية تسري في أعماقه ، و الطريقــة القديمة التي تعيش بها الذئـــــاب

فوجد جسده ينطلق بنفسه إلى إحدى قمم التلال الموجودة من حوله ثم وقف

و رفع أنفه ليشير به إلى أحد النجوم في السماء و أصدر عويلاً طويـــــلاً كعواء الذئب

ذلك العواء الذي تذكره باك عندما تذكر تلك الذئاب التي تعوي عبر الأزمان مشيرة بأنوفها إلى السماء

كانو يعبرون به صوتياً عن أسفهم و قلقهم ، كانو يعبرون عن معنى البرد و العتمة

و هكذا ؛ سرى ذلك اللحن الفطري الغريزي داخل باك ، فاستعاد به باك نفسه و حقيقته ثانية

لقد جاء هنا لأن الرجال قد اكتشفو ذهباً هنـــــا ، و لأن مانويل مســـاعد البستاني كان محتاجاً للمال

أعادته تلك الظروف و الحوادث إلى هذا المكان الذي يعيش فيه أصدقائه و إخوته من الكِلابِ

الذين عاشو هنا أعواماً كثيرة يقومون بالصيد في قطعان جماعية

فهم يعيشون هنا حياتهم الخاصة المتفردة التي يشعرون فيها بأنفسهم و طبيعتهم

لقد عرف باك أنه عاد إلى هذا المكان .. إلى موطنه الأصلي .





جزاكم الله خيراً إخواني على مروركم الكريم و على وقتكم الثمين الذي آثرتموني به

بفضل الله الكريم تم هذا العمل باستديوهات القرية الذكية كاتش

القرية المخفية في الديناميت
بمدينة انميات العائمة

كتابة و تنسيق و تدقيــق ::. Elite Master

الفوصل الإبداعية تصميم ::. lord ahmad

و لقراءة الجزء الأول بعنوان رحلة إلى الشمال
من هنــــــــــــــا

أرجو منكم الدعاء لي دعوة بظهر الغيب تتخيرون لها وقتاً مباركاً

و انتظرو الجزء القادم بعنوان ::. قتال حتى الموت

و تقبلو أرق تحيــــــــــــاتي .. أخوكم محمد .. أحبكم في الله

و قبل النهاية .. لا تنسو ذكر كفارة المجلس

"
سبحانك اللهم و بحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك و أتوب إليك "

و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته





0 التعليقات:

إرسال تعليق