كافح لقيمته لا لأجله !



أسعد الله يومكم إخوانــــــي أخواتــــي وأحبتي من كل مكان

في تجربة جديدة لكتابـــــة القصص القصيرة

اعتمادا على مخيلتي واقتباس بعض نفحات الحياة من حولي

تكون هذه اول القصص التي اطرحها عليكم اليوم

نوع الرواية : دراما إجتماعية

الهـــــدف : تــــوعيـــــــة

اتمنى لكم الإستمتاع بقراءتهـــا

||

خرج عبد الله في يوم ماطر تحت شرفة منزله يتأمل سقوط الامطار بغزارة

بعد يوم جامعي مُتعِب سرح بأفكاره على أثر مستقبله البعيد وما يريد تحقيقه في حياته

تبادلت صُور الناجحين الأدوار في حلمه

وإذا بأحد هذه الصور التي تمر على خياله هي لشخص ليس بغريب

مهلا هذا آدم ، كان أحد جيراني بالحي وطالبا معي في السنة الأولى بالثانوي

لم يرضى آدم بحالته الإجتماعية يوما وأخذته الحماسة إلى أبعد ما كنت أعزم عليه

فمنذ عهدته لم تكن أفكاره محدودة بعمليات الحياة فقط كمن يحلم بأن يصبح دكتورا أو مهندسا

آدم كانت أحلامه كبيرة ، كان يحب التغيير ووضع لمسة في الحياة دائما

أحد احلامه كانت العمل في مجال الإعلام فقد كان يدرك أن من خلاله يستطيع صنع التغيير

فاستغل أوقات ما بعد الدراسة لجمع المال من أجل أحد رحلاته لتعلم هذه المهنة

كانت هناك مخبزة في حينا مشهورة بخبزها الزكي كما نلقبه عادة في منطقتنا بــ "خبز الدار"

حيث كنت أحد من ينتظرون مع شروق الشمس في طابور طويل

من أجل الحصول على خبزتين أو ثلاث للتلذذ بها في الإفطار مع العائلة

حاول الكثير الحصول على وظيفة هناك من أجل تعلم المهنة لكن عمي احمد كان دائما

يخاف من اكتشاف سر وصفته السحرية ويحافظ على عتاقة مخبزته

آدم كان له رأي آخر ، كنا جالسين في أحد الايام على ضوء الشمس نتبادل أطراف الحديث

ومحل عمي احمد قبالتنا مباشرة نظر آدم إلى المحل ثم قال ما رأيكم لو حصلت على وظيفة هناك

فصحنا جميعا باستهزاء قائلين ونحن نقهقه من الضحك

"طب طب" مع عمي احمد اترك عليك التعب واجلس هنا احسن لك

تحدانا آدم ونهض من مكانه وتوجه إلى المخبزة ، بخطوات واثقة دخل الى المحل ثم غاب صوته عنا

جلسنا ننتظر والصمت حولنا ، وكأن الحكايات التي كانت لا تنتهي قد طارت من عقولنا فجأة

خرج آدم وهو مطأطئ الرأس فأخذنا الظن مباشرة انه رُفض ، فصحنا عليه بضحك : آدم ماذا اخبرناك !!؟

وإذا بنا نتفاجأ بقوله لقد حصلت على العمل!



تفاجأنا ذلك اليوم فلا أحد منا جرب طلب العمل في محله من قبل إلا وقد قوبل بالرفض

فالتففنا حوله جميعا وبدأنا بالسؤال كيف فعلت هذا ؟ كيف فعلت هذا ؟ وكأننا نستجوبه في جريمة

فكان باردا كعادته مع بسمة استهزاء على وجهه وهو يقول : سأخبركم فيما بعد ، مما يعني انه لن يخبرنا

بدأ من اليوم الموالي العمل هناك وكانت نوبته ليلية لكي تتسنى له الدراسة الثانوية في النهار

بعد مدة طويلة كانت تكفي لكي يجمع المال اللازم من أجل تحقيق حلمه أتى يهرول الى منزلي بدقات متتالية

فتحت الباب وإذا به ينهج لم افهم جل ما قال بسبب ذلك فادخلته المنزل

ظيفته كوب ماء فارتاح قليلا ثم التفت إلي مبتسما من دون كلام ! .. آدم ماذا هناك ؟

فقال لقد جمعت ما يكفي لأسافر خارج البلاد لأجل متابعة دورة الإعلامي الناجح

فرحت له من جهة لأنه على شفا خطوة لتحقيق ما كان يحلم به

وحزنت له من جهة لانه سبق وأخبرني بأن هذه الدورة ستستغرق شهورا طويلة

وسيغيب عنا في تلك الفترة وإذا به يفاجأني أكثر : سأترك الدراسة وأبقى هناك لأعمل في مجال الإعلام

لخوفي على مستقبله رددت عليه قائلا : هل أنت متأكد ؟ هل انت متأكد مما ستقدم عليه ؟

فاجاب بكل ثقة نعم أنا متاكد ، خرج آدم من المنزل

بعد أن تمنيت له الحظ ، ولأنه لا يملك نقالا ألحيت عليه بأن يتواصل معنا بالهواتف العمومية

كلما أتيحت له الفرصة ، في اليوم الموالي خرج من منزله ومعه جواز سفر وحقيبة ظهر صغيرة

كانت النية تملأ قلبه وكأنه متوجه الى رحلة في أرجاء البلدة فقط

سافر آدم وتوالت الشهور واشتقنا لوجوده في جلساتنا ، وكان أحد الاصحاب يذكرنا به أحيانا ويقول

هل تذكرون يوم أفحم آدم ذلك السائح الاجنبي في المقهى واعطاه حججا دامغة تركته

يتعلثم في الكلام وهو يجادلنا في الإسلام ، نعم كان يحب إعلاء كلمة التوحيد ويفرح كثيرا عندما يسمع

أحدا على ديانة أخرى ترك ما كان عليه ليهتدي بنور إسلامنا


مضت أعوام ولم نسمع صوته سوى على الهاتف ، بحوار صغير وكلمات قليلة و بسبب نقص المكالمات


لم نعلم بمعضم احواله لكننا نتفهم ذلك لأننا جربنا السفر أيضا ، وندرك أن أحوال المسافر كأحوال الشحيح

لا يخرج فلسا ولا يخسر وقتا إلا بحساب فلديه أمور كثيرة يدفع من اجلها

مثل ثمن المبيت وثمن الاكل وبقية المستلزمات التي يحتاجها ، اضافة إلى مستحقات الدورة

في أحد الايام كعادتنا ونحن نجلس في أحد المقاهي القريبة هاتفنا آدم ومن دون مقدمات

اخبرنا قائلا : أديرو القناة الفلانية بعد ربع ساعة ثم أغلق الهاتف !!!

التفتنا إلى بعضنا وعلامات التعجب بادية على وجوهنا ، فطلبنا من صاحب المقهى تحويل القناة

وجلسنا نتابع فترة الإعلانات ونحن نترقب مالذي يسيظهر

هل هو خبر سياسي ؟ خبر وفاة رئيس ؟ أم أن فيضانا أو زلزالا سيأتي خلفنا

وإذا بصوت جنريك لأحد المنشدين يعلو في التلفاز ويرافقه إسم بارز لأحد البرامج الدعوية

وبعد انتهاء الجنريك ظهر آدم بلحيته الممشوقة ومظهره النظيف يحمل بطاقة

صغيرة بين يديه والإبتسامة على وجهه وهو يقول :

مرحبا بكم مشاهديي الكرام في أحد حلقات برنامجكم الإسلامي والمحبوب

وإذا بنا ننتفظ ونصيح "آآآآآ" أنظرو !! أنظرو !! آدم على التلفاز .. ونصيح انظرو

آدم أصبح داعية في قناة إسلامية !!

التفت كل من في المقهى الى الشاشة على أثر صياحنا وفرحتنا به

وكانو قد اعتادو رؤيته هناك في المقهى صباحا بين الفينة والأخرى

صاح أحد الجمع هناك ودمعة الفخر على خده : ذلك ابني

استحق فعلا ما كان يكافح من اجله ، فبدل مراد الذي أراد أن يصبح مغنيا على التلفاز

أو خالد الذي أراد أن يصبح مخرج كليبات رقص وغناء

رغم النصائح أخذتهم العزة بالإثم وهدفو الى تحقيق أحلامهم المزيفة

لم ندركهم ذلك اليوم حتى نريهم آدم بهمته العالية وعزيمته من أجل الدعوة إلى الله وخدمة الدين

لم يكافحو من اجل قيمة تلك الشهرة مثله بل كانو يكافحون من اجل الشهرة نفسها

تذكرت حينها قول احد العلماء البارزين في الأعوام الماضية :

"لا تكافح من أجل النجاح، بل كافح من أجل قيمته "

بدأت صور الذكريات بالإنقشاع تدريجيا ، وأفقت مع الوقت على صوت والدي خلفي

وهو يهز كتفي : عبد الله ! عبد الله ! ادخل للمنزل توضأ واذهب للمسجد .. فقد أذن المغرب

||

كتابة الموضوع وتنسيق: djallalyazid

تصميـــم الفواصــــــــل : djallalyazid

~

ختام الموضوع اتمنى لكم دوام التوفيق

وأستودعكم الله الذي لا تضيع ودائعه

0 التعليقات:

إرسال تعليق