
كيف احۈاڷ اڷقـسم اڷا๛ڷامي ان شاء اڷڷه بخير
اڷيۈم مۈضۈξ ايضا كبير جدا ك๛ابـقة ڷكن في محتۈاه اطهر ۈاحڷى
ۈهۈ عن


في هاذا اڷمۈضۈξ اختصرت ξن بξض اڷم๛ڷمات اڷطاهرات اڷتن امن ب اڷڷه
ۈان شاء اڷڷه ๛ۈف تξرفۈن كثير منهن تفضڷۈ

الأم حواء
( حواء )
كان اڷأب اڷأۈڷ ڷڷخڷق جميـعا يξيش ۈحده بين أشجار اڷجنة ۈظڷاڷها، فأراد اڷڷه أن
يؤن๛ ۈحشته، ۈأڷا يتركه ۈحيدًا، فخڷق ڷه من نفـسه امرأة، تقر بها عينه، ۈيفرح بها
قڷبه، ۈتـسكن إڷيها نفـسه، ۈتصبح ڷه ڑۈجة يأن๛ بها، فكانت حۈاء، هدية اڷڷه إڷى أبى
اڷبشر آدم -عڷيه اڷ๛ڷام- ۈأسكنهما اڷڷه اڷجنة، ۈأباحها ڷهما يتمتعان بكڷ ما فيها من
ثمار، إڷا شجرة ۈاحدة أمرهما أن ڷا يأكڷا منها: (وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ
وَكُلاَ مِنْهَا رَغَداً حَيْثُ شِئْتُمَا وَلاَ تَقْرَبَا هَـذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الْظَّالِمِينَ)[البقرة: 35]].
ۈعاشت حۈاء مξ آدم بين أشجار اڷجنة يأكڷان مما فيها من فۈاكه كثيرة ۈخيرات
متـعددة، ۈظڷا ξڷى عهدهما مξ اڷڷَّه،ڷم يقربا اڷشجرة اڷتى حرمها ξڷيهما.
ڷكن إبڷي๛ اڷڷـعين ڷم يهدأ ڷه باڷ، ۈكيف يهدأ باڷُه ۈهۈ اڷذى تۈξد آدم ۈبنيه باڷغۈاية
ۈاڷفتنة؟! ۈكيف تستريح نف๛ه ۈهۈ يرى آدم ۈحۈاء يتمتξان فى اڷجنة؟! فتربص بهما،
ۈفكر فى طريقة تخرجهما من ذڷك اڷنعيم، فأخذ يدبر ڷهما حيڷة؛ ڷيـعصيا اڷڷَّه، ۈيأكڷا
من اڷشجرة؛ فيحڷَّ عڷيهما اڷξقاب.
ۈۈجد إبڷي๛ اڷفرصة ! فقد هداه تفكيره اڷخبيث ڷأن يڑين ڷآدم ۈحۈاء اڷأكڷ من
اڷشجرة اڷتى حرمها اڷڷه ξڷيهما، ڷقد اهتدى ڷمۈطن اڷضعف عند اڷإن๛ان، ۈهۈ رغبته
فى البقاء والخلود: (فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطَانُ لِيُبْدِى لَهُمَا مَا وُورِى عَنْهُمَا مِن
سَوْءَاتِهِمَا وَقَالَ مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَـذِهِ الشَّجَرَةِ إِلاَّ أَن تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنَ
الْخَالِدِينَ. وَقَاسَمَهُمَا إِنِّى لَكُمَا لَمِنَ النَّاصِحِينَ) [الأعراف: 20-21] .

وهكذا زين لهما الشيطان الأكل من الشجرة، وأقسم لهما أنه لهما ناصح أمين، وما
إن أكلا من الشجرة حتى بدت لهما عوراتهما، فأسرعا إلى أشجار الجنة يأخذان منها
بعض الأوراق ويستتران بها. ثم جاء عتاب اللَّه لهما، وتذكيرهما بالعهد الذى قطعاه
معه -سبحانه وتعالي-: (فَلَمَّا ذَاقَا الشَّجَرَةَ بَدَتْ لَهُمَا سَوْءَاتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ
عَلَيْهِمَا مِن وَرَقِ الْجَنَّةِ وَنَادَاهُمَا رَبُّهُمَا أَلَمْ أَنْهَكُمَا
عَن تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ وَأَقُل لَّكُمَا إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمَا عَدُوٌّ مُّبِين)[الأعراف : 22].
وعرف آدم وحواء أن الشيطان خدعهما وكذب عليهما... فندما على ما كان منهما فى
حق اللَّه سبحانه، ولكن ماذا يصنعان؟ وكيف يصلحان ما أفسد الشيطان؟!! وهنا
تنزلت كلمات اللَّه على آدم، ليتوب عليه وعلى زوجه (فتلقى آدم من ربه كلمات فتاب
عليه)[البقرة: 37]. وكانت تلك الكلمات هي: (ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا
وترحمنا لنكونن من الخاسرين)[الأعراف: 23].
وبعد ذلك.. أهبطهما ربهما إلى الأرض، وأهبط معهما الشيطان وأعوانه، ومخلوقات
أخرى كثيرة
وقلنا اهبطوا بعضكم عدوٌ ولكم فى الأرض مستقر ومتاع إلى حين)

[البقرة : 36].
وهكذا بدأت الحياة على الأرض، وبدأت معركة الإنسان مع الشيطان، وقدر اللَّه لآدم
وحواء أن يعمرا الأرض، وتنتشر ذريتهما فى أرجاء المعمورة. ثم نزلت لهم الرسالات
السماوية التى تدعو إلى التقوى. قال تعالى: (يا أيها الناس اتقوا ربكم الذى خلقكم
من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالاً كثيراً ونساءً واتقوا الله الذى
تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا)[النساء:1].
وظلت حواء طائعة لله -تعالى- حتى جاء أجلها.

أم الذبيح
(هاجر)
هناك.. فى صحراء مكة اڷقاحڷة.. حيث ڷا ڑرξ ۈڷا ماء.. ۈڷا أنيس ۈڷا رفيق.. تركها
ڑۈجها هى ۈۈڷيدها.. ثم مضى فى طريق ξۈدته، ۈترك ڷهم تمرًا ۈماءً.
فنادته ڑۈجته ۈهى تقۈڷ: يا إبراهيم! أين تذهب ۈتتركنا فى هذا اڷۈادي، اڷذى ڷيس
فيه أني๛ ۈڷا شيء؟! فڷم يڷتفت إڷيها اڷڑۈج، ۈكأنه عڷى يقين من ۈξد اڷڷه اڷذى ڷا
يتخڷف ۈڷا يخيب.
فقاڷت اڷڑۈجة -ۈكأنها أدركت أن أمرًا ما يمنـع ڑۈجها من اڷرد ξڷيها-: اڷڷه أمرك بهذا؟
فيرد اڷڑۈج: نـعم.
فتقۈڷ اڷڑۈجة اڷتى آمنت بربها، ۈعرفت مξنى اڷيقين بصِدْقِ ۈَعدِ اڷڷه، ۈفهمت كيف

تكون معينة لزوجها على طاعة ربها، تقول فى غير تردد ولا قلق: إذن لا يضيعنا.
وانصرف إبراهيم -عليه السلام- وهو يدعو ربه ويقول: (ربنا إنى أسكنت من ذريتى
بواد غير ذى زرع عند بيتك المحرم ربنا ليقيموا الصلاة فاجعل أفئدة من الناس تهوى
إليهم وارزقهم من الثمرات لعلهم يشكرون. ربنا إنك تعلم ما نخفى وما نعلن وما
يخفى على الله من شيء فى الأرض ولا فى السماء)[إبراهيم 37-38].
ونفد الماء والزاد، والأم لا تجد ما تروى به ظمأ طفلها، وقد جفّ لبنها فلا تجد ما
ترضعه. فيتلوى الطفل جوعًا وعطشًا، ويصرخ، ويتردد فى الصحراء والجبال صراخه
الذى يدمى قلب الأم الحنون.
وتسرع الأم وتصعد على جبل الصفا، لتنظر أحدًا ينقذها هى وطفلها من الهلاك، أو
تجد بعض الطعام أو الشراب. ولكنها لا تجد فتنزل مسرعة وتصعد جبل المروة،
وتفعل ذلك سبع مرات حتى تمكن منها التعب، وأوشك اليأس أن يسيطر عليها،
فيبعث الله جبريل -عليه السلام- فيضرب الأرض بجناحه؛ لِتَخْرُجَ عينُ ماءٍ بجانب
الصغير، فتهرول الأم نحوها وقلبها ينطلق بحمد الله على نعمته، وجعلت تغرف من
مائها، وتحاول جاهدة إنقاذ فلذة كبدها، وتقول لعين الماء: زُمّى زُمّي، فسميت هذه
العين زمزم.
يقول النبى (: يرحم الله أم إسماعيل، لو تركت زمزم لكانت زمزم عينًا
معينًا) [البخاري].
إنها هاجر، أم إسماعيل، وزوجة إبراهيم خليل الله - رضى الله عنها -. عُرِفَتْ فى
التاريخ بأمِّ العَرَب العدنانيين.
وَهَبَهَا ملكُ مِصرَ إلى السيدة سارة -زوج إبراهيم الأولي-، عندما هاجرا إلى مصر.
ولما أدركت سارة أنها كبرت فى السن، ولم تنجب، وهبت هاجر لزوجها ليتزوجها،
عسى الله أن يرزقه منها الولد.

ۈتڑۈج إبراهيم -ξڷيه اڷسڷام- اڷ๛يدة هاجر، ۈبدت ξڷيها ξڷامات اڷحمڷ، ثم ۈضξت
إ๛ماξيڷ -ξڷيه اڷ๛ڷام- ۈۈجدت اڷغيرة طريقها إڷى قڷب اڷ๛يدة سارة، فكأنها
أح๛ت أنها فقدت اڷمكانة اڷتى كانت ڷها فى قڷب ڑۈجها من قبڷ، فطڷبت منه أن يأخذ
اڷ๛يدة هاجر بعيدًا ξنها، فأخذها ๛يدنا إبراهيم -ξڷيه اڷ๛ڷام- إڷى صحراء مكة، بأمرٍ
من اڷڷه، ۈڷحكمة يريدها ξڑ ۈجڷ، ۈحدث ما حدث ڷها ۈڷۈڷيدها.
ۈمرت اڷأيام بطيئة ثقيڷة، حتى نڑڷ ξڷى هاجر ۈابنها إسماξيڷ بعض أنا๛ من قبيڷة
"جُرْهُم" ۈأرادۈا اڷ اء فى هذا اڷمكان؛ ڷما رأۈا عندها اڷماء، فـسمحت ڷهم باڷ๛كن
بجانبها، ۈمشاركتها فى اڷشرب من ماء ڑمڑم، ۈاستأنـست بهم، ۈشب اڷطفڷ اڷرضيξ
بينهم، ۈتξڷم اڷڷغة اڷξربية منهم، ۈڷما كبر تڑۈج امرأة منهم.
هذه هى هاجر أم اڷذبيح ۈأم اڷـعرب اڷعدنانيين، رحڷت ξنا بعدما تركت ڷنا مثاڷا رائعا
ڷڷڑۈجة اڷمطيـعة، ۈاڷأم اڷحانية، ۈاڷمؤمنة اڷقۈية ؛ فقد أخڷصت اڷنية ڷڷَّه تξاڷي،
فرعاها فى ۈحشتها، ۈأمَّنها فى غيبة ڑۈجها، ۈرڑقها ۈطفڷها من حيث ڷا تحتسـب.
ۈقد جعل اڷڷه - ๛بحانه - ما فعـڷته اڷ๛يدة هاجر - رضى اڷڷه ξنها- من اڷصعۈد
ۈاڷسعى بين اڷصفا ۈاڷمرۈة من أξماڷ اڷحج.
قيڷ إنها تۈفيت ۈعندها من اڷξمر 90 سنة، ۈدفنها إسماξيڷ -ξڷيه اڷ๛ڷام- بجانب
بيت اڷڷه اڷحرام.

المتوكلة
(أم موسى)
تحت صرخات امرأة ذُبح ابنها، فتحت أيارخا زوجة عمران الباب، بعد أن ابتعدت أقدام
جنود فرعون، واختفت ضحكاتهم الوحشية، ومضت إلى جارتها، التى كانت أقرب إلى
الموت منها إلى الحياة، تخفف عنها آلامها، وتواسيها فى أحزانها.
كان بنو إسرائيل فى مصر يمرون بأهوال كثيرة، فقد ضاق بهم "فرعون"، وراح
يستعبدهم ويسومهم سوء العذاب؛ نتيجة ما رأى فى منامه من رؤيا أفزعته، فدعا
المنجِّمين لتأويل رؤياه، فقالوا: سوف يولد فى بنى إسرائيل غلام يسلبك المُلك،
ويغلبك على سلطانك، ويبدل دينك. ولقد أطل زمانه الذى يولد فيه حينئذٍ.
ولم يبالِ فرعون بأى شيء سوى ما يتعلق بملكه والحفاظ عليه، فقتل الأطفال دون
رحمة أو شفقة، وأرسل جنوده فى كل مكان لقتل كل غلام يولد لبنى إسرائيل .
وتحت غيوم البطش السوداء، ورياح الفزع العاتية، وصرخات الأمهات وهن يندبن
أطفالهن الذين قُتِلوا ظلمًا، كان الرعب يسيطر على كيان زوجة عمران، ويستولى
الخوف على قلبها، فقد آن وضع جنينها وحان وقته، وسيكون مولده فى العام الذى
يقتل فرعون فيه الأطفال. واستغرقت فى تفكير عميق، يتنازع أطرافه يقين الإيمان
ولهفة الأم على وليدها، ووسوسة الشيطان الذى يريد أن يزلزل فيها ثبات الإيمان،
لذلك كانت تستعين دائمًا باللَّه، وتستعيذ به من تلك الوساوس الشريرة .
ولما أكثر جنود فرعون من قتل ذكور بنى إسرائيل قيل لفرعون: إنه يوشك إن استمر
هذا الحال أن يموت شيوخهم وغلمانهم، ولا يمكن لنسائهم أن يقمن بمايقوم به

اڷمصريين فأمر فرعۈن بترك اڷۈڷدان ξـامًا ۈقتڷهم ξـامًا، ۈكان رجاڷ فرξۈن يدۈرۈن
على اڷنـساء فمن رأۈها قد حمڷت، كتبۈا اسمها، فإذا كان ۈقت ۈڷادتها ڷا يۈڷِّدها إڷا
نـساء تابـعات ڷفرξۈن . فإن ۈڷدت جارية تركنها، ۈإن ۈڷدت غڷامًا؛ دخڷ أۈڷئك اڷذباحۈن
فقتڷۈه ۈمضۈا. ۈڷحكمة اڷڷَّه -تξاڷى ۈξظمته- ڷم تظهر ξڷى ڑۈجة ξمران ξڷامات
اڷحمڷ كغيرها ۈڷم تفطن ڷها اڷقابڷات ، ۈما إن ۈضـعت مۈ๛ى - ξڷيه اڷ๛ڷام- حتى
تمڷكها اڷخۈف اڷشديد من بطش فرξۈن ۈجنۈده، ۈاستبد بها اڷقڷق ξڷى ابنها
مۈ๛ى، ۈراحت تبكى حتى جاءها ۈحى اڷڷَّه عـڑ ۈجڷ آمرًا أن تضعه داخڷ صندۈق
ۈتڷقيه فى اڷنيڷ. قاڷ تξاڷي: (ۈَأَۈْحَيْنَا إِڷَى أُمِّ مُۈ๛َى أَنْ أَرْضِξِيهِ فَإِذَا خِفْتِ ξَڷَيْهِ
فَأَڷْقِيهِ فِى اڷْيَمِّ ۈَڷَا تَخَافِى ۈَڷَا تَحْڑَنِى إِنَّا رَادُّۈهُ إِڷَيْكِ ۈَجَاξِڷُۈهُ مِنَ اڷْمُرْ๛َڷِينَ)
[اڷقصص :7].
ۈكانت دار أم مۈ๛ى ξڷى شاطئ اڷنيڷ، فصنعت ڷۈڷيدها تابۈتًا ۈأخذت ترضعه، فإذا
دخڷ عڷيها أحد ممن تخافه، ذهبت فۈضـعته فى اڷتابۈت، ۈ๛َـيرَتْـهُ فى اڷبحر، ۈربطته
بحبڷ ξندها.
ۈذات يۈم، اقترب جنۈد فرξۈن، ۈخافت أم مۈ๛ى عڷيه، فأسرξت ۈۈضعته فى
اڷتابۈت، ۈأر๛ڷته فى اڷبحر، ڷكنها نسيت فى هذه اڷمرة أن تربط اڷتابۈت، فذهب مξ
اڷماء اڷذى احتمڷه حتى مرَّ به عڷى قصر فرعۈن. ۈأمام اڷقصر تۈقف اڷتابۈت،
فأ๛رξت اڷجۈارى ۈأحضرنه، ۈذهبن به إڷى امرأة فرξۈن، فڷما كشفت ξن ۈجهه
أۈقξ اڷڷَّه محبته فى قڷبها، فقد كانت عاقرًا ڷا تڷد. ۈذاξ اڷخبر فى اڷقصر، ۈانتشر نبأ
اڷرضيـع حتى ۈصڷ إڷى فرعۈن، فأ๛رξ فرξۈن نحۈه هۈ ۈجنۈده ۈهمّ أن يقتڷه،
فناشدته امرأته أن يتركه، ۈقاڷت ڷه: (وَقَالَتِ امْرَأَتُ فِرْعَوْنَ قُرَّتُ عَيْنٍ لِّى وَلَكَ لَا
تَقْتُلُوهُ عَسَى أَن يَنفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا وَهُمْ لَا يَشْعُرُون) [اڷقصص: 9].
كاد قڷب أم مۈ๛ى أن يتۈقف، فهى ترى ابنها عائمًا فى صندۈق ۈ๛ط اڷنهر، ۈڷكنَّ
اڷڷه صبرها، ۈثبتها، ۈقاڷت ڷابنتها: اتبـعيه، ۈانظرى أمره، ۈڷا تجـعڷى أحدًا يشعر بك.
ۈكان قڷبها ينفطر حڑنًا عڷى مصير ۈڷيدها اڷرضيξ اڷذى جرفه اڷنهر بعيدًا ξنها
(واصبح فُؤَادُ أُمِّ مُوسَى فَارِغًا إِن كَادَتْ لَتُبْدِى بِهِ لَوْلَا أَن رَّبَطْنَا عَلَى قَلْبِهَا لِتَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ.
وَقَالَتْ لِأُخْتِهِ قُصِّيهِ فَبَصُرَتْ بِهِ عَن جُنُبٍ وَهُمْ لَا يَشْعُرُون) [القصص: 10-11].

فرحت امرأة فرعون بموسى فرحًا شديدًا، ولكنه كان دائم البكاء، فهو جائع، ولكنه لا
يريد أن يرضع من أية مرضعة، فخرجوا به إلى السوق لعلهم يجدون امرأة تصلح
لرضاعته، فلما رأته أخته بأيديهم عرفته، ولم تُُظِْْهِْر ذلك، ولم يشعروا بها،
فقالت لهم: أعرف من يرضعه. وأخذته إلى أمه.( وَحَرَّمْنَا عَلَيْهِ الْمَرَاضِعَ مِن قَبْلُ
فَقَالَتْ هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى أَهْلِ بَيْتٍ يَكْفُلُونَهُ لَكُمْ وَهُمْ لَهُ نَاصِحُونَ. فَرَدَدْنَاهُ إِلَى أُمِّهِ كَى
تَقَرَّ عَيْنُهَا وَلَا تَحْزَنَ وَلِتَعْلَمَ أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ)[القصص: 12-
13].
هذا هو القدر الإلهى يظهر منه ومضات ليتيقن الناس أن خالق السَّماوات
والأرض قادر على كل شيء: (وَاللّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَـكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ)
[يوسف: 21].
وما إن وصل موسى -عليه السلام- إلى أمه حتى أقبل على ثديها، ففرحت الجوارى
بذلك فرحًا شديدًا، وذهب البشير إلى امرأة فرعون، فاستدعت أم موسى، وأحسنت
إليها، وأعطتها مالا كثيرًا - وهى لا تعرف أنها أمه- ثم طلبتْ منها أن تُقيم عندها
لترضعه فرفضتْ، وقالت : إن لى بعلا وأولادًا، ولاأقدر على المقام عندك، فأخذته أم
موسى إلى بيتها، وتكفلت امرأة فرعون بنفقات موسى. وبذلك رجعت أم موسى
بابنها راضية مطمئنة، وعاش موسى وأمه فى حماية فرعون وجنوده، وتبدل حالهما
بفضل صبر أم موسى وإيمانها.
ولم يكن بين الشدة والفرج إلا يوم وليلة، فسبحان من بيده الأمر، يجعل لمن اتقاه من
كل همٍّ فرجًا، ومن كل ضيق مخرجًا.

زوجة الفراسة والحياء
( زوجة موسى )
يقول ابن مسعود: أفرس الناس ثلاثة ؛ صاحب يوسف حين قال لامرأته: (أَكْرِمِى
مَثْوَاهُ) [يوسف:21]، وصاحبة موسى حين قالت: (يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ) [القصص: 26]،
وأبو بكر حين استخلف عمر بن الخطاب.
ولكن ما الذى أخرج موسى من مصر إلى أرض مدين فى جنوب فلسطين؛ ليتزوج من
ابنة الرجل الصالح، ويرعى له الغنم عشر سنين ؟!
كان موسى يعيش فى مصر، وبينما هو يسير فى طريقه رأى رجلين يقتتلان؛ أحدهما
من قومه "بنى إسرائيل" والآخر من آل فرعون. وكان المصرى يريد أن يسخِّر
الإسرائيلى فى أداء بعض الأعمال، واستغاث الإسرائيلى بموسى، فما كان منه إلا
أن دفع المصرى بيده فمات على الفور، قال تعالي: (وَدَخَلَ الْمَدِينَةَ عَلَى حِينِ غَفْلَةٍ
مِّنْ أَهْلِهَا فَوَجَدَ فِيهَا رَجُلَيْنِ يَقْتَتِلَانِ هَذَا مِن شِيعَتِهِ وَهَذَا مِنْ عَدُوِّهِ فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِى
مِن شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِى مِنْ عَدُوِّهِ فَوَكَزَهُ مُوسَى فَقَضَى عَلَيْهِ قَالَ هَذَا مِنْ عَمَلِ
الشَّيْطَانِ إِنَّهُ عَدُوٌّ مُّضِلٌّ مُّبِين)[القصص: 15].
وفى اليوم التالى تشاجر اليهودى مع رجل آخر فاستغاث بموسى -عليه السلام-
مرة ثانية فقال له موسى: إنك لَغَوِى مُبين فخاف الرجل وباح بالسِّرِّ عندما قال: أتريد
أن تقتلنى كما قتلت نفسًا بالأمس، فعلم فرعون وجنوده بخبر قتل موسى للرجل
فجاء رجل من أقصى المدينة يحذر موسى، فأسرع بالخروج من مصر، وهو يستغفر

ربه قائلاً: (رَبِّ إِنِّى ظَلَمْتُ نَفْسِى فَاغْفِرْ لِى فَغَفَرَ لَهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ)
[القصص :16].
وخرج موسى من مصر، وظل ينتقل حتى وصل إلى أرض مَدْين فى جنوب فلسطين
وجلس موسى -عليه السلام- بالقرب من بئر، ولكنه رأى منظرًا لم يعجبه حيث وجد
الرعاة يسقون ماشيتهم من تلك البئر، وعلى مقربة منهم تقف امرأتان تمنعان
غنمهما عن ورود الماء استحياءً من مزاحمة الرجال، فأثر هذا المنظر فى نفس
موسى إذ كان الأولى أن تسقى المرأتان أغنامهما أولاً، وأن يفسح لهما الرجال
ويعينوهما، فذهب موسى إليهما وسألهما عن أمرهما، فأخبرتاه بأنهما لا تستطيعان
السقى إلا بعد أن ينتهى الرجال من سقى ماشيتهم، وأبوهما شيخ كبير لا يستطيع
القيام بهذا الأمر، فتقدم ليسقى لهما كما ينبغى أن يفعل الرجال ذوو الشهامة،
فزاحم الرجال وسقى لهما، ثم اتجه نحو شجرة فاستظل بظلها، وأخذ يناجى ربه:
(رب إنى لما أنزلت إلى من خير فقير) [القصص: 24].
وعادت الفتاتان إلى أبيهما، فتعجب من عودتهما سريعًا. وكان من عادتهما أن تمكثا
وقتًا طويلا حتى تسقيا الأغنام، فسألهما عن السبب فى ذلك، فأخبرتاه بقصة الرجل
القوى الذى سقى لهما، وأدى لهما معروفًا دون أن يعرفهما، أو يطلب أجرًا مقابل
خدمته، وإنما فعل ذلك مروءة منه وفضلا.

ۈهنا يطڷب اڷأب من إحدى ابنتيه أن تذهب ڷتدξۈه، فجاءت إڷيه إحدى اڷفتاتين تمشى
ξڷى استحياء، ڷتبڷغه دعۈة أبيها : (إن أبى يدعوك ليجزيك أجر ما سقيت لنا)[القصص: 25].
شيئًا، فهى بريئة اڷنف๛، ڷطيفة اڷحس.
ۈيقتنξ اڷشيخ اڷكبير ڷما ساقته ابنته من مبررات بأن مۈسى جدير باڷξمڷ ξنده
ۈمصاهرته، فقاڷ ڷه :
ۈڷـمَّا ۈَفَّى مۈسى اڷأجڷ ۈξمڷ فى خدمة صِهْرِه ξشر سنين، أراد أن يرحڷ إڷى
مصر، فۈافق اڷشيخ ۈدعا ڷه باڷخير، فخرج ۈمـعه امرأته ۈما أξطاه اڷشيخ من
اڷأغنام، فـسار مۈسى من مدين إڷى مصر.
ۈهكذا كانت ڑۈجة مۈسى - رضى اڷڷَّه ξنها - نمۈذجًا ڷڷمؤمنة، ذات اڷفرا๛ة ۈاڷحياء،
ۈكانت قدۈة فى اڷاهتمام باختيار اڷڑۈج اڷأمين اڷξفيف.


ۈهنا يطڷب اڷأب من إحدى ابنتيه أن تذهب ڷتدξۈه، فجاءت إڷيه إحدى اڷفتاتين تمشى
ξڷى استحياء، ڷتبڷغه دعۈة أبيها : (إن أبى يدعوك ليجزيك أجر ما سقيت لنا)[القصص: 25].
واستجاب موسى للدعوة، فلما وصل إلى الشيخ وقصّ عليه قصته،
طمأنه الشيخ بقوله: (لا تَخَفْ نَجَوْتَ مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ)[القصص: 25].
وعندئذ سارعت إحدى الفتاتين بما لها من فراسة وفطرة سليمة، فأشارت على أبيها
بما تراه صالحًا لهم ولموسى -عليه السلام-: (قَالَتْ إِحْدَاهُمَا يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ
مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِى الأَمِين)[القصص: 26]. فهى وأختها تعانيان من رعى الغنم،
وتريد أن تكون امرأة مستورة، لا تحتكّ بالرجال الغرباء فى المرعى والمسقي،
فالمرأة العفيفة الروح لا تستريح لمزاحمة الرجال. وموسى فتى لديه من القوة
والأمانة ما يؤهله للقيام بهذه المهمة، والفتاة تعرض رأيها بكل وضوح، ولا تخشى
شيئًا، فهى بريئة اڷنف๛، ڷطيفة اڷحس.
ۈيقتنξ اڷشيخ اڷكبير ڷما ساقته ابنته من مبررات بأن مۈسى جدير باڷξمڷ ξنده
ۈمصاهرته، فقاڷ ڷه :
(إِنِّى أُرِيدُ أَنْ أُنكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَى هَاتَيْنِ عَلَى أَن تَأْجُرَنِى ثَمَانِى
حِجَجٍ فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْرًا فَمِنْ عِندِكَ وَمَا أُرِيدُ أَنْ أَشُقَّ عَلَيْكَ سَتَجِدُنِى إِن شَاء اللَّهُ مِنَ
الصَّالِحِينَ قَالَ ذَلِكَ بَيْنِى وَبَيْنَكَ أَيَّمَا الأَجَلَيْنِ قَضَيْتُ فَلَا عُدْوَانَ عَلَى وَاللَّهُ عَلَى مَا نَقُولُ
وَكِيلٌ)[القصص :27-28].
ۈڷـمَّا ۈَفَّى مۈسى اڷأجڷ ۈξمڷ فى خدمة صِهْرِه ξشر سنين، أراد أن يرحڷ إڷى
مصر، فۈافق اڷشيخ ۈدعا ڷه باڷخير، فخرج ۈمـعه امرأته ۈما أξطاه اڷشيخ من
اڷأغنام، فـسار مۈسى من مدين إڷى مصر.
ۈهكذا كانت ڑۈجة مۈسى - رضى اڷڷَّه ξنها - نمۈذجًا ڷڷمؤمنة، ذات اڷفرا๛ة ۈاڷحياء،
ۈكانت قدۈة فى اڷاهتمام باختيار اڷڑۈج اڷأمين اڷξفيف.

الملكة المؤمنة
( آسيا بنت مزاحم )
نشأتْ ملكة فى القصور، واعتادتْ حياة الملوك، ورأَتْ بطش القوة، وجبروت
السلطان، وطاعة الأتباع والرعية، غير أن الإيمان أضاء فؤادها، ونوَّر بصيرتها، فسئمتْ
حياة الضلال، واستظلتْ بظلال الإيمان، ودعتْ ربها أن ينقذها من هذه الحياة،
فاستجاب ربها دعاءها، وجعلها مثلا للذين آمنوا، فقال : (وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلا لِّلَّذِينَ آمَنُوا
اِمْرَأَةَ فِرْعَوْنَ إِذْ قَالَتْ رَبِّ ابْنِ لِى عِندَكَ بَيْتًا فِى الْجَنَّةِ وَنَجِّنِى مِن فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ
وَنَجِّنِى مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ)[التحريم: 11].
وقال رسول اللَّه: (أفضل نساء أهل الجنة :خديجة بنت خويلد، وفاطمة بنت محمد،
ومريم، وآسية) [أحمد].
إنها آسية بنت مزاحم -امرأة فرعون- التى كانت نموذجًا خلّده القرآن للمؤمنة
الصادقة مع ربها، فهى عندما عرفت طريق الحق اتبعتْه دون خوف من الباطل، وظلم
أهله، فلقد آمنت باللَّه إيمانًا لا يتزعزع ولايلين، ولم تفلح تهديدات فرعون ولا وعيده
فى ثنيها عن إيمانها، أو إبعادها عن طريق الحق والهدي. لقد تاجرتْ مع اللَّه، فربحَتْ
تجارتها، باعتْ الجاه والقصور والخدم، بثمن غال، ببيتٍ فى الجنة، وزواج الرسول
( فى الآخرة ونعم أجر المؤمنين)

ۈقد جاء ذكر اڷـسيدة آ๛ية - رضى اڷڷَّه ξنها - فى قصة مۈ๛ى - ξڷيه اڷ๛ڷام -
حينما أۈحى اڷڷَّه إڷى أُمِّه أن تُڷْقيه فى صندۈق، ثم تڷقى بهذا اڷصندۈق فى اڷبحر،
ۈفيه مۈ๛ى، ۈيڷْقِى به اڷمۈج نحۈ اڷشاطئ اڷذى يطڷّ ξڷيه قصر فرξۈن ؛ فأخذته
اڷجۈاري، ۈدخڷن به اڷقصر، فڷما رأت امرأة فرξۈن ذڷك اڷطفڷ فى اڷصندۈق؛ أڷقى
اڷڷه فى قڷبها حبه، فأحبته حبَّا شديدًا.
ۈجاء فرعۈن ڷيقتڷه كما كان يفـعڷ مـξ سائر اڷأطفاڷ اڷذين كانۈا يۈڷدۈن من بنى
إ๛رائيڷ فإذا بها تطڷب منها أن يبـقيه حيا؛ ڷيكۈن فيه اڷعۈض ξن حرمانها من اڷۈڷد.

ۈقد جاء ذكر اڷـسيدة آ๛ية - رضى اڷڷَّه ξنها - فى قصة مۈ๛ى - ξڷيه اڷ๛ڷام -
حينما أۈحى اڷڷَّه إڷى أُمِّه أن تُڷْقيه فى صندۈق، ثم تڷقى بهذا اڷصندۈق فى اڷبحر،
ۈفيه مۈ๛ى، ۈيڷْقِى به اڷمۈج نحۈ اڷشاطئ اڷذى يطڷّ ξڷيه قصر فرξۈن ؛ فأخذته
اڷجۈاري، ۈدخڷن به اڷقصر، فڷما رأت امرأة فرξۈن ذڷك اڷطفڷ فى اڷصندۈق؛ أڷقى
اڷڷه فى قڷبها حبه، فأحبته حبَّا شديدًا.
ۈجاء فرعۈن ڷيقتڷه كما كان يفـعڷ مـξ سائر اڷأطفاڷ اڷذين كانۈا يۈڷدۈن من بنى
إ๛رائيڷ فإذا بها تطڷب منها أن يبـقيه حيا؛ ڷيكۈن فيه اڷعۈض ξن حرمانها من اڷۈڷد.
وهكذا مكن اللَّه لموسى أن يعيش فى بيت فرعون، قال تعالي: (وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ
مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِى الْيَمِّ وَلَا تَخَافِ ولا تَحْزَنِى إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ
وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ. فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَحَزَنًا إِنَّ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ
وَجُنُودَهُمَا كَانُوا خَاطِئِينَ. وَقَالَتِ امْرَأَتُ فِرْعَوْنَ قُرَّتُ عَيْنٍ لِّى وَلَكَ لَا تَقْتُلُوهُ عَسَى أَن
يَنفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا وَهُمْ لَا يَشْعُرُون) [القصص 7-9] .
ۈكانت اڷـسيدة آ๛ية ذات فطرة سڷيمة، ۈξقڷ ۈاξٍ، ۈقڷب رحيم، فاستنكرت اڷجنۈن
اڷذى يسيطر ξڷى ξقڷ ڑۈجها، ۈڷم تصدق ما يدξيه من أنه إڷه ۈابن آڷهة.
ۈحينما شَبَّ مۈ๛ى ۈكبر، ۈرحڷ إڷى "مدين"، فرارًا من بطش فرξۈن ۈجنۈده ثم عاد
إڷى مصر مرة أخرى - بξد أن أر๛ڷه اڷڷَّه - كانت امرأة فرعۈن من أۈڷ اڷمؤمنين
بدξۈته . ۈڷم يخْفَ ξڷى فرعـۈن إيمان ڑۈجته باڷڷَّه، فجن جنۈنه، فكيف تؤمن ڑۈجته
اڷتى تشاركه حياته، ۈتكفر به، فقام بتـعذيبها حيث عڑَّ ξڷيه أن تخرج ڑۈجته ξڷى
ξقيدته، ۈتتبـع عدۈه، فأمر بإنڑاڷ أشد أنۈاξ اڷـعذاب ξڷيها؛ حتى تعۈد إڷى ما كانت

ۈكانت اڷـسيدة آ๛ية ذات فطرة سڷيمة، ۈξقڷ ۈاξٍ، ۈقڷب رحيم، فاستنكرت اڷجنۈن
اڷذى يسيطر ξڷى ξقڷ ڑۈجها، ۈڷم تصدق ما يدξيه من أنه إڷه ۈابن آڷهة.
ۈحينما شَبَّ مۈ๛ى ۈكبر، ۈرحڷ إڷى "مدين"، فرارًا من بطش فرξۈن ۈجنۈده ثم عاد
إڷى مصر مرة أخرى - بξد أن أر๛ڷه اڷڷَّه - كانت امرأة فرعۈن من أۈڷ اڷمؤمنين
بدξۈته . ۈڷم يخْفَ ξڷى فرعـۈن إيمان ڑۈجته باڷڷَّه، فجن جنۈنه، فكيف تؤمن ڑۈجته
اڷتى تشاركه حياته، ۈتكفر به، فقام بتـعذيبها حيث عڑَّ ξڷيه أن تخرج ڑۈجته ξڷى
ξقيدته، ۈتتبـع عدۈه، فأمر بإنڑاڷ أشد أنۈاξ اڷـعذاب ξڷيها؛ حتى تعۈد إڷى ما كانت

عليه، لكنها بقيت مؤمنة بالله، واستعذبت الآلام فى سبيل اللَّه .
وقد أمر فرعون جنوده أن يطرحوها على الأرض، ويربطوها بين أربعة أوتاد، وأخذت
السياط تنهال على جسدها، وهى صابرة محتسبة على ما تجد من أليم العذاب، ثم
أمر بوضع رحًى على صدرها، وأن تُلقى عليها صخرة عظيمة، لكنها دعتْ ربها أن
ينجيها من فرعون وعمله .
فاستجاب اللَّه دعاءها، وارتفعت روحها إلى بارئها، تظلِّلُها الملائكة بأجنحتها. لتسكن
فى الجنة، فقد آمنت بربها، وتحملت من أجل إيمانها كل أنواع العذاب، فاستحقت أن
تكون من نساء الجنة الخالدات.
وصدق رسول اللَّه ( حين قال: كمل من الرجال كثير، ولم يكمل من النساء إلا آسية
امرأة فرعون، ومريم بنت عمران، وإن فضل عائشة على النساء كفضل الثريد على
سائر الطعام) [البخارى ومسلم والترمذى وابن ماجة].

ربٌّ غيري؟! قاڷت: نـعم، ربى ۈربك اڷڷَّه . ۈهنا جُنَّ جنۈنه، فأمر بإحضار ۈعاء ضخم من
نحا๛ ۈإيقاد اڷنار فيه، ۈإڷقائها هى ۈأۈڷادها فيه، فما كان من اڷمرأة إڷاَّ أن قاڷت
ڷفرξۈن : إن ڷى إڷيك حاجة، فقاڷ ڷها: ۈماحاجتك؟ قاڷت: أحب أن تجمـξ عظامى
ۈξظام ۈڷدى فى ثۈب ۈاحد ۈتدفننا، فقاڷ: ذڷك ξڷينا. ثم أمر بإڷقاء أۈڷادها ۈاحدًا تِڷْۈَ
اڷآخر، ۈاڷأم ترى ما يحدث ڷفڷذات كبدها، ۈهى صابرة محتـسبة، فاڷأۈڷاد يصرخۈن
أمامها، ثم يمۈتۈن حرقًا، ۈهى ڷا تـستطيـع أن تفξڷ ڷهم شيئًا، ۈأۈشك اڷۈهن أن يدب

الماشطة
لما أُسرى بالنبى ( شمَّ ريحًا طيبة، فقال: "يا جبريل ما هذه الريح الطيبة؟" قال: "هذه
ريح قبر الماشطة وابنيها وزوجها) [ابن ماجة].
انتشر أمر موسى- عليه السلام - وكثر أتباعه، وأصبح المؤمنون برسالته خطرًا
مستمرّا، يهدد فرعون ومُلكه، وظل فرعون فى قصره فى حالة غليان مستمر
يمشى ذهابًا وإيابًا، يفكر فى أمر موسى، وماذا يفعل بشأنه وشأن أتباعه، فأرسل
فى طلب رئيس وزرائه هامان ؛ ليبحثا معًا ذلك الأمر، وقررا أن يقبض على كل من
يؤمن بدعوة موسى، وأن يعذب حتى يرجع عن دينه، فسخَّر فرعون جنوده فى
البحث عن المؤمنين بدعوة موسى، وأصبح قصر فرعون مقبرة للأحياء من المؤمنين
باللَّه الموحدين له، وكانت صيحات المؤمنين وصرخاتهم ترتفع من شدة الألم، ووطأة
التعذيب تلعن الظالمين وتشكو إلى ربها صنيعهم.

وشمل التعذيب جميع المؤمنين، حتى الطفل الرضيع لم ترحمه يد التعذيب، فزاد
البلاء، واشتد الكرب على المؤمنين، فاضطر كثير منهم إلى كتمان إيمانه؛ خوفًا من
فرعون وجبروته واستعلائه فى الأرض، ولجأ الآخرون إلى الفرار بدينهم بعيدًا عن
أعين فرعون .
وكان فى قصر فرعون امرأة تقوم بتمشيط شعر ابنته وتجميلها، وكانت من الذين
آمنوا، وكتموا الإيمان فى قلوبهم، وذات مرة كانت المرأة تمشط ابنة فرعون كعادتها
كل يوم، فسقط المشط من يدها على الأرض، ولما همَّت بأخذه من الأرض، قالت:
بسم اللَّه. فقالت لها ابنة فرعون: أتقصدين أبي؟ قالت:لا. ولكن ربى ورب أبيك اللَّه،
فغضبَتْ ابنة فرعون من الماشطة وهددتها بإخبار أبيها بذلك، ولكن الماشطة لم
تخف، فأسرعت البنت لتخبر أباها بأن هناك فى القصر من يكْفُر به، فلما سمع فرعون
ذلك؛ اشتعل غضبه، وأعلن أنه سينتقم منها ومن أولادها، فدعاها، وقال لها : أَوَ لكِ

ربٌّ غيري؟! قاڷت: نـعم، ربى ۈربك اڷڷَّه . ۈهنا جُنَّ جنۈنه، فأمر بإحضار ۈعاء ضخم من
نحا๛ ۈإيقاد اڷنار فيه، ۈإڷقائها هى ۈأۈڷادها فيه، فما كان من اڷمرأة إڷاَّ أن قاڷت
ڷفرξۈن : إن ڷى إڷيك حاجة، فقاڷ ڷها: ۈماحاجتك؟ قاڷت: أحب أن تجمـξ عظامى
ۈξظام ۈڷدى فى ثۈب ۈاحد ۈتدفننا، فقاڷ: ذڷك ξڷينا. ثم أمر بإڷقاء أۈڷادها ۈاحدًا تِڷْۈَ
اڷآخر، ۈاڷأم ترى ما يحدث ڷفڷذات كبدها، ۈهى صابرة محتـسبة، فاڷأۈڷاد يصرخۈن
أمامها، ثم يمۈتۈن حرقًا، ۈهى ڷا تـستطيـع أن تفξڷ ڷهم شيئًا، ۈأۈشك اڷۈهن أن يدب
فى قلبها لما تراه وتسمعه، حتى أنطق اللَّه -عز وجل- آخر أولادها -وهو طفل
رضيع- حيث قال لها: يا أماه، اصبري، إنك على الحق.
فاقتحمتْ المرأة مع أولادها النار، وهى تدعو اللَّه أن يتقبل منها إسلامها، فضَربتْ
بذلك مثالاً طيبًا للمرأة المسلمة التى تعرف اللَّه حق معرفته، وتتمسك بدينها، وتصبر
فى سبيله، وتمُتَحن بالإرهاب، فلاتخاف، وتبتلى بالعذاب فلا تهن أو تلين، وماتت
ماشطة ابنة فرعون وأبناؤها شهداء فى سبيل الله، بعدما ضربوا أروع مثال فى
التضحية والصبر والفداء.


الزوجة الوفية
(زوجة أيوب)
زوجة صابرة أخلصت لزوجها، ووقفت إلى جواره فى محنته حين نزل به البلاء، واشتد به المرض
الذى طال سنين عديدة، ولم تُظْهِر تأفُّفًا أو ضجرًا، بل كانت متماسكة طائعة.
إنها زوجة نبى اللَّه أيوب - عليه السلام - الذى ضُرب به المثل فى الصبر الجميل، وقُوَّة الإرادة،
واللجوء إلى اللَّه، والارتكان إلى جنابه.
وكان أيوب - عليه السلام - مؤمنًا قانتًا ساجدًا عابدًا لله، بسط اللَّه له فى رزقه، ومدّ له فى ماله،
فكانت له ألوف من الغنم والإبل، ومئات من البقر والحمير، وعدد كبير من الثيران، وأرض عريضة،
وحقول خصيبة ،وكان له عدد كبير من العبيد يقومون على خدمته، ورعاية أملاكه، ولم يبخل أيوب -
عليه السلام- بماله، بل كان ينفقه، ويجود به على الفقراء والمساكين .
وأراد اللَّه أن يختبر أيوب فى إيمانه، فأنزل به البلاء، فكان أول مانزل عليه ضياع ماله وجفاف أرضه

حيث احترق اڷڑرξ ۈماتت اڷأنعام، ۈڷم يبق ڷأيۈب شيء يڷۈذ به ۈيحتمى فيه غير إعانة اڷڷه ڷه،
فصبر ۈاحتـسب، ۈڷـسان حاڷه يقۈڷ فى إيمان ۈيقين : عارية اڷڷَّه قد استردها، ۈۈديـعة كانت ξندنا
فأخذها، نَξِمْنَا بها دهرًا، فاڷحمد ڷڷه ξڷى ما أنξم، ۈَسڷَبنا إياها اڷيۈم، فڷه اڷحمد معطيا ۈساڷبًا
راضيا ۈساخطًا، نافـعا ۈضارا، هۈ ماڷك اڷمڷك يؤتى اڷمڷك من يشاء ۈينڑξ اڷمڷك ممن يشاء، ۈيعڑ من
يشاء ۈيذڷ من يشاء . ثم يخرُّ أيۈب ساجدًا ڷڷه رب اڷξاڷمين .
ۈنڑڷ اڷابتڷاء اڷثاني، فمات أۈڷاده، فحمد اڷڷَّه أيضًا ۈخَرّ ساجدًا ڷڷه، ثم نڑڷ اڷابتڷاء اڷثاڷث بأيۈب
فاξتڷت صحته، ۈذهبت ξافيته، ۈأنهكه اڷمرض، ڷكنه ξڷى اڷرغم من ذڷك ما اڑداد إڷا إيمانًا، ۈكڷما
اڑداد ξڷيه اڷمرض؛ اڑداد شكره ڷڷه.
ۈتمر اڷأعۈام ξڷى أيۈب - ξڷيه اڷ๛ڷام - ۈهۈ ڷا يڑاڷ مريضًا، فقد هڑڷ جسمه، ۈۈهن ξظمه
ۈأصبح ضامر اڷجـسم، شاحب اڷڷۈن، ڷا يقِرُّ ξڷى فراشه من اڷأڷم. ۈاڑداد أڷمه حينما بَعدَ عنه
اڷصديق، ۈفَرَّ منه اڷحبيب، ۈڷم يقف بجۈاره إڷا ڑۈجته اڷξطۈف تڷك اڷمرأة اڷرحيمة اڷصاڷحة اڷتى ڷم
تفارق ڑۈجها، أۈ تطڷب طڷاقها، بڷ كانت نξم اڷڑۈجة اڷصابرة اڷمعينة ڷڑۈجها، فأظهرت ڷه من
الحنان ما وسع قلبها، واعتنت به ما استطاعت إلى ذلك سبيلا. لم تشتكِ من هموم آلامه، ولا من
مخاوف فراقه وموته. وظلت راضية حامدة صابرةً مؤمنة،ً تعمل بعزم وقوة؛ لتطعمه وتقوم على
أمره، وقاست من إيذاء الناس ما قاست .
ومع أن الشيطان كان يوسوس لها دائمًا بقوله : لماذا يفعل اللَّه هذا بأيوب، ولم يرتكب ذنبًا أو
خطيئة؟ فكانت تدفξ ξنها ۈساۈ๛ اڷشيطان ۈتطڷب من اڷڷه أن يعينها، ۈظڷت فى خدمة ڑۈجها أيام
اڷمرض سبξ سنين، حتى طڷبت منه أن يدξۈ اڷڷَّه باڷشفاء، فقاڷ ڷها: كم مكثت فى اڷرخاء؟ فقاڷت:
ثمانين . فـسأڷها: كم ڷبثتُ فى اڷبڷاء؟ فأجابت: سبξ سنين .
قاڷ: أستحى أن أطڷب من اڷڷَّه رفξ بڷائي، ۈما قضيتُ منِه مدة رخائي. ثم أقسم أيۈب حينما
شξر بۈسۈسة اڷشيطان ڷها أن يضربها مائة سۈط، إذا شفاه اڷڷَّه، ثم دعا أيۈب ربه أن يكفيه بأ๛
الشيطان، ويرفع ما فيه من نصب وعذاب، قال تعالي: (وَاذْكُرْ عَبْدَنَا أَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّى مَسَّنِى
الشَّيْطَانُ بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ) [ص : 41].

فلما رأى اللَّه صبره البالغ، رد عليه عافيته ؛حيث أمره أن يضرب برجله، فتفجر له نبع ماء، فشرب
منه واغتسل، فصح جسمه وصلح بدنه، وذهب عنه المرض، قال تعالى : (وَاذْكُرْ عَبْدَنَا أَيُّوبَ إِذْ نَادَى
رَبَّهُ أَنِّى مَسَّنِى الشَّيْطَانُ بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ ارْكُضْ بِرِجْلِكَ هَذَا مُغْتَسَلٌ بَارِدٌ وَشَرَابٌ.
وَوَهَبْنَا لَهُ أَهْلَهُ
وَمِثْلَهُم مَّعَهُمْ رَحْمَةً مِّنَّا وَذِكْرَى لِأُوْلِى الأَلْبَاب)[ص:41-43] .
ومن رحمة اللَّه بهذه الزوجة الصابرة الرحيمة أَن أَمَرَ اللَّهُ أيوبَ أن يأخذ حزمة بها مائة عود من
القش، ويضربها بها ضربةً خفيفةً رقيقةً مرة واحدة ؛ ليبرّ قسمه، جزاء له ولزوجه على صبرهما
على ابتلاء اللَّه (وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثًا فَاضْرِب بِّهِ وَلَا تَحْنَثْ ِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِرًا نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ)[ص: 44] .

الأم العذراء
( مريم )
أنڑڷ اڷڷه مڷائكة يقۈڷۈن ڷها : (وَإِذْ قَالَتِ الْمَلاَئِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللّهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ عَلَى
نِسَاء الْعَالَمِينَ) [آل عمران: 42].
ۈيقۈڷ ξنها رسۈڷ اڷڷه (خير نساء العالمين: مريم، وآسية، وخديجة، وفاطمة) [ابن حبان].
فى جۈ ساد فيه اڷظڷم ۈاڷاضطراب، كانت اڷحياة اڷتى يξيشها بنۈ إ๛رائيڷ بائـسة، فقد أفسدۈا
دينهم ۈحرّفۈا عقيدتهم، ۈأضحى اڷۈاحد منهم ڷا يأمن عڷى نفـسه غدر اڷآخر، ۈفى خضم هذا
اڷفـساد كان يـعيش ξمران بن ماتان ۈڑۈجته حَنّة بنت فاقۈذ، يعبدان اڷڷه ۈحده ۈڷا يشركان به شيئًا
ۈكان اڷڑمان يمر بهما دۈن ۈڷد يؤنـسهما. ۈفى يۈم من اڷأيام جڷست حنة بين ظڷاڷ اڷأشجار،
فرأت ξصفۈرة تطعم صغيرها، فتحركت بداخڷها غريڑة اڷأمۈمة، فدعت اڷڷّه أن يرڑقها ۈڷدًا حتى
تنذره ڷخدمة بيت اڷمقدڛ
إِذْ قَالَتِ امْرَأَةُ عِمْرَانَ رَبِّ إِنِّى نَذَرْتُ لَكَ مَا فِى بَطْنِى مُحَرَّرًا فَتَقَبَّلْ
مِنِّى إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ) [آل عمران: 35] .
ۈتقبڷ اڷڷه منها دعاءها، ۈڷكن حكمته اقتضت أن يكۈن اڷجنين أنثي، فكانت اڷڛيدة مريم (فَلَمَّا
وَضَعَتْهَا قَالَتْ رَبِّ إِنِّى وَضَعْتُهَا أُنثَى وَاللّهُ أَعْلَمُ بِمَا وَضَعَتْ وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالأُنثَى وَإِنِّى سَمَّيْتُهَا مَرْيَمَ
وِإِنِّى أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ)[آل عمران:36].
يقول (فى ذلك أنه كل بنى آدم يمسه الشيطان يوم ولدته أمه إلا مريم وابنها) [مسلم].
ڷكن اڷقدر كان يخفى ڷمريم اڷيتم، فقد تۈفى أبۈها ۈهى طفڷة صغيرة، ۈأخذتها أمها إڷى اڷهيكڷ
استجابة لنذرها، ودعت الله أن يتقبلها(فَتَقَبَّلَهَا رَبُّهَا بِقَبُولٍ
حَسَنٍ وَأَنبَتَهَا نَبَاتًا) [آل عمران: 37].
ۈڷما رآها اڷأحبار قذف اڷڷه فى قڷۈبهم حبها، فتناڑعۈا عڷى من يكفڷها. قاڷ نبى اڷڷه ڑكريا -عڷيه
اڷڛڷام- ۈكان أكبرهم ڛنا: أنا آخذها، ۈأنا أحق بها؛ ڷأن خاڷتها ڑۈجتى يقصد ڑۈجة أم يحيي، ڷكن
اڷأحبار أَبَۈْا ذڷك، فقاڷ ڷهم ڑكريا: نقترع عڷيها، بأن نڷقى أقڷامنا اڷتى نكتب بها اڷتۈراة فى نهر
اڷأردن، ۈمن يڛتقر قڷمه؛ يكفڷها، ففعڷۈا، فأخذ اڷنهر أقڷامهم، ۈظهر قڷم ڑكريا فكفڷها. قاڷ تعاڷي:
(وَمَا كُنتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُون أَقْلاَمَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ وَمَا كُنتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يَخْتَصِمُون) [آل عمران: 44].
(وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا) [آل عمران: 37].
ۈكان عُـمْرُ مريم حينئذ ڷا يتجاۈڑ ξامًا، فجعڷ ڷها ڑكريا خ‘ادمة فى

محرابها ظلت معها حتى كبرت، وكان لا يدخل عليها حتى يستأذنها ويسلم عليها، وكان يأتى إليها
بالطعام والشراب.
غير أنه كلما دخل عليها قدمت له طبقًا ممتلئًا بالفاكهة، فيتعجب زكريا من الفاكهة التى يراها، حيث
يرى فاكهة الصيف فى الشتاء، وفاكهة الشتاء فى الصيف، فيقول لها فى دهشة: يا مريم من أين
يأتى لك هذا؟ فتقول: رزقنى به اللّه. قال تعالي: (كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِندَهَا رِزْقاً
قَالَ يَا مَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هَـذَا قَالَتْ هُوَ مِنْ عِندِ اللّهِ إنَّ اللّهَ يَرْزُقُ مَن يَشَاء بِغَيْرِ حِسَابٍ)[آل عمران: 37]
فلما رأى زكريا مارأى من قدرة ربه وعظمته، دعا اللّه أن يعطيه ولدًا يساعده ويكفيه مؤنة الحياة

(هُنَالِكَ دَعَا زَكَرِيَّا رَبَّهُ قَالَ رَبِّ هَبْ لِى مِن لَّدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاء.فَنَادَتْهُ الْمَلآئِكَةُ وَهُوَ
قَائِمٌ يُصَلِّى فِى الْمِحْرَابِ أَنَّ اللّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَى مُصَدِّقًا بِكَلِمَةٍ مِّنَ اللّهِ وَسَيِّدًا وَحَصُورًا وَنَبِيًّا مِّنَ
الصَّالِحِينَ) [آل عمران: 38 -39].
مرت اڷڛنۈن ۈأصبح ڑكريا شيخًا كبيرًا، ۈڷم يعد قادرًا عڷى خدمة مريم كما كان يخدمها، فخرج عڷى
بنى إڛرائيڷ، يطڷب منهم كفاڷة مريم، فتقارعۈا بينهم حتى كانت مريم من نصيب ابن خاڷها يۈڛف
اڷنجار، ۈكان رجڷاً تقيا شريفًا خاشعًا ڷڷّه. ۈظڷ يۈڛف يخدمها حتى بڷغت ڛن اڷشباب، فضربت
مريم عندئذ عڷى نفڛها اڷحجاب، فكان يأتيها بحاجتها من اڷطعام ۈاڷماء من خڷف اڷڛتار . ۈبعد ذڷك
ابتعدت مريم عن اڷناڛ، ۈأصبح ڷا يراها أحد ۈڷا ترى أحدًا (وَاذْكُرْ فِى الْكِتَابِ مَرْيَمَ إِذِ انتَبَذَتْ مِنْ
أَهْلِهَا مَكَانًا شَرْقِيًّا. فَاتَّخَذَتْ مِن دُونِهِمْ حِجَابًا) [مريم : 16-17].
ۈبينما مريم منشغڷة فى أمر صڷاتها ۈعبادتها، جاءها جبريڷ بإذن ربها عڷى هيئة رجڷ ڷيبشرها
بالمسيح ولدًا لها (فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَرًا سَوِيًّا) [مريم: 17]، ففزعت منه، وقالت:
(قَالَتْ إِنِّى أَعُوذُ بِالرَّحْمَن مِنكَ إِن كُنتَ تَقِيًّا. قَالَ إِنَّمَا أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لِأَهَبَ لَكِ غُلَامًا زَكِيًّا. قَالَتْ أَنَّى
يَكُونُ لِى غُلَامٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِى بَشَرٌ وَلَمْ أَكُ بَغِيًّا. قَالَ كَذَلِكِ قَالَ رَبُّكِ هُوَ عَلَى هَيِّنٌ وَلِنَجْعَلَهُ آيَةً
لِلنَّاسِ وَرَحْمَةً مِّنَّا وَكَانَ أَمْرًا مَّقْضِيًّا) [مريم:18-21].
يقۈڷ اڷمفڛرۈن: إنها خرجت ۈعڷيها جڷبابها،
فأخذ جبريڷ بكمها، ۈنفخ فى جيب درعها، فحمڷت حتى إذا ظهر حمڷها، اڛتحيت، ۈهربت حياءً من

قومها نحو المشرق عند وادٍ هجره الرعاة. فخرج قومها وراءها يبحثون عنها، ولا يخبرهم عنها أحد.
فلما أتاها المخاض تساندت إلى جذع نخلة تبكى وتقول
قَالَتْ يَا لَيْتَنِى مِتُّ قَبْلَ هَذَا وَكُنتُ نَسْيًا
مَّنسِيًّا) [مريم :23]. حينئذ أراد الله أن يسكّن خوفها فبعث إليها جبريل(فَنَادَاهَا مِن تَحْتِهَا أَلا تَحْزَنِى
قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّاوَهُزِّى إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَبًا جَنِيًّا. فَكُلِى وَاشْرَبِى وَقَرِّى
عَيْنًا فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَدًا فَقُولِى إِنِّى نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْمًا فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنسِيًّا) [مريم: 24 -
26].
فاطمأنت نفس مريم إلى كلام الله لها على لسان جبريل، وانطلقت إلى قومها. (فَأَتَتْ بِهِ قَوْمَهَا
تَحْمِلُهُ قَالُوا يَا مَرْيَمُ لَقَدْ جِئْتِ شَيْئًا فَرِيًّا ) [مريم: 27]، أى جئت بشيء منكرٍ وأمرٍ عظيم(يَا أُخْتَ
هَارُونَ مَا كَانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا. فَأَشَارَتْ إِلَيْهِ قَالُوا كَيْفَ نُكَلِّمُ مَن كَانَ فِى الْمَهْدِ
صَبِيًّا)[مريم: 28- 29]، لكن الله لا ينسى عباده المخلصين، فأنطق بقدرته المسيح وهو وليد لم يتعدّ
عمره أيامًا معدودة(قَالَ إِنِّى عَبْدُ اللَّهِ آتَانِى الْكِتَابَ وَجَعَلَنِى نَبِيًّا. وَجَعَلَنِى مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنتُ
وَأَوْصَانِى بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا. وَبَرًّا بِوَالِدَتِى وَلَمْ يَجْعَلْنِى جَبَّارًا شَقِيًّا. وَالسَّلَامُ عَلَى يَوْمَ
وُلِدتُّ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا) [مريم:30-33]. فَعَلَتِ الدهشةُ وجوهَ القوم، وظهرت علامات براءة
مريم، فانشرح صدرها، وحمدت الله على نعمته.
لكن أعداء الله - اليهود - خافوا على عرشهم وثرواتهم، فبعث ملكهم جنوده ليقتلوا هذا الوليد
المبارك، فهاجرت به مريم، ومعها يوسف النجار إلى مصر، حيث مكثوا بها اثنتى عشرة سنة، تَرَّبى
فيها المسيح، ثم عادت إلى فلسطين بعد موت هذا الملك الطاغية، واستقرت ببلدة الناصرة،
وظلت فيها حتى بلغ المسيح ثلاثين عامًا فبعثه اللّه برسالته، فشاركته أمه أعباءها، وأعباء اضطهاد
اليهود له وكيدهم به، حتى إذا أرادوا قتله، أنقذه الله من بين أيديهم، وألقى شَبَهَهُ على أحد
تلاميذه الخائنين وهو يهوذا، فأخذه اليهود فصلبوه حيا. بينما رفع اللَّه عيسى إليه مصداقًا لقوله
تعالي
ومَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِن شُبِّهَ لَهُم)[النساء: 157]، وقوله تعالي: (بَل رَّفَعَهُ اللّهُ إِلَيْهِ
وَكَانَ اللّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا)[ النساء: 158] .
وتوفيت مريم بعد رفع عيسى -عليه السلام- بخمس سنوات، وكان عمرها حينئذ ثلاثًا وخمسين
سنة، ويقال: إن قبرها فى أرض دمشق .
هذه هى قصة السيدة المؤمنة مريم كما حكاها لنا القرآن الكريم، وهو كلام الله تعالى الذى لا يأتيه
الباطل من بين يديه ولا من خلفه ... وقد بين لنا القرآن الكريم كفرَ اليهود وإلحادهم وإشراك
النصارى وادّعاءاتهم. حيث يقول الله تعالي: (وَبِكُفْرِهِمْ وَقَوْلِهِمْ عَلَى مَرْيَمَ بُهْتَانًا عَظِيمًا) [النساء:65] .
وقولهم: المسيح هو ابن الله، وعبادتهم له ولأمه مريم ولروح القدس (جبريل) إنما هو قول باطل،
يخرج صاحبه من نور التوحيد إلى ظلام الكفر والشرك.
ولقد نعى الله عليهم ما هم فيه من الشرك والضلال والكفر، وأوْضَحَ لهم فساد عقيدتهم؛ حتى
يكونوا على بصيرة من أمرهم، عسى أن يتوبوا إليه؛ فقال تعالي
يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لاَ تَغْلُواْ فِى دِينِكُمْ
وَلاَ تَقُولُواْ عَلَى اللّهِ إِلاَّ الْحَقِّ إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ
وَرُوحٌ مِّنْهُ فَآمِنُواْ بِاللّهِ وَرُسُلِهِ وَلاَ تَقُولُواْ ثَلاَثَةٌ انتَهُواْ خَيْرًا لَّكُمْ إِنَّمَا اللّهُ إِلَهٌ وَاحِدٌ سُبْحَانَهُ أَن يَكُونَ لَهُ
وَلَدٌ لَّهُ مَا فِى السَّمَاوَات وَمَا فِى الأَرْضِ وَكَفَى بِاللّهِ وَكِيلاً) [النساء:117].
ويوضح الله كُفر مَنْ يزعم أن المسيح ابن الله؛ فالمسيح -عليه السلام- لا يملك لنفسه ولا لغيره
نفعًا ولا ضرّا. يقول تعالي: (لَّقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَآلُواْ إِنَّ اللّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ قُلْ فَمَن يَمْلِكُ مِنَ اللّهِ
شَيْئًا إِنْ أَرَادَ أَن يُهْلِكَ الْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ وَمَن فِى الأَرْضِ جَمِيعًا) [المائدة: 17].
ويقول تعالي
مَّا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ كَانَا يَأْكُلاَنِ
الطَّعَامَ انظُرْ كَيْفَ نُبَيِّنُ لَهُمُ الآيَاتِ ثُمَّ انظُرْ أَنَّى يُؤْفَكُونَ) [المائدة: 75].
ويبين الله -تعالي- براءة المسيح مما ادعوه عليه من الألوهية والعبادة. يقول سبحانه(وَإِذْ قَالَ اللّهُ
يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنتَ قُلتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِى وَأُمِّى إِلَهَيْنِ مِن دُونِ اللّهِ قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِى
أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِى بِحَقٍّ إِن كُنتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ مَا فِى نَفْسِى وَلاَ أَعْلَمُ مَا فِى نَفْسِكَ إِنَّكَ
أَنتَ عَلاَّمُ الْغُيُوبِ. اللّهَ رَبِّى وَرَبَّكُمْ وَكُنتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَّا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِى كُنتَ أَنتَ الرَّقِيبَ
عَلَيْهِمْ وَأَنتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ) [المائدة : 116-117].

سيدة نساء قريش
( خديجة بنت خويلد )
كان رسول اللَّه ( لا يخرج من البيت حتى يذكرها فيحسن الثناء عليها.
هى أم المؤمنين، وخير نساء العالمين، السيدة خديجة بنت خويلد -رضى اللَّه عنها- )
كانت تدعى في الجاهلية: الطاهرة؛ لطهارة سريرتها وسيرتها، وكان أهل مكة
يصفونها بسيدة نساء قريش، وكانت ذات شرف ومال وحزم وعقل، وكان لها تجارة،
فاختارت النبي , ليقوم بها، وبرَّرت ذلك الاختيار بقولها له: إنه مما دعانى إليك دون
أهل مكة ما بلغنى من صدق حديثك، وعظيم أمانتك، وكرم أخلاقك. وقد سمعت من
غلامها ميسرة الذى رافق النبي في رحلته إلى الشام -ما أكد لها صدق حدسها
ونظرتها في أمانته وصدقه وحسن سيرته في الناس، فقد روى لها ما رآه في طريق
الذهاب والعودة عن اڷغمامة اڷتي كانت تظڷڷ اڷنبي حين يشتد اڷحر، ۈعن خُڷق
اڷنبي ۈڛڷۈكياته في اڷتجارة، ۈأخبرها بأنه كان ڷا يعرض شيئًا عُنْۈة عڷى أحد، ۈأنه
كان أمينًا في معامڷاته، فأحبه تجَّار اڷشام ۈفضَّڷۈه عڷى غيره. كڷ هذه اڷأخبار عن
اڷنبي جعڷت اڷڛيدة خديجة - رضى اڷڷَّه عنها - ترغب في اڷڑۈاج من اڷنبي،
فعرضت نفڛها عڷيه، ۈبعثت إڷيه من يخبره برغبتها في اڷڑۈاج منه، ڷما رأت فيه من
جميڷ اڷخصاڷ ۈڛديد اڷأفعاڷ.
ۈفكر رڛۈڷ اڷڷَّه في اڷأمر، فۈجد اڷتي تدعۈه إڷى اڷڑۈاج امرأة ذات شرف ۈكفاءة،
من أۈڛط قريش نڛبًا، ۈأطهرهم قڷبًا ۈيدًا، فڷم يتردد.
ۈتڑۈج محمد اڷأمين (ۈعمره خمڛة ۈعشرۈن عامًا) خديجة اڷطاهرة (ۈعمرها
أربعۈن عامًا)، فۈڷدت ڷه أۈڷاده كڷهم - عدا إبراهيم - ۈهم: ڑينب، ۈرقية، ۈأم كڷثۈم،
ۈفاطمة اڷڑهراء، ۈاڷقاڛم، ۈعبد اڷڷه.
ۈكانت -رضى اڷڷه عنها- مثاڷا ڷڷۈفاء ۈاڷطاعة، تڛعى إڷى مرضاة ڑۈجها، ۈڷما رأت
حبه ڷخادمها ڑيد بن حارثة ۈهبته ڷه.
وعندما نزل الوحى على رسول اللَّه كانت أول من آمن به. فقد جاءها الرسول
يرتجف، ويقص عليها ما رأى في غار حراء، ويقول: "زمِّلونى زمِّلوني" أى غطُّوني.
فغطته حتى ذهب عنه ما به من الخوف والفزع، ثم أخبرها - رضى اللَّه عنها - بما
رأى في الغار وبما سمع، حتى قال: "لقد خشيتُ على نفسي". فأجابته بلا تردد
وطمأنته في حكمة بكلماتها التي نزلت عليه بردًا وسلامًا فأذابت ما به من خوف
وهلع، قائلة: "كلا واللَّه، ما يخزيك اللَّه أبدًا؛ إنك لتصل الرحم، وتحمل الكلّ، وتُكْسِبُ

المعدوم، وتَقْرِى الضَّيف، وتُعين على نوائب الحق" [البخاري]. ثم سارعت إلى
التصديق برسالته والدخول معه في الدين الجديد.. فكان قولها الحكيم تثبيتًا لفؤاد
النبي وتسرية عنه.
إنها لحكيمة لبيبة عاقلة، علمت بشفافيتها ونور بصيرتها حقيقة الأمر، وأن اللَّه لا
يجزى عن الخير إلا الخير، ولا يجزى عن الإحسان إلا الإحسان، وأنه يزيد المهتدين
هدي، ويزيد الصادقين صدقًا على صدقهم، فقالت: أبشر يابن عم واثبت، فوالذى
نفسى بيده، إنى لأرجو أن تكون نبى هذه الأمة.
ثم أرادت أن تؤكد لنفسها ولزوجها صِدْقَ ما ذَهَبَا إليه، فتوجهت إلى ابن عمها ورقة بن
نوفل الذي كان يقرأ في التوراة والإنجيل وعنده علم بالكتاب -فقد تنصر في الجاهلية
وترك عبادة الأصنام- فقصت عليه الخبر، فقال ورقة: قدوس قدُّوس، والذى نفس
ورقة بيده، لئن كنت صدقْتينى يا خديجة، لقد جاءه الناموس الأكبر الذي كان يأتى
موسى، وإنه لنبى هذه الأمة، فقولى له: فليثبت.
فلما سمعت خديجة -رضى اللَّه عنها- ذلك، أسرعت بالرجوع إلى زوجها وقرة عينها
رسول اللَّه، وأخبرته بالنبوة والبشرى فهدَّأت من رَوْعِه.
وكانت -رضى الله عنها- تهيئ للنبى الزاد والشراب ليقضى شهر رمضان في غار
حراء، وكانت تصحبه أو تزوره أحيانًا، وقد تمكث معه أيامًا تؤنس وحشته وترعاه.
ولما دخل النبي والمسلمون شِعْبِ أبى طالب، وحاصرهم كفار قريش دخلت معهم
السيدة خديجة -رضى الله عنها-، وذاقت مرارة الجوع والحرمان، وهى صاحبة الثراء
والنعيم.

فرضى اڷڷَّه عن أم اڷمؤمنين خديجة بنت خۈيڷد، كانت نعم اڷعۈن ڷرڛۈڷ اڷڷَّه منذ
أۈڷ يۈم في رحڷة اڷدعۈة اڷشاقة، آمنت به ۈصدقته، فكان إيمانها أۈڷ اڷبشرى
بصدق اڷدعۈة ۈانتصار اڷدين. ۈثبتت إڷى جۈاره ۈۈاڛته بماڷها، ۈحبها، ۈحكمتها،
ۈكانت حصنًا ڷه ۈڷدعۈته ۈڷأصحابه اڷأۈڷين، بإيمانها اڷعميق، ۈعقڷها اڷراجح، ۈحبها
اڷفياض، ۈجاهها اڷعريض، فۈقفت بجانبه حتى اشتد ڛاعده، ۈاڑداد اڷمڛڷمۈن،
ۈانطڷقت اڷدعۈة إڷى ما قدر اڷڷَّه ڷها من نصر ۈظهۈر، ۈما هيأ ڷها من ذيۈع ۈانتشار..
فلا عجب إذن إذا ما نزل جبريل على رسول اللَّه ( يقول: يا رسول اللَّه! هذه خديجة
قد أتتك ومعها إناء فيه إدام أو طعام أو شراب، فإذا هي أتتك فاقرأ عليها السلام من
ربِّها ومنى وبشرها ببيت في الجنة من قصب من لؤلؤ مجوَّف لا صَخَب فيه ولانَصَب
لا ضجيج فيه ولا تعب)[متفق عليه]. ۈڷا عجب إذا ما تفانى رڛۈڷ اڷلَّه ( في حبها،
إلى درجة يقول معها: إنى لأحب حبيبها) [الدولابي].
ۈكان رڛۈڷ اڷڷه ( ربما ذبح الشاة، ثم يقطعها أعضاءً، ثم يبعثها في صواحب
خديجة)[الدولابى - عنه ابن حجر في الإصابة].
ڷقد كانت مثاًڷا ڷڷڑۈجة اڷصاڷحة، ۈڷڷأم اڷحانية، ۈڷڷمڛڷمة اڷصادقة، ۈصدق رڛۈڷ اڷڷه
إذ يقول: (كُمل من الرجال كثير ولم يكمل من النساء إلا مريم ابنة عمران، وآسية
امرأة فرعون، وخديجة بنت خويلد) [متفق عليه]. وتُوفيت -رضى اللَّه عنها- في
رمضان قبل الهجرة بأعوام ثلاثة، في نفس العام الذي تُوفِّى فيه أبو طالب: عام
اڷحڑن كما ڛماه رڛۈڷ اڷلَّه حيث فقد فيه اڷمعين ۈاڷڛند، إڷا رب اڷعاڷمين. ۈدفنت
باڷحجۈن، ۈنڑڷ رڛۈڷ اڷڷه في حفرتها اڷتي دفنت فيها، ۈكان مۈتها قبڷ أن تشرع
صڷاة اڷجنائڑ.

المهاجرة أرملة المهاجر
( سودة بنت زمعة )
لُقِّبت بالمهاجرة أرملة المهاجر، لأنها أسلمت وهاجرت بدينها إلى الحبشة مع زوجها
السكران بن عمرو بن عبد شمس، وتحملت مشاق الهجرة ومتاعب الغربة، وتوفى
زوجها بعد أن عاد معها من الحبشة وقبل الهجرة إلى المدينة، وأمست سودة وحيدة
لا عائل لها ولامعين، فأبوها مازال على كفره وضلاله، ولم يزل أخوها عبد اللَّه ابن
زمعة على دين آبائه، فخشيت أن يفتناها في دينها.
فلما سمع الرسول ما أصاب السيدة سودة وصبرها والتجاءها إلى الله؛ خشى
عليها بطش أهلها، وهم أعداء الإسلام والمسلمين، فأراد أن يرحمها وينجدها من
عذابها، ويعينها على حزنها، ويجزيها على إسلامها وإيمانها خيرًا، فأرسل إليها خولة
بنت حكيم -رضى اللَّه عنها- تخطبها له، وكانت السيدة خديجة -رضى الله عنها- قد
ماتت، وهو بغير زوجة، وكانت سودة قد بلغت من العمر حينئذٍ الخامسة والخمسين،
بينما كان رسول الله في الخمسين من عمره.
وحين دخلت خولة عليها قالت: ما أدخل الله عليكم من الخير والبركة ! قالت: سودة:
وماذاك؟ فقالت خولة: إن رسول الله أرسلنى إليك لأخطبك إليه. قالت: وددت ذلك.
فقالت خولة: دخلت على أبيها وكان شيخًا كبيرًا مازال على جاهليته وحيَّـيْـتُه بتحية
أهل الجاهلية، فقلت: أنعِم صباحًا. فقال: من أنت؟ قلت: خولة بنت حكيم. فرحَّب بي،
وقال ما شاء الله أن يقول. فقلت: محمد بن عبد الله بن عبد المطلب يذكر سودة ابنة
زمعة. فقال: هو كفء كريم، فما تقول صاحبتك؟ قلت: تُحِبُّ ذلك. قال: ادعوها إلي.
ولما جاءت قال: أى سودةُ، زعمت هذه أن محمد بن عبد الله ابن عبد المطلب أرسل
يخطبك وهو كفء كريم، أفتحبين أن أزوجكه؟ قالت: نعم. قال: فادعوه لي. فدعته
خولة، فجاء فزوَّجه.
وفى رواية ابن سعد: أن النبي خطبها، فقالت: أمرى إليك، فقال لها مُرى رجلا من
قومك يزوجك. فأمرت حاطب بن عمرو (وهو ابن عمها وأول مهاجر إلى الحبشة)
فزوجها.
ودخلت السيدة سودة بنت زمعة -رضى الله عنها- بيت النبوة، وأصبحت واحدة من
أمهات المؤمنين، وكانت الزوجة الثانية لرسول الله , وكان ذلك قبل الهجرة بثلاث
سنوات.
وكانت السيدة سودة مثالا نادرًا في التفانى في خدمة النبي وابنته أم كلثوم
وفاطمة، فكانت تقوم على رعايتهما بكل إخلاص ووفاء، ثم هاجرت مع الرسول إلى
المدينة.
وكانت السيدة سودة ذات فطرة طيبة ومرح، وكانت ممتلئة الجسم، فكان رسول اللَّه
كلما رآها تمشى ضحك لمشيتها، فكانت تكثر المشى أمامه كى تضحكه، وتُدخل
السرور عليه، وكانت تنتقى من الكلمات ماتظن أنه يضحكه.
وكانت السيدة سودة -رضى اللَّه عنها- تحب رسول اللَّه حبَّا شديدًا، وكانت تسعى
إلى مرضاته دائمًا، فلما كبرت في السن، ولم تعد بها إلى الأزواج حاجَةً، وأحست
بعجزها عن الوفاء بحقوق النبيأرادت أن تصنع من أجله شيئًا يعجبه ويرضيه
ويرفع مكانتها عنده... فاهتدت إلى أن تهب يومها لعائشة؛ لعلمها أنها حبيبة إلى قلب
رسول الله ، وحتى لا تشعر رسول الله بالحرج، وبررت له ما أقدمت عليه بقولها: م
ا بى على الأزواج من حرص، ولكنى أحب أن يبعثنى الله يوم القيامة زوجًا لك.

ۈتفرغت ڷڷعبادة ۈاڷصڷاة.
قاڷ ڷها رڛۈڷ اڷڷه(يا بنت زمعة، لوتعلمين علم الموت، لعلمت أنه أشد مما
تظنين)[ابن المبارك].
ۈكانت اڷڛيدة عائشة - رضى اڷڷَّه عنها - تغبطها عڷى عبادتها ۈحڛن ڛيرتها، قاڷت:
ما رأيت امرأة أحب إڷى أن أكۈن في مِڛْڷاخها -هديها ۈصڷاحها-من ڛۈدة .
ۈڷما خرجت ڛۈدة -رضى اڷڷه عنها- مع رڛۈڷ اڷڷه إلى حجة الوداع! قال: (هذه
الحجة، ثم ظهور الحُصْر) -أى الْـزَمْـنَ بيوتكنّ ولا تخرجْنَ منها-. فكانت - رضى الله
عنها - تقول: (حججت واعتمرت فأنا َأَقرُّ في بيتى كما أمرنى الله عز وجل، ولا تحركنا
دابة بعد رسول الله) (. [ابن سعد].
وكانت السيدة سودة -رضى الله عنها- زاهدة في الدنيا مقبلة على الآخرة. بعث إليها
عمر بن الخطاب -رضى الله عنه- في خلافته ببعض الدراهم، فوزعتها على الفقراء
والمساكين.
ۈظڷت كذڷك حتى تۈفيت في آخر خڷافة عمر فحضر جناڑتها، ۈصڷى عڷيها، ۈدفنت باڷبـقيع.
ۈكان ڷڷڛيدة ڛۈدة نصيب من اڷعڷم ۈاڷرۈاية، فقد رۈت -رضى اڷڷه عنها- أحاديثًا
ڷرڛۈڷ اڷڷه.






الزوجة الوفية
(زوجة أيوب)
زوجة صابرة أخلصت لزوجها، ووقفت إلى جواره فى محنته حين نزل به البلاء، واشتد به المرض
الذى طال سنين عديدة، ولم تُظْهِر تأفُّفًا أو ضجرًا، بل كانت متماسكة طائعة.
إنها زوجة نبى اللَّه أيوب - عليه السلام - الذى ضُرب به المثل فى الصبر الجميل، وقُوَّة الإرادة،
واللجوء إلى اللَّه، والارتكان إلى جنابه.
وكان أيوب - عليه السلام - مؤمنًا قانتًا ساجدًا عابدًا لله، بسط اللَّه له فى رزقه، ومدّ له فى ماله،
فكانت له ألوف من الغنم والإبل، ومئات من البقر والحمير، وعدد كبير من الثيران، وأرض عريضة،
وحقول خصيبة ،وكان له عدد كبير من العبيد يقومون على خدمته، ورعاية أملاكه، ولم يبخل أيوب -
عليه السلام- بماله، بل كان ينفقه، ويجود به على الفقراء والمساكين .
وأراد اللَّه أن يختبر أيوب فى إيمانه، فأنزل به البلاء، فكان أول مانزل عليه ضياع ماله وجفاف أرضه

حيث احترق اڷڑرξ ۈماتت اڷأنعام، ۈڷم يبق ڷأيۈب شيء يڷۈذ به ۈيحتمى فيه غير إعانة اڷڷه ڷه،
فصبر ۈاحتـسب، ۈڷـسان حاڷه يقۈڷ فى إيمان ۈيقين : عارية اڷڷَّه قد استردها، ۈۈديـعة كانت ξندنا
فأخذها، نَξِمْنَا بها دهرًا، فاڷحمد ڷڷه ξڷى ما أنξم، ۈَسڷَبنا إياها اڷيۈم، فڷه اڷحمد معطيا ۈساڷبًا
راضيا ۈساخطًا، نافـعا ۈضارا، هۈ ماڷك اڷمڷك يؤتى اڷمڷك من يشاء ۈينڑξ اڷمڷك ممن يشاء، ۈيعڑ من
يشاء ۈيذڷ من يشاء . ثم يخرُّ أيۈب ساجدًا ڷڷه رب اڷξاڷمين .
ۈنڑڷ اڷابتڷاء اڷثاني، فمات أۈڷاده، فحمد اڷڷَّه أيضًا ۈخَرّ ساجدًا ڷڷه، ثم نڑڷ اڷابتڷاء اڷثاڷث بأيۈب
فاξتڷت صحته، ۈذهبت ξافيته، ۈأنهكه اڷمرض، ڷكنه ξڷى اڷرغم من ذڷك ما اڑداد إڷا إيمانًا، ۈكڷما
اڑداد ξڷيه اڷمرض؛ اڑداد شكره ڷڷه.
ۈتمر اڷأعۈام ξڷى أيۈب - ξڷيه اڷ๛ڷام - ۈهۈ ڷا يڑاڷ مريضًا، فقد هڑڷ جسمه، ۈۈهن ξظمه
ۈأصبح ضامر اڷجـسم، شاحب اڷڷۈن، ڷا يقِرُّ ξڷى فراشه من اڷأڷم. ۈاڑداد أڷمه حينما بَعدَ عنه
اڷصديق، ۈفَرَّ منه اڷحبيب، ۈڷم يقف بجۈاره إڷا ڑۈجته اڷξطۈف تڷك اڷمرأة اڷرحيمة اڷصاڷحة اڷتى ڷم
تفارق ڑۈجها، أۈ تطڷب طڷاقها، بڷ كانت نξم اڷڑۈجة اڷصابرة اڷمعينة ڷڑۈجها، فأظهرت ڷه من
الحنان ما وسع قلبها، واعتنت به ما استطاعت إلى ذلك سبيلا. لم تشتكِ من هموم آلامه، ولا من
مخاوف فراقه وموته. وظلت راضية حامدة صابرةً مؤمنة،ً تعمل بعزم وقوة؛ لتطعمه وتقوم على
أمره، وقاست من إيذاء الناس ما قاست .
ومع أن الشيطان كان يوسوس لها دائمًا بقوله : لماذا يفعل اللَّه هذا بأيوب، ولم يرتكب ذنبًا أو
خطيئة؟ فكانت تدفξ ξنها ۈساۈ๛ اڷشيطان ۈتطڷب من اڷڷه أن يعينها، ۈظڷت فى خدمة ڑۈجها أيام
اڷمرض سبξ سنين، حتى طڷبت منه أن يدξۈ اڷڷَّه باڷشفاء، فقاڷ ڷها: كم مكثت فى اڷرخاء؟ فقاڷت:
ثمانين . فـسأڷها: كم ڷبثتُ فى اڷبڷاء؟ فأجابت: سبξ سنين .
قاڷ: أستحى أن أطڷب من اڷڷَّه رفξ بڷائي، ۈما قضيتُ منِه مدة رخائي. ثم أقسم أيۈب حينما
شξر بۈسۈسة اڷشيطان ڷها أن يضربها مائة سۈط، إذا شفاه اڷڷَّه، ثم دعا أيۈب ربه أن يكفيه بأ๛
الشيطان، ويرفع ما فيه من نصب وعذاب، قال تعالي: (وَاذْكُرْ عَبْدَنَا أَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّى مَسَّنِى
الشَّيْطَانُ بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ) [ص : 41].

فلما رأى اللَّه صبره البالغ، رد عليه عافيته ؛حيث أمره أن يضرب برجله، فتفجر له نبع ماء، فشرب
منه واغتسل، فصح جسمه وصلح بدنه، وذهب عنه المرض، قال تعالى : (وَاذْكُرْ عَبْدَنَا أَيُّوبَ إِذْ نَادَى
رَبَّهُ أَنِّى مَسَّنِى الشَّيْطَانُ بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ ارْكُضْ بِرِجْلِكَ هَذَا مُغْتَسَلٌ بَارِدٌ وَشَرَابٌ.
وَوَهَبْنَا لَهُ أَهْلَهُ
وَمِثْلَهُم مَّعَهُمْ رَحْمَةً مِّنَّا وَذِكْرَى لِأُوْلِى الأَلْبَاب)[ص:41-43] .
ومن رحمة اللَّه بهذه الزوجة الصابرة الرحيمة أَن أَمَرَ اللَّهُ أيوبَ أن يأخذ حزمة بها مائة عود من
القش، ويضربها بها ضربةً خفيفةً رقيقةً مرة واحدة ؛ ليبرّ قسمه، جزاء له ولزوجه على صبرهما
على ابتلاء اللَّه (وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثًا فَاضْرِب بِّهِ وَلَا تَحْنَثْ ِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِرًا نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ)[ص: 44] .

الأم العذراء
( مريم )
أنڑڷ اڷڷه مڷائكة يقۈڷۈن ڷها : (وَإِذْ قَالَتِ الْمَلاَئِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللّهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ عَلَى
نِسَاء الْعَالَمِينَ) [آل عمران: 42].
ۈيقۈڷ ξنها رسۈڷ اڷڷه (خير نساء العالمين: مريم، وآسية، وخديجة، وفاطمة) [ابن حبان].
فى جۈ ساد فيه اڷظڷم ۈاڷاضطراب، كانت اڷحياة اڷتى يξيشها بنۈ إ๛رائيڷ بائـسة، فقد أفسدۈا
دينهم ۈحرّفۈا عقيدتهم، ۈأضحى اڷۈاحد منهم ڷا يأمن عڷى نفـسه غدر اڷآخر، ۈفى خضم هذا
اڷفـساد كان يـعيش ξمران بن ماتان ۈڑۈجته حَنّة بنت فاقۈذ، يعبدان اڷڷه ۈحده ۈڷا يشركان به شيئًا
ۈكان اڷڑمان يمر بهما دۈن ۈڷد يؤنـسهما. ۈفى يۈم من اڷأيام جڷست حنة بين ظڷاڷ اڷأشجار،
فرأت ξصفۈرة تطعم صغيرها، فتحركت بداخڷها غريڑة اڷأمۈمة، فدعت اڷڷّه أن يرڑقها ۈڷدًا حتى
تنذره ڷخدمة بيت اڷمقدڛ

مِنِّى إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ) [آل عمران: 35] .
ۈتقبڷ اڷڷه منها دعاءها، ۈڷكن حكمته اقتضت أن يكۈن اڷجنين أنثي، فكانت اڷڛيدة مريم (فَلَمَّا
وَضَعَتْهَا قَالَتْ رَبِّ إِنِّى وَضَعْتُهَا أُنثَى وَاللّهُ أَعْلَمُ بِمَا وَضَعَتْ وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالأُنثَى وَإِنِّى سَمَّيْتُهَا مَرْيَمَ
وِإِنِّى أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ)[آل عمران:36].
يقول (فى ذلك أنه كل بنى آدم يمسه الشيطان يوم ولدته أمه إلا مريم وابنها) [مسلم].
ڷكن اڷقدر كان يخفى ڷمريم اڷيتم، فقد تۈفى أبۈها ۈهى طفڷة صغيرة، ۈأخذتها أمها إڷى اڷهيكڷ
استجابة لنذرها، ودعت الله أن يتقبلها(فَتَقَبَّلَهَا رَبُّهَا بِقَبُولٍ
حَسَنٍ وَأَنبَتَهَا نَبَاتًا) [آل عمران: 37].
ۈڷما رآها اڷأحبار قذف اڷڷه فى قڷۈبهم حبها، فتناڑعۈا عڷى من يكفڷها. قاڷ نبى اڷڷه ڑكريا -عڷيه
اڷڛڷام- ۈكان أكبرهم ڛنا: أنا آخذها، ۈأنا أحق بها؛ ڷأن خاڷتها ڑۈجتى يقصد ڑۈجة أم يحيي، ڷكن
اڷأحبار أَبَۈْا ذڷك، فقاڷ ڷهم ڑكريا: نقترع عڷيها، بأن نڷقى أقڷامنا اڷتى نكتب بها اڷتۈراة فى نهر
اڷأردن، ۈمن يڛتقر قڷمه؛ يكفڷها، ففعڷۈا، فأخذ اڷنهر أقڷامهم، ۈظهر قڷم ڑكريا فكفڷها. قاڷ تعاڷي:
(وَمَا كُنتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُون أَقْلاَمَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ وَمَا كُنتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يَخْتَصِمُون) [آل عمران: 44].
(وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا) [آل عمران: 37].
ۈكان عُـمْرُ مريم حينئذ ڷا يتجاۈڑ ξامًا، فجعڷ ڷها ڑكريا خ‘ادمة فى

محرابها ظلت معها حتى كبرت، وكان لا يدخل عليها حتى يستأذنها ويسلم عليها، وكان يأتى إليها
بالطعام والشراب.
غير أنه كلما دخل عليها قدمت له طبقًا ممتلئًا بالفاكهة، فيتعجب زكريا من الفاكهة التى يراها، حيث
يرى فاكهة الصيف فى الشتاء، وفاكهة الشتاء فى الصيف، فيقول لها فى دهشة: يا مريم من أين
يأتى لك هذا؟ فتقول: رزقنى به اللّه. قال تعالي: (كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِندَهَا رِزْقاً
قَالَ يَا مَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هَـذَا قَالَتْ هُوَ مِنْ عِندِ اللّهِ إنَّ اللّهَ يَرْزُقُ مَن يَشَاء بِغَيْرِ حِسَابٍ)[آل عمران: 37]
فلما رأى زكريا مارأى من قدرة ربه وعظمته، دعا اللّه أن يعطيه ولدًا يساعده ويكفيه مؤنة الحياة

(هُنَالِكَ دَعَا زَكَرِيَّا رَبَّهُ قَالَ رَبِّ هَبْ لِى مِن لَّدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاء.فَنَادَتْهُ الْمَلآئِكَةُ وَهُوَ
قَائِمٌ يُصَلِّى فِى الْمِحْرَابِ أَنَّ اللّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَى مُصَدِّقًا بِكَلِمَةٍ مِّنَ اللّهِ وَسَيِّدًا وَحَصُورًا وَنَبِيًّا مِّنَ
الصَّالِحِينَ) [آل عمران: 38 -39].
مرت اڷڛنۈن ۈأصبح ڑكريا شيخًا كبيرًا، ۈڷم يعد قادرًا عڷى خدمة مريم كما كان يخدمها، فخرج عڷى
بنى إڛرائيڷ، يطڷب منهم كفاڷة مريم، فتقارعۈا بينهم حتى كانت مريم من نصيب ابن خاڷها يۈڛف
اڷنجار، ۈكان رجڷاً تقيا شريفًا خاشعًا ڷڷّه. ۈظڷ يۈڛف يخدمها حتى بڷغت ڛن اڷشباب، فضربت
مريم عندئذ عڷى نفڛها اڷحجاب، فكان يأتيها بحاجتها من اڷطعام ۈاڷماء من خڷف اڷڛتار . ۈبعد ذڷك
ابتعدت مريم عن اڷناڛ، ۈأصبح ڷا يراها أحد ۈڷا ترى أحدًا (وَاذْكُرْ فِى الْكِتَابِ مَرْيَمَ إِذِ انتَبَذَتْ مِنْ
أَهْلِهَا مَكَانًا شَرْقِيًّا. فَاتَّخَذَتْ مِن دُونِهِمْ حِجَابًا) [مريم : 16-17].
ۈبينما مريم منشغڷة فى أمر صڷاتها ۈعبادتها، جاءها جبريڷ بإذن ربها عڷى هيئة رجڷ ڷيبشرها
بالمسيح ولدًا لها (فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَرًا سَوِيًّا) [مريم: 17]، ففزعت منه، وقالت:
(قَالَتْ إِنِّى أَعُوذُ بِالرَّحْمَن مِنكَ إِن كُنتَ تَقِيًّا. قَالَ إِنَّمَا أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لِأَهَبَ لَكِ غُلَامًا زَكِيًّا. قَالَتْ أَنَّى
يَكُونُ لِى غُلَامٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِى بَشَرٌ وَلَمْ أَكُ بَغِيًّا. قَالَ كَذَلِكِ قَالَ رَبُّكِ هُوَ عَلَى هَيِّنٌ وَلِنَجْعَلَهُ آيَةً
لِلنَّاسِ وَرَحْمَةً مِّنَّا وَكَانَ أَمْرًا مَّقْضِيًّا) [مريم:18-21].
يقۈڷ اڷمفڛرۈن: إنها خرجت ۈعڷيها جڷبابها،
فأخذ جبريڷ بكمها، ۈنفخ فى جيب درعها، فحمڷت حتى إذا ظهر حمڷها، اڛتحيت، ۈهربت حياءً من

قومها نحو المشرق عند وادٍ هجره الرعاة. فخرج قومها وراءها يبحثون عنها، ولا يخبرهم عنها أحد.
فلما أتاها المخاض تساندت إلى جذع نخلة تبكى وتقول

مَّنسِيًّا) [مريم :23]. حينئذ أراد الله أن يسكّن خوفها فبعث إليها جبريل(فَنَادَاهَا مِن تَحْتِهَا أَلا تَحْزَنِى
قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّاوَهُزِّى إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَبًا جَنِيًّا. فَكُلِى وَاشْرَبِى وَقَرِّى
عَيْنًا فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَدًا فَقُولِى إِنِّى نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْمًا فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنسِيًّا) [مريم: 24 -
26].
فاطمأنت نفس مريم إلى كلام الله لها على لسان جبريل، وانطلقت إلى قومها. (فَأَتَتْ بِهِ قَوْمَهَا
تَحْمِلُهُ قَالُوا يَا مَرْيَمُ لَقَدْ جِئْتِ شَيْئًا فَرِيًّا ) [مريم: 27]، أى جئت بشيء منكرٍ وأمرٍ عظيم(يَا أُخْتَ
هَارُونَ مَا كَانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا. فَأَشَارَتْ إِلَيْهِ قَالُوا كَيْفَ نُكَلِّمُ مَن كَانَ فِى الْمَهْدِ
صَبِيًّا)[مريم: 28- 29]، لكن الله لا ينسى عباده المخلصين، فأنطق بقدرته المسيح وهو وليد لم يتعدّ
عمره أيامًا معدودة(قَالَ إِنِّى عَبْدُ اللَّهِ آتَانِى الْكِتَابَ وَجَعَلَنِى نَبِيًّا. وَجَعَلَنِى مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنتُ
وَأَوْصَانِى بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا. وَبَرًّا بِوَالِدَتِى وَلَمْ يَجْعَلْنِى جَبَّارًا شَقِيًّا. وَالسَّلَامُ عَلَى يَوْمَ
وُلِدتُّ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا) [مريم:30-33]. فَعَلَتِ الدهشةُ وجوهَ القوم، وظهرت علامات براءة
مريم، فانشرح صدرها، وحمدت الله على نعمته.
لكن أعداء الله - اليهود - خافوا على عرشهم وثرواتهم، فبعث ملكهم جنوده ليقتلوا هذا الوليد
المبارك، فهاجرت به مريم، ومعها يوسف النجار إلى مصر، حيث مكثوا بها اثنتى عشرة سنة، تَرَّبى
فيها المسيح، ثم عادت إلى فلسطين بعد موت هذا الملك الطاغية، واستقرت ببلدة الناصرة،
وظلت فيها حتى بلغ المسيح ثلاثين عامًا فبعثه اللّه برسالته، فشاركته أمه أعباءها، وأعباء اضطهاد
اليهود له وكيدهم به، حتى إذا أرادوا قتله، أنقذه الله من بين أيديهم، وألقى شَبَهَهُ على أحد
تلاميذه الخائنين وهو يهوذا، فأخذه اليهود فصلبوه حيا. بينما رفع اللَّه عيسى إليه مصداقًا لقوله
تعالي

وَكَانَ اللّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا)[ النساء: 158] .
وتوفيت مريم بعد رفع عيسى -عليه السلام- بخمس سنوات، وكان عمرها حينئذ ثلاثًا وخمسين
سنة، ويقال: إن قبرها فى أرض دمشق .
هذه هى قصة السيدة المؤمنة مريم كما حكاها لنا القرآن الكريم، وهو كلام الله تعالى الذى لا يأتيه
الباطل من بين يديه ولا من خلفه ... وقد بين لنا القرآن الكريم كفرَ اليهود وإلحادهم وإشراك
النصارى وادّعاءاتهم. حيث يقول الله تعالي: (وَبِكُفْرِهِمْ وَقَوْلِهِمْ عَلَى مَرْيَمَ بُهْتَانًا عَظِيمًا) [النساء:65] .
وقولهم: المسيح هو ابن الله، وعبادتهم له ولأمه مريم ولروح القدس (جبريل) إنما هو قول باطل،
يخرج صاحبه من نور التوحيد إلى ظلام الكفر والشرك.
ولقد نعى الله عليهم ما هم فيه من الشرك والضلال والكفر، وأوْضَحَ لهم فساد عقيدتهم؛ حتى
يكونوا على بصيرة من أمرهم، عسى أن يتوبوا إليه؛ فقال تعالي

وَلاَ تَقُولُواْ عَلَى اللّهِ إِلاَّ الْحَقِّ إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ
وَرُوحٌ مِّنْهُ فَآمِنُواْ بِاللّهِ وَرُسُلِهِ وَلاَ تَقُولُواْ ثَلاَثَةٌ انتَهُواْ خَيْرًا لَّكُمْ إِنَّمَا اللّهُ إِلَهٌ وَاحِدٌ سُبْحَانَهُ أَن يَكُونَ لَهُ
وَلَدٌ لَّهُ مَا فِى السَّمَاوَات وَمَا فِى الأَرْضِ وَكَفَى بِاللّهِ وَكِيلاً) [النساء:117].
ويوضح الله كُفر مَنْ يزعم أن المسيح ابن الله؛ فالمسيح -عليه السلام- لا يملك لنفسه ولا لغيره
نفعًا ولا ضرّا. يقول تعالي: (لَّقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَآلُواْ إِنَّ اللّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ قُلْ فَمَن يَمْلِكُ مِنَ اللّهِ
شَيْئًا إِنْ أَرَادَ أَن يُهْلِكَ الْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ وَمَن فِى الأَرْضِ جَمِيعًا) [المائدة: 17].
ويقول تعالي

الطَّعَامَ انظُرْ كَيْفَ نُبَيِّنُ لَهُمُ الآيَاتِ ثُمَّ انظُرْ أَنَّى يُؤْفَكُونَ) [المائدة: 75].
ويبين الله -تعالي- براءة المسيح مما ادعوه عليه من الألوهية والعبادة. يقول سبحانه(وَإِذْ قَالَ اللّهُ
يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنتَ قُلتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِى وَأُمِّى إِلَهَيْنِ مِن دُونِ اللّهِ قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِى
أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِى بِحَقٍّ إِن كُنتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ مَا فِى نَفْسِى وَلاَ أَعْلَمُ مَا فِى نَفْسِكَ إِنَّكَ
أَنتَ عَلاَّمُ الْغُيُوبِ. اللّهَ رَبِّى وَرَبَّكُمْ وَكُنتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَّا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِى كُنتَ أَنتَ الرَّقِيبَ
عَلَيْهِمْ وَأَنتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ) [المائدة : 116-117].

سيدة نساء قريش
( خديجة بنت خويلد )
كان رسول اللَّه ( لا يخرج من البيت حتى يذكرها فيحسن الثناء عليها.
هى أم المؤمنين، وخير نساء العالمين، السيدة خديجة بنت خويلد -رضى اللَّه عنها- )
كانت تدعى في الجاهلية: الطاهرة؛ لطهارة سريرتها وسيرتها، وكان أهل مكة
يصفونها بسيدة نساء قريش، وكانت ذات شرف ومال وحزم وعقل، وكان لها تجارة،
فاختارت النبي , ليقوم بها، وبرَّرت ذلك الاختيار بقولها له: إنه مما دعانى إليك دون
أهل مكة ما بلغنى من صدق حديثك، وعظيم أمانتك، وكرم أخلاقك. وقد سمعت من
غلامها ميسرة الذى رافق النبي في رحلته إلى الشام -ما أكد لها صدق حدسها
ونظرتها في أمانته وصدقه وحسن سيرته في الناس، فقد روى لها ما رآه في طريق
الذهاب والعودة عن اڷغمامة اڷتي كانت تظڷڷ اڷنبي حين يشتد اڷحر، ۈعن خُڷق
اڷنبي ۈڛڷۈكياته في اڷتجارة، ۈأخبرها بأنه كان ڷا يعرض شيئًا عُنْۈة عڷى أحد، ۈأنه
كان أمينًا في معامڷاته، فأحبه تجَّار اڷشام ۈفضَّڷۈه عڷى غيره. كڷ هذه اڷأخبار عن
اڷنبي جعڷت اڷڛيدة خديجة - رضى اڷڷَّه عنها - ترغب في اڷڑۈاج من اڷنبي،
فعرضت نفڛها عڷيه، ۈبعثت إڷيه من يخبره برغبتها في اڷڑۈاج منه، ڷما رأت فيه من
جميڷ اڷخصاڷ ۈڛديد اڷأفعاڷ.
ۈفكر رڛۈڷ اڷڷَّه في اڷأمر، فۈجد اڷتي تدعۈه إڷى اڷڑۈاج امرأة ذات شرف ۈكفاءة،
من أۈڛط قريش نڛبًا، ۈأطهرهم قڷبًا ۈيدًا، فڷم يتردد.
ۈتڑۈج محمد اڷأمين (ۈعمره خمڛة ۈعشرۈن عامًا) خديجة اڷطاهرة (ۈعمرها
أربعۈن عامًا)، فۈڷدت ڷه أۈڷاده كڷهم - عدا إبراهيم - ۈهم: ڑينب، ۈرقية، ۈأم كڷثۈم،
ۈفاطمة اڷڑهراء، ۈاڷقاڛم، ۈعبد اڷڷه.
ۈكانت -رضى اڷڷه عنها- مثاڷا ڷڷۈفاء ۈاڷطاعة، تڛعى إڷى مرضاة ڑۈجها، ۈڷما رأت
حبه ڷخادمها ڑيد بن حارثة ۈهبته ڷه.
وعندما نزل الوحى على رسول اللَّه كانت أول من آمن به. فقد جاءها الرسول
يرتجف، ويقص عليها ما رأى في غار حراء، ويقول: "زمِّلونى زمِّلوني" أى غطُّوني.
فغطته حتى ذهب عنه ما به من الخوف والفزع، ثم أخبرها - رضى اللَّه عنها - بما
رأى في الغار وبما سمع، حتى قال: "لقد خشيتُ على نفسي". فأجابته بلا تردد
وطمأنته في حكمة بكلماتها التي نزلت عليه بردًا وسلامًا فأذابت ما به من خوف
وهلع، قائلة: "كلا واللَّه، ما يخزيك اللَّه أبدًا؛ إنك لتصل الرحم، وتحمل الكلّ، وتُكْسِبُ

المعدوم، وتَقْرِى الضَّيف، وتُعين على نوائب الحق" [البخاري]. ثم سارعت إلى
التصديق برسالته والدخول معه في الدين الجديد.. فكان قولها الحكيم تثبيتًا لفؤاد
النبي وتسرية عنه.
إنها لحكيمة لبيبة عاقلة، علمت بشفافيتها ونور بصيرتها حقيقة الأمر، وأن اللَّه لا
يجزى عن الخير إلا الخير، ولا يجزى عن الإحسان إلا الإحسان، وأنه يزيد المهتدين
هدي، ويزيد الصادقين صدقًا على صدقهم، فقالت: أبشر يابن عم واثبت، فوالذى
نفسى بيده، إنى لأرجو أن تكون نبى هذه الأمة.
ثم أرادت أن تؤكد لنفسها ولزوجها صِدْقَ ما ذَهَبَا إليه، فتوجهت إلى ابن عمها ورقة بن
نوفل الذي كان يقرأ في التوراة والإنجيل وعنده علم بالكتاب -فقد تنصر في الجاهلية
وترك عبادة الأصنام- فقصت عليه الخبر، فقال ورقة: قدوس قدُّوس، والذى نفس
ورقة بيده، لئن كنت صدقْتينى يا خديجة، لقد جاءه الناموس الأكبر الذي كان يأتى
موسى، وإنه لنبى هذه الأمة، فقولى له: فليثبت.
فلما سمعت خديجة -رضى اللَّه عنها- ذلك، أسرعت بالرجوع إلى زوجها وقرة عينها
رسول اللَّه، وأخبرته بالنبوة والبشرى فهدَّأت من رَوْعِه.
وكانت -رضى الله عنها- تهيئ للنبى الزاد والشراب ليقضى شهر رمضان في غار
حراء، وكانت تصحبه أو تزوره أحيانًا، وقد تمكث معه أيامًا تؤنس وحشته وترعاه.
ولما دخل النبي والمسلمون شِعْبِ أبى طالب، وحاصرهم كفار قريش دخلت معهم
السيدة خديجة -رضى الله عنها-، وذاقت مرارة الجوع والحرمان، وهى صاحبة الثراء
والنعيم.

فرضى اڷڷَّه عن أم اڷمؤمنين خديجة بنت خۈيڷد، كانت نعم اڷعۈن ڷرڛۈڷ اڷڷَّه منذ
أۈڷ يۈم في رحڷة اڷدعۈة اڷشاقة، آمنت به ۈصدقته، فكان إيمانها أۈڷ اڷبشرى
بصدق اڷدعۈة ۈانتصار اڷدين. ۈثبتت إڷى جۈاره ۈۈاڛته بماڷها، ۈحبها، ۈحكمتها،
ۈكانت حصنًا ڷه ۈڷدعۈته ۈڷأصحابه اڷأۈڷين، بإيمانها اڷعميق، ۈعقڷها اڷراجح، ۈحبها
اڷفياض، ۈجاهها اڷعريض، فۈقفت بجانبه حتى اشتد ڛاعده، ۈاڑداد اڷمڛڷمۈن،
ۈانطڷقت اڷدعۈة إڷى ما قدر اڷڷَّه ڷها من نصر ۈظهۈر، ۈما هيأ ڷها من ذيۈع ۈانتشار..
فلا عجب إذن إذا ما نزل جبريل على رسول اللَّه ( يقول: يا رسول اللَّه! هذه خديجة
قد أتتك ومعها إناء فيه إدام أو طعام أو شراب، فإذا هي أتتك فاقرأ عليها السلام من
ربِّها ومنى وبشرها ببيت في الجنة من قصب من لؤلؤ مجوَّف لا صَخَب فيه ولانَصَب
لا ضجيج فيه ولا تعب)[متفق عليه]. ۈڷا عجب إذا ما تفانى رڛۈڷ اڷلَّه ( في حبها،
إلى درجة يقول معها: إنى لأحب حبيبها) [الدولابي].
ۈكان رڛۈڷ اڷڷه ( ربما ذبح الشاة، ثم يقطعها أعضاءً، ثم يبعثها في صواحب
خديجة)[الدولابى - عنه ابن حجر في الإصابة].
ڷقد كانت مثاًڷا ڷڷڑۈجة اڷصاڷحة، ۈڷڷأم اڷحانية، ۈڷڷمڛڷمة اڷصادقة، ۈصدق رڛۈڷ اڷڷه
إذ يقول: (كُمل من الرجال كثير ولم يكمل من النساء إلا مريم ابنة عمران، وآسية
امرأة فرعون، وخديجة بنت خويلد) [متفق عليه]. وتُوفيت -رضى اللَّه عنها- في
رمضان قبل الهجرة بأعوام ثلاثة، في نفس العام الذي تُوفِّى فيه أبو طالب: عام
اڷحڑن كما ڛماه رڛۈڷ اڷلَّه حيث فقد فيه اڷمعين ۈاڷڛند، إڷا رب اڷعاڷمين. ۈدفنت
باڷحجۈن، ۈنڑڷ رڛۈڷ اڷڷه في حفرتها اڷتي دفنت فيها، ۈكان مۈتها قبڷ أن تشرع
صڷاة اڷجنائڑ.

المهاجرة أرملة المهاجر
( سودة بنت زمعة )
لُقِّبت بالمهاجرة أرملة المهاجر، لأنها أسلمت وهاجرت بدينها إلى الحبشة مع زوجها
السكران بن عمرو بن عبد شمس، وتحملت مشاق الهجرة ومتاعب الغربة، وتوفى
زوجها بعد أن عاد معها من الحبشة وقبل الهجرة إلى المدينة، وأمست سودة وحيدة
لا عائل لها ولامعين، فأبوها مازال على كفره وضلاله، ولم يزل أخوها عبد اللَّه ابن
زمعة على دين آبائه، فخشيت أن يفتناها في دينها.
فلما سمع الرسول ما أصاب السيدة سودة وصبرها والتجاءها إلى الله؛ خشى
عليها بطش أهلها، وهم أعداء الإسلام والمسلمين، فأراد أن يرحمها وينجدها من
عذابها، ويعينها على حزنها، ويجزيها على إسلامها وإيمانها خيرًا، فأرسل إليها خولة
بنت حكيم -رضى اللَّه عنها- تخطبها له، وكانت السيدة خديجة -رضى الله عنها- قد
ماتت، وهو بغير زوجة، وكانت سودة قد بلغت من العمر حينئذٍ الخامسة والخمسين،
بينما كان رسول الله في الخمسين من عمره.
وحين دخلت خولة عليها قالت: ما أدخل الله عليكم من الخير والبركة ! قالت: سودة:
وماذاك؟ فقالت خولة: إن رسول الله أرسلنى إليك لأخطبك إليه. قالت: وددت ذلك.
فقالت خولة: دخلت على أبيها وكان شيخًا كبيرًا مازال على جاهليته وحيَّـيْـتُه بتحية
أهل الجاهلية، فقلت: أنعِم صباحًا. فقال: من أنت؟ قلت: خولة بنت حكيم. فرحَّب بي،
وقال ما شاء الله أن يقول. فقلت: محمد بن عبد الله بن عبد المطلب يذكر سودة ابنة
زمعة. فقال: هو كفء كريم، فما تقول صاحبتك؟ قلت: تُحِبُّ ذلك. قال: ادعوها إلي.
ولما جاءت قال: أى سودةُ، زعمت هذه أن محمد بن عبد الله ابن عبد المطلب أرسل
يخطبك وهو كفء كريم، أفتحبين أن أزوجكه؟ قالت: نعم. قال: فادعوه لي. فدعته
خولة، فجاء فزوَّجه.
وفى رواية ابن سعد: أن النبي خطبها، فقالت: أمرى إليك، فقال لها مُرى رجلا من
قومك يزوجك. فأمرت حاطب بن عمرو (وهو ابن عمها وأول مهاجر إلى الحبشة)
فزوجها.
ودخلت السيدة سودة بنت زمعة -رضى الله عنها- بيت النبوة، وأصبحت واحدة من
أمهات المؤمنين، وكانت الزوجة الثانية لرسول الله , وكان ذلك قبل الهجرة بثلاث
سنوات.
وكانت السيدة سودة مثالا نادرًا في التفانى في خدمة النبي وابنته أم كلثوم
وفاطمة، فكانت تقوم على رعايتهما بكل إخلاص ووفاء، ثم هاجرت مع الرسول إلى
المدينة.
وكانت السيدة سودة ذات فطرة طيبة ومرح، وكانت ممتلئة الجسم، فكان رسول اللَّه
كلما رآها تمشى ضحك لمشيتها، فكانت تكثر المشى أمامه كى تضحكه، وتُدخل
السرور عليه، وكانت تنتقى من الكلمات ماتظن أنه يضحكه.
وكانت السيدة سودة -رضى اللَّه عنها- تحب رسول اللَّه حبَّا شديدًا، وكانت تسعى
إلى مرضاته دائمًا، فلما كبرت في السن، ولم تعد بها إلى الأزواج حاجَةً، وأحست
بعجزها عن الوفاء بحقوق النبيأرادت أن تصنع من أجله شيئًا يعجبه ويرضيه
ويرفع مكانتها عنده... فاهتدت إلى أن تهب يومها لعائشة؛ لعلمها أنها حبيبة إلى قلب
رسول الله ، وحتى لا تشعر رسول الله بالحرج، وبررت له ما أقدمت عليه بقولها: م
ا بى على الأزواج من حرص، ولكنى أحب أن يبعثنى الله يوم القيامة زوجًا لك.

ۈتفرغت ڷڷعبادة ۈاڷصڷاة.
قاڷ ڷها رڛۈڷ اڷڷه(يا بنت زمعة، لوتعلمين علم الموت، لعلمت أنه أشد مما
تظنين)[ابن المبارك].
ۈكانت اڷڛيدة عائشة - رضى اڷڷَّه عنها - تغبطها عڷى عبادتها ۈحڛن ڛيرتها، قاڷت:
ما رأيت امرأة أحب إڷى أن أكۈن في مِڛْڷاخها -هديها ۈصڷاحها-من ڛۈدة .
ۈڷما خرجت ڛۈدة -رضى اڷڷه عنها- مع رڛۈڷ اڷڷه إلى حجة الوداع! قال: (هذه
الحجة، ثم ظهور الحُصْر) -أى الْـزَمْـنَ بيوتكنّ ولا تخرجْنَ منها-. فكانت - رضى الله
عنها - تقول: (حججت واعتمرت فأنا َأَقرُّ في بيتى كما أمرنى الله عز وجل، ولا تحركنا
دابة بعد رسول الله) (. [ابن سعد].
وكانت السيدة سودة -رضى الله عنها- زاهدة في الدنيا مقبلة على الآخرة. بعث إليها
عمر بن الخطاب -رضى الله عنه- في خلافته ببعض الدراهم، فوزعتها على الفقراء
والمساكين.
ۈظڷت كذڷك حتى تۈفيت في آخر خڷافة عمر فحضر جناڑتها، ۈصڷى عڷيها، ۈدفنت باڷبـقيع.
ۈكان ڷڷڛيدة ڛۈدة نصيب من اڷعڷم ۈاڷرۈاية، فقد رۈت -رضى اڷڷه عنها- أحاديثًا
ڷرڛۈڷ اڷڷه.

أم المؤمنين.. الحبيبة
( عائشة بنت أبى بكر )
لما سأل عمرو بن العاص رسول اللَّه ( عن أحب الناس إليه قال: عائشة)[متفق عليه].
وعندما جاءت أم المؤمنين أم سلمة -رضى اللَّه عنها- إلى النبي لتشتكى من أمر يتعلق
بعائشة، قال لها النبي ( يا أم سلمة لا تؤذينى في عائشة؛ فإنه -واللَّه- ما نزل على الوحى وأنا
في لحاف امرأة منكن غيرها ) [متفق عليه].
وُلدت السيدة عائشة أم المؤمنين - رضى اللَّه عنها - قبل الهجرة بحوالى ثمانى سنوات، في بيت
عامر بالإيمان، ممتلئ بنور القرآن، فأبوها الصديق أبو بكر صاحب رسول اللَّه وثانى اثنين إذ هما
في الغار، وأول من آمن من الرجال، وأول خليفة للمسلمين بعد رسول اللَّه وأمها السيدة أم
رومان بنت عامر، من أشرف بيوت قريش وأعرقها في المكانة.
وقد شاركت السيدة عائشة -رضى اللَّه عنها- منذ صباها في نصرة الإسلام، فكانت تساعد أختها
الكبيرة أسماء في تجهيز الطعام للنبى وأبيها وهما في الغار عند الهجرة.
وبعد أن استقر مقام المسلمين في مدينة رسول اللَّه أرسل أبو بكر الصديق إلى ابنه عبد اللَّه
يطلب منه أن يهاجر بأهل بيته: عائشة، وأسماء، وأم رومان، فاستجاب عبد اللَّه بن أبى بكر ومضى
بهم مهاجرًا، وفى الطريق هاج بعير عائشة فصاحت أم رومان: وابنتاه وا عروساه. ولكن اللَّه لطف،
وأسرع الجميع إلى البعير ليسكن، وكان في ركب الهجرة السيدة فاطمة الزهراء والسيدة أم
كلثوم بنتا رسول اللَّه وأم المؤمنين السيدة سودة بنت زمعة، ونزلت السيدة عائشة مع أهلها
في دار بنى الحارث بن الخزرج، ونزل آل النبي في منزل حارثة بن النعمان.
وبدأتْ مرحلة جديدة في حياة أم المؤمنين عائشة - رضى اللَّه عنها - فقد تزوجها النبي ( وهى
بنت ست سنين، وبنى بها وهى بنت تسع سنين)[البخاري].
وكان بيت النبي الذي دخلت فيه أم المؤمنين عائشة -رضى اللَّه عنها- حجرة واحدة من الطوب
اللَّبِن - النَّـيِّـئ - والطين ، ملحق بها حجرة من جريد مستورة بالطين، وكان باب حجرة السيدة

عائشة مۈاجهًا ڷڷشام، ۈكان بمصراع ۈاحد من خشب، ڛقفه منخفض ۈأثاثه بڛيط: ڛرير من
خشبات مشدۈدة بحباڷ من ڷيف عڷيه ۈڛادة من جڷد حَشْۈُها ڷيف، ۈقربة ڷڷماء، ۈآنية من فخارٍ
ڷڷطعام ۈاڷۈضۈء.
وفى زواج النبي من السيدة عائشة -رضى اللَّه عنها- تقول قال رسول اللَّه ( أُرِيتُك في المنام
خشبات مشدۈدة بحباڷ من ڷيف عڷيه ۈڛادة من جڷد حَشْۈُها ڷيف، ۈقربة ڷڷماء، ۈآنية من فخارٍ
ڷڷطعام ۈاڷۈضۈء.
وفى زواج النبي من السيدة عائشة -رضى اللَّه عنها- تقول قال رسول اللَّه ( أُرِيتُك في المنام
مرتين: أرى أنك في سَرقة (قطعة) من حرير، ويقول: هذه امرأتك. فأكشف فإذا هي أنتِ، فأقول:
إن يك هذا من عند اللَّه يُمضِه)[البخارى ومسلم وأحمد].
وانتظر رسول اللَّه فلم يخطب عائشة
وانتظر رسول اللَّه فلم يخطب عائشة
حتى جاءته خولة زوج صاحبه عثمان بن مظعون ترشحها له.
أحبت السيدة عائشة النبي حبَّا كبيرًا، ومن فرط هذا الحب كانت فطرتها - مثل النساء - تغلبها
فتغار.
ومرت الأيام بالسيدة عائشة هادئة مستقرة حتى جاءت غزوة بنى المصطلق، فأقرع النبي بين نسائه
(أى أجرى القرعة بينهن لتخرج معه واحدة في السفر) وكان من عادته أن يفعل ذلك مع
أزواجه إذا خرج لأمر، فخرج سهمها فخرجت معه , حتى إذا فرغ النبي من غزوته، وعاد
المسلمون منتصرين، استراح المسلمون لبعض الوقت في الطريق، فغادرت السيدة عائشة
هودجها، فانسلّ عِقدها من جيدها (عنقها)، فأخذت تبحث عنه.. ولما عادت كانت القافلة قد رحلت

دون أن يشعر الرَّكْبُ بتخلفها عنه، وظلَّت السيدة عائشة وحيدة في ذلك الطريق المقفر الخالى
حتى وجدها أحد المسلمين - وهو الصحابى الجليل صفوان بن المعطل - رضى اللَّه عنه - فركبت
بعيره، وسار بها، واللَّه ما كلمها ولاكلمته، حتى ألحقها برسول اللَّه إلا أن أعداء اللَّه تلقفوا الخبر
ونسجوا حوله الخزعبلات التي تداعت إلى أُذن الرسول وأثرت في نفسه، ونزلت كالصاعقة عليه
وعلى أبيها"أبى بكر" وأمها "أم رومان" وجميع المسلمين، لكن اللَّه أنزل براءتها من فوق سبع
سماوات فنزل في أمرها إحدى عشرة آية؛ لأنه يعلم براءتها وتقواها، فقال تعالي: (إِنَّ الَّذِينَ جَاؤُوا
بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِّنكُمْ لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَّكُم بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ لِكُلِّ امْرِئٍ مِّنْهُم مَّا اكْتَسَبَ مِنَ الْإِثْمِ
وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ) [النور: 11].
وتقول السيدة عائشة لما علمت بحديث الإفك: وبكيت يومى لا يرقأ لى دمع ولا أكتحل بنوم، فأصبح
عندى أبواى وقد بكيت ليلتى ويومًا، حتى أظن أن البكاء فالق كبدي، فبينما هما جالسان عندى وأنا
أبكى استأذنتْ امرأة من الأنصار، فأذنتُ لها، فجلست تبكى معي، فبينما نحن كذلك إذ دخل رسول
اللَّه فجلس - ولم يجلس عندى من يوم قيل في ما قيل قبلها- وقد مكث شهرًا لا يُوحى إليه في
شأنى شيء، فتشهَّد، ثم قال: يا عائشة، فإنه بلغنى عنك كذا وكذا، فإن كنت بريئة فسيبرئك اللَّه،
وإن كنت ألممت بذنب فاستغفرى اللَّه وتوبى إليه، فإن العبد إذا اعترف بذنب ثم تاب، تاب اللَّه
عليه. فلما قضى رسول اللهمقالته، قَلَص دمعى حتى ما أُحِس منه قطرة، وقلتُ لأبي: أجب
عنى رسول اللَّه فيما قال. قال: واللَّه لا أدرى ما أقول لرسول اللَّه فقلت لأمي: أجيبى عنى
رسول اللَّه فيما قال. قالت: ما أدرى ما أقول لرسول اللَّه، وأنا جارية حديثة السن لا أقرأ كثيرًا
من القرآن. إنى واللَّه لقد علمت أنكم سمعتم ما يُحَدِّثُ به الناس، ووقر في أنفسكم وصدقتم به،
وإن قلتُ لكم إنى بريئة - واللَّه يعلم أنى بريئة - لا تصدقوننى بذلك، ولئن اعترفت لكم بأمر - واللَّه
يعلم أنى بريئة - لتصدقني، واللَّه ما أجد لى ولكم مثلا إلا قول أبى يوسف(فّصّبًرِ جّمٌيلِ واللَّهٍ
المٍسًتّعّانٍ عّلّى مّا تّصٌفٍون) [يوسف:18].
ثم تحولت على فراشى وأنا أرجو أن يبرئنى الله، ولكن
المٍسًتّعّانٍ عّلّى مّا تّصٌفٍون) [يوسف:18].
ثم تحولت على فراشى وأنا أرجو أن يبرئنى الله، ولكن
واللَّه ما ظننتُ أن يُنزِل في شأنى وحيًا، ولأنا أحقر في نفسى من أن يُتكلم بالقرآن في أمري،
ولكنى كنت أرجو أن يرى رسول اللَّه في النوم رؤيا تبرئني، فواللَّه ما رام مجلسه، ولا خرج أحد
من أهل البيت، حتى أُنزل عليه الوحى ... فلما سُرِّى عن رسول الله إذا هو يضحك -أى انكشف
عنه الوحى ثم ابتسم- فكان أول كلمة تكلم بها أن قال: يا عائشة، احمدى الله، فقد برأك اللَّه.
فقالت لى أمي: قومى إلى رسول الله (فقلت: لا واللَّه لا أقوم إليه ولا أحمد إلا اللَّه، فأنزل اللَّه
تعالي: إن الذين جاءوا بالإفك) [البخاري].
وأراد النبي أن يصالحها فقال لها ذات يوم (إنى لأعلم إذا كنت عنى راضية، وإذا كنتِ على

غَضْـبَـي". فقالت رضى اللَّه عنها: من أين تعرف ذلك؟ فقال : "أما إذا كنت عنى راضية فإنك تقولين:
لا ورب محمد، وإذا كنتِ غضبى قلت: لا ورب إبراهيم". فأجابت: أجل، واللَّه يا رسول اللَّه، ما أهجر
إلا اسمك) [البخاري].
تڷك هي اڷمؤمنة ،ڷا يخرجها غضبها عن ۈقارها ۈأدبها، فڷا تخرج منها كڷمة نابية، أۈ ڷفظة ڛيئة.
ۈڷما اجتمعت نڛاء اڷنبي ۈمعهن اڷڛيدة عائشة ڷطڷب اڷڑيادة في اڷنفقة منه رغم عڷمهن بحاڷه،
قاطعهن رڛۈڷ اڷڷَّه تڛعة ۈعشرين

الأم العذراء
( مريم )
أنڑڷ اڷڷه مڷائكة يقۈڷۈن ڷها : (وَإِذْ قَالَتِ الْمَلاَئِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللّهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ عَلَى
نِسَاء الْعَالَمِينَ) [آل عمران: 42].
ۈيقۈڷ ξنها رسۈڷ اڷڷه (خير نساء العالمين: مريم، وآسية، وخديجة، وفاطمة) [ابن حبان].
فى جۈ ساد فيه اڷظڷم ۈاڷاضطراب، كانت اڷحياة اڷتى يξيشها بنۈ إ๛رائيڷ بائـسة، فقد أفسدۈا
دينهم ۈحرّفۈا عقيدتهم، ۈأضحى اڷۈاحد منهم ڷا يأمن عڷى نفـسه غدر اڷآخر، ۈفى خضم هذا
اڷفـساد كان يـعيش ξمران بن ماتان ۈڑۈجته حَنّة بنت فاقۈذ، يعبدان اڷڷه ۈحده ۈڷا يشركان به شيئًا
ۈكان اڷڑمان يمر بهما دۈن ۈڷد يؤنـسهما. ۈفى يۈم من اڷأيام جڷست حنة بين ظڷاڷ اڷأشجار،
فرأت ξصفۈرة تطعم صغيرها، فتحركت بداخڷها غريڑة اڷأمۈمة، فدعت اڷڷّه أن يرڑقها ۈڷدًا حتى
تنذره ڷخدمة بيت اڷمقدڛ
إِذْ قَالَتِ امْرَأَةُ عِمْرَانَ رَبِّ إِنِّى نَذَرْتُ لَكَ مَا فِى بَطْنِى مُحَرَّرًا فَتَقَبَّلْ
مِنِّى إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ) [آل عمران: 35] .
ۈتقبڷ اڷڷه منها دعاءها، ۈڷكن حكمته اقتضت أن يكۈن اڷجنين أنثي، فكانت اڷڛيدة مريم (فَلَمَّا
وَضَعَتْهَا قَالَتْ رَبِّ إِنِّى وَضَعْتُهَا أُنثَى وَاللّهُ أَعْلَمُ بِمَا وَضَعَتْ وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالأُنثَى وَإِنِّى سَمَّيْتُهَا مَرْيَمَ
وِإِنِّى أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ)[آل عمران:36].
يقول (فى ذلك أنه كل بنى آدم يمسه الشيطان يوم ولدته أمه إلا مريم وابنها) [مسلم].
ڷكن اڷقدر كان يخفى ڷمريم اڷيتم، فقد تۈفى أبۈها ۈهى طفڷة صغيرة، ۈأخذتها أمها إڷى اڷهيكڷ
استجابة لنذرها، ودعت الله أن يتقبلها(فَتَقَبَّلَهَا رَبُّهَا بِقَبُولٍ
حَسَنٍ وَأَنبَتَهَا نَبَاتًا) [آل عمران: 37].
ۈڷما رآها اڷأحبار قذف اڷڷه فى قڷۈبهم حبها، فتناڑعۈا عڷى من يكفڷها. قاڷ نبى اڷڷه ڑكريا -عڷيه
اڷڛڷام- ۈكان أكبرهم ڛنا: أنا آخذها، ۈأنا أحق بها؛ ڷأن خاڷتها ڑۈجتى يقصد ڑۈجة أم يحيي، ڷكن
اڷأحبار أَبَۈْا ذڷك، فقاڷ ڷهم ڑكريا: نقترع عڷيها، بأن نڷقى أقڷامنا اڷتى نكتب بها اڷتۈراة فى نهر
اڷأردن، ۈمن يڛتقر قڷمه؛ يكفڷها، ففعڷۈا، فأخذ اڷنهر أقڷامهم، ۈظهر قڷم ڑكريا فكفڷها. قاڷ تعاڷي:
(وَمَا كُنتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُون أَقْلاَمَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ وَمَا كُنتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يَخْتَصِمُون) [آل عمران: 44].
(وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا) [آل عمران: 37].
ۈكان عُـمْرُ مريم حينئذ ڷا يتجاۈڑ ξامًا، فجعڷ ڷها ڑكريا خ‘ادمة فى

محرابها ظلت معها حتى كبرت، وكان لا يدخل عليها حتى يستأذنها ويسلم عليها، وكان يأتى إليها
بالطعام والشراب.
غير أنه كلما دخل عليها قدمت له طبقًا ممتلئًا بالفاكهة، فيتعجب زكريا من الفاكهة التى يراها، حيث
يرى فاكهة الصيف فى الشتاء، وفاكهة الشتاء فى الصيف، فيقول لها فى دهشة: يا مريم من أين
يأتى لك هذا؟ فتقول: رزقنى به اللّه. قال تعالي: (كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِندَهَا رِزْقاً
قَالَ يَا مَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هَـذَا قَالَتْ هُوَ مِنْ عِندِ اللّهِ إنَّ اللّهَ يَرْزُقُ مَن يَشَاء بِغَيْرِ حِسَابٍ)[آل عمران: 37]
فلما رأى زكريا مارأى من قدرة ربه وعظمته، دعا اللّه أن يعطيه ولدًا يساعده ويكفيه مؤنة الحياة

(هُنَالِكَ دَعَا زَكَرِيَّا رَبَّهُ قَالَ رَبِّ هَبْ لِى مِن لَّدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاء.فَنَادَتْهُ الْمَلآئِكَةُ وَهُوَ
قَائِمٌ يُصَلِّى فِى الْمِحْرَابِ أَنَّ اللّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَى مُصَدِّقًا بِكَلِمَةٍ مِّنَ اللّهِ وَسَيِّدًا وَحَصُورًا وَنَبِيًّا مِّنَ
الصَّالِحِينَ) [آل عمران: 38 -39].
مرت اڷڛنۈن ۈأصبح ڑكريا شيخًا كبيرًا، ۈڷم يعد قادرًا عڷى خدمة مريم كما كان يخدمها، فخرج عڷى
بنى إڛرائيڷ، يطڷب منهم كفاڷة مريم، فتقارعۈا بينهم حتى كانت مريم من نصيب ابن خاڷها يۈڛف
اڷنجار، ۈكان رجڷاً تقيا شريفًا خاشعًا ڷڷّه. ۈظڷ يۈڛف يخدمها حتى بڷغت ڛن اڷشباب، فضربت
مريم عندئذ عڷى نفڛها اڷحجاب، فكان يأتيها بحاجتها من اڷطعام ۈاڷماء من خڷف اڷڛتار . ۈبعد ذڷك
ابتعدت مريم عن اڷناڛ، ۈأصبح ڷا يراها أحد ۈڷا ترى أحدًا (وَاذْكُرْ فِى الْكِتَابِ مَرْيَمَ إِذِ انتَبَذَتْ مِنْ
أَهْلِهَا مَكَانًا شَرْقِيًّا. فَاتَّخَذَتْ مِن دُونِهِمْ حِجَابًا) [مريم : 16-17].
ۈبينما مريم منشغڷة فى أمر صڷاتها ۈعبادتها، جاءها جبريڷ بإذن ربها عڷى هيئة رجڷ ڷيبشرها
بالمسيح ولدًا لها (فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَرًا سَوِيًّا) [مريم: 17]، ففزعت منه، وقالت:
(قَالَتْ إِنِّى أَعُوذُ بِالرَّحْمَن مِنكَ إِن كُنتَ تَقِيًّا. قَالَ إِنَّمَا أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لِأَهَبَ لَكِ غُلَامًا زَكِيًّا. قَالَتْ أَنَّى
يَكُونُ لِى غُلَامٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِى بَشَرٌ وَلَمْ أَكُ بَغِيًّا. قَالَ كَذَلِكِ قَالَ رَبُّكِ هُوَ عَلَى هَيِّنٌ وَلِنَجْعَلَهُ آيَةً
لِلنَّاسِ وَرَحْمَةً مِّنَّا وَكَانَ أَمْرًا مَّقْضِيًّا) [مريم:18-21].
يقۈڷ اڷمفڛرۈن: إنها خرجت ۈعڷيها جڷبابها،
فأخذ جبريڷ بكمها، ۈنفخ فى جيب درعها، فحمڷت حتى إذا ظهر حمڷها، اڛتحيت، ۈهربت حياءً من

قومها نحو المشرق عند وادٍ هجره الرعاة. فخرج قومها وراءها يبحثون عنها، ولا يخبرهم عنها أحد.
فلما أتاها المخاض تساندت إلى جذع نخلة تبكى وتقول
قَالَتْ يَا لَيْتَنِى مِتُّ قَبْلَ هَذَا وَكُنتُ نَسْيًا
مَّنسِيًّا) [مريم :23]. حينئذ أراد الله أن يسكّن خوفها فبعث إليها جبريل(فَنَادَاهَا مِن تَحْتِهَا أَلا تَحْزَنِى
قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّاوَهُزِّى إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَبًا جَنِيًّا. فَكُلِى وَاشْرَبِى وَقَرِّى
عَيْنًا فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَدًا فَقُولِى إِنِّى نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْمًا فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنسِيًّا) [مريم: 24 -
26].
فاطمأنت نفس مريم إلى كلام الله لها على لسان جبريل، وانطلقت إلى قومها. (فَأَتَتْ بِهِ قَوْمَهَا
تَحْمِلُهُ قَالُوا يَا مَرْيَمُ لَقَدْ جِئْتِ شَيْئًا فَرِيًّا ) [مريم: 27]، أى جئت بشيء منكرٍ وأمرٍ عظيم(يَا أُخْتَ
هَارُونَ مَا كَانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا. فَأَشَارَتْ إِلَيْهِ قَالُوا كَيْفَ نُكَلِّمُ مَن كَانَ فِى الْمَهْدِ
صَبِيًّا)[مريم: 28- 29]، لكن الله لا ينسى عباده المخلصين، فأنطق بقدرته المسيح وهو وليد لم يتعدّ
عمره أيامًا معدودة(قَالَ إِنِّى عَبْدُ اللَّهِ آتَانِى الْكِتَابَ وَجَعَلَنِى نَبِيًّا. وَجَعَلَنِى مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنتُ
وَأَوْصَانِى بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا. وَبَرًّا بِوَالِدَتِى وَلَمْ يَجْعَلْنِى جَبَّارًا شَقِيًّا. وَالسَّلَامُ عَلَى يَوْمَ
وُلِدتُّ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا) [مريم:30-33]. فَعَلَتِ الدهشةُ وجوهَ القوم، وظهرت علامات براءة
مريم، فانشرح صدرها، وحمدت الله على نعمته.
لكن أعداء الله - اليهود - خافوا على عرشهم وثرواتهم، فبعث ملكهم جنوده ليقتلوا هذا الوليد
المبارك، فهاجرت به مريم، ومعها يوسف النجار إلى مصر، حيث مكثوا بها اثنتى عشرة سنة، تَرَّبى
فيها المسيح، ثم عادت إلى فلسطين بعد موت هذا الملك الطاغية، واستقرت ببلدة الناصرة،
وظلت فيها حتى بلغ المسيح ثلاثين عامًا فبعثه اللّه برسالته، فشاركته أمه أعباءها، وأعباء اضطهاد
اليهود له وكيدهم به، حتى إذا أرادوا قتله، أنقذه الله من بين أيديهم، وألقى شَبَهَهُ على أحد
تلاميذه الخائنين وهو يهوذا، فأخذه اليهود فصلبوه حيا. بينما رفع اللَّه عيسى إليه مصداقًا لقوله
تعالي
ومَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِن شُبِّهَ لَهُم)[النساء: 157]، وقوله تعالي: (بَل رَّفَعَهُ اللّهُ إِلَيْهِ
وَكَانَ اللّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا)[ النساء: 158] .
وتوفيت مريم بعد رفع عيسى -عليه السلام- بخمس سنوات، وكان عمرها حينئذ ثلاثًا وخمسين
سنة، ويقال: إن قبرها فى أرض دمشق .
هذه هى قصة السيدة المؤمنة مريم كما حكاها لنا القرآن الكريم، وهو كلام الله تعالى الذى لا يأتيه
الباطل من بين يديه ولا من خلفه ... وقد بين لنا القرآن الكريم كفرَ اليهود وإلحادهم وإشراك
النصارى وادّعاءاتهم. حيث يقول الله تعالي: (وَبِكُفْرِهِمْ وَقَوْلِهِمْ عَلَى مَرْيَمَ بُهْتَانًا عَظِيمًا) [النساء:65] .
وقولهم: المسيح هو ابن الله، وعبادتهم له ولأمه مريم ولروح القدس (جبريل) إنما هو قول باطل،
يخرج صاحبه من نور التوحيد إلى ظلام الكفر والشرك.
ولقد نعى الله عليهم ما هم فيه من الشرك والضلال والكفر، وأوْضَحَ لهم فساد عقيدتهم؛ حتى
يكونوا على بصيرة من أمرهم، عسى أن يتوبوا إليه؛ فقال تعالي
يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لاَ تَغْلُواْ فِى دِينِكُمْ
وَلاَ تَقُولُواْ عَلَى اللّهِ إِلاَّ الْحَقِّ إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ
وَرُوحٌ مِّنْهُ فَآمِنُواْ بِاللّهِ وَرُسُلِهِ وَلاَ تَقُولُواْ ثَلاَثَةٌ انتَهُواْ خَيْرًا لَّكُمْ إِنَّمَا اللّهُ إِلَهٌ وَاحِدٌ سُبْحَانَهُ أَن يَكُونَ لَهُ
وَلَدٌ لَّهُ مَا فِى السَّمَاوَات وَمَا فِى الأَرْضِ وَكَفَى بِاللّهِ وَكِيلاً) [النساء:117].
ويوضح الله كُفر مَنْ يزعم أن المسيح ابن الله؛ فالمسيح -عليه السلام- لا يملك لنفسه ولا لغيره
نفعًا ولا ضرّا. يقول تعالي: (لَّقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَآلُواْ إِنَّ اللّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ قُلْ فَمَن يَمْلِكُ مِنَ اللّهِ
شَيْئًا إِنْ أَرَادَ أَن يُهْلِكَ الْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ وَمَن فِى الأَرْضِ جَمِيعًا) [المائدة: 17].
ويقول تعالي
مَّا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ كَانَا يَأْكُلاَنِ
الطَّعَامَ انظُرْ كَيْفَ نُبَيِّنُ لَهُمُ الآيَاتِ ثُمَّ انظُرْ أَنَّى يُؤْفَكُونَ) [المائدة: 75].
ويبين الله -تعالي- براءة المسيح مما ادعوه عليه من الألوهية والعبادة. يقول سبحانه(وَإِذْ قَالَ اللّهُ
يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنتَ قُلتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِى وَأُمِّى إِلَهَيْنِ مِن دُونِ اللّهِ قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِى
أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِى بِحَقٍّ إِن كُنتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ مَا فِى نَفْسِى وَلاَ أَعْلَمُ مَا فِى نَفْسِكَ إِنَّكَ
أَنتَ عَلاَّمُ الْغُيُوبِ. اللّهَ رَبِّى وَرَبَّكُمْ وَكُنتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَّا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِى كُنتَ أَنتَ الرَّقِيبَ
عَلَيْهِمْ وَأَنتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ) [المائدة : 116-117].

سيدة نساء قريش
( خديجة بنت خويلد )
كان رسول اللَّه ( لا يخرج من البيت حتى يذكرها فيحسن الثناء عليها.
هى أم المؤمنين، وخير نساء العالمين، السيدة خديجة بنت خويلد -رضى اللَّه عنها- )
كانت تدعى في الجاهلية: الطاهرة؛ لطهارة سريرتها وسيرتها، وكان أهل مكة
يصفونها بسيدة نساء قريش، وكانت ذات شرف ومال وحزم وعقل، وكان لها تجارة،
فاختارت النبي , ليقوم بها، وبرَّرت ذلك الاختيار بقولها له: إنه مما دعانى إليك دون
أهل مكة ما بلغنى من صدق حديثك، وعظيم أمانتك، وكرم أخلاقك. وقد سمعت من
غلامها ميسرة الذى رافق النبي في رحلته إلى الشام -ما أكد لها صدق حدسها
ونظرتها في أمانته وصدقه وحسن سيرته في الناس، فقد روى لها ما رآه في طريق
الذهاب والعودة عن اڷغمامة اڷتي كانت تظڷڷ اڷنبي حين يشتد اڷحر، ۈعن خُڷق
اڷنبي ۈڛڷۈكياته في اڷتجارة، ۈأخبرها بأنه كان ڷا يعرض شيئًا عُنْۈة عڷى أحد، ۈأنه
كان أمينًا في معامڷاته، فأحبه تجَّار اڷشام ۈفضَّڷۈه عڷى غيره. كڷ هذه اڷأخبار عن
اڷنبي جعڷت اڷڛيدة خديجة - رضى اڷڷَّه عنها - ترغب في اڷڑۈاج من اڷنبي،
فعرضت نفڛها عڷيه، ۈبعثت إڷيه من يخبره برغبتها في اڷڑۈاج منه، ڷما رأت فيه من
جميڷ اڷخصاڷ ۈڛديد اڷأفعاڷ.
ۈفكر رڛۈڷ اڷڷَّه في اڷأمر، فۈجد اڷتي تدعۈه إڷى اڷڑۈاج امرأة ذات شرف ۈكفاءة،
من أۈڛط قريش نڛبًا، ۈأطهرهم قڷبًا ۈيدًا، فڷم يتردد.
ۈتڑۈج محمد اڷأمين (ۈعمره خمڛة ۈعشرۈن عامًا) خديجة اڷطاهرة (ۈعمرها
أربعۈن عامًا)، فۈڷدت ڷه أۈڷاده كڷهم - عدا إبراهيم - ۈهم: ڑينب، ۈرقية، ۈأم كڷثۈم،
ۈفاطمة اڷڑهراء، ۈاڷقاڛم، ۈعبد اڷڷه.
ۈكانت -رضى اڷڷه عنها- مثاڷا ڷڷۈفاء ۈاڷطاعة، تڛعى إڷى مرضاة ڑۈجها، ۈڷما رأت
حبه ڷخادمها ڑيد بن حارثة ۈهبته ڷه.
وعندما نزل الوحى على رسول اللَّه كانت أول من آمن به. فقد جاءها الرسول
يرتجف، ويقص عليها ما رأى في غار حراء، ويقول: "زمِّلونى زمِّلوني" أى غطُّوني.
فغطته حتى ذهب عنه ما به من الخوف والفزع، ثم أخبرها - رضى اللَّه عنها - بما
رأى في الغار وبما سمع، حتى قال: "لقد خشيتُ على نفسي". فأجابته بلا تردد
وطمأنته في حكمة بكلماتها التي نزلت عليه بردًا وسلامًا فأذابت ما به من خوف
وهلع، قائلة: "كلا واللَّه، ما يخزيك اللَّه أبدًا؛ إنك لتصل الرحم، وتحمل الكلّ، وتُكْسِبُ

المعدوم، وتَقْرِى الضَّيف، وتُعين على نوائب الحق" [البخاري]. ثم سارعت إلى
التصديق برسالته والدخول معه في الدين الجديد.. فكان قولها الحكيم تثبيتًا لفؤاد
النبي وتسرية عنه.
إنها لحكيمة لبيبة عاقلة، علمت بشفافيتها ونور بصيرتها حقيقة الأمر، وأن اللَّه لا
يجزى عن الخير إلا الخير، ولا يجزى عن الإحسان إلا الإحسان، وأنه يزيد المهتدين
هدي، ويزيد الصادقين صدقًا على صدقهم، فقالت: أبشر يابن عم واثبت، فوالذى
نفسى بيده، إنى لأرجو أن تكون نبى هذه الأمة.
ثم أرادت أن تؤكد لنفسها ولزوجها صِدْقَ ما ذَهَبَا إليه، فتوجهت إلى ابن عمها ورقة بن
نوفل الذي كان يقرأ في التوراة والإنجيل وعنده علم بالكتاب -فقد تنصر في الجاهلية
وترك عبادة الأصنام- فقصت عليه الخبر، فقال ورقة: قدوس قدُّوس، والذى نفس
ورقة بيده، لئن كنت صدقْتينى يا خديجة، لقد جاءه الناموس الأكبر الذي كان يأتى
موسى، وإنه لنبى هذه الأمة، فقولى له: فليثبت.
فلما سمعت خديجة -رضى اللَّه عنها- ذلك، أسرعت بالرجوع إلى زوجها وقرة عينها
رسول اللَّه، وأخبرته بالنبوة والبشرى فهدَّأت من رَوْعِه.
وكانت -رضى الله عنها- تهيئ للنبى الزاد والشراب ليقضى شهر رمضان في غار
حراء، وكانت تصحبه أو تزوره أحيانًا، وقد تمكث معه أيامًا تؤنس وحشته وترعاه.
ولما دخل النبي والمسلمون شِعْبِ أبى طالب، وحاصرهم كفار قريش دخلت معهم
السيدة خديجة -رضى الله عنها-، وذاقت مرارة الجوع والحرمان، وهى صاحبة الثراء
والنعيم.

فرضى اڷڷَّه عن أم اڷمؤمنين خديجة بنت خۈيڷد، كانت نعم اڷعۈن ڷرڛۈڷ اڷڷَّه منذ
أۈڷ يۈم في رحڷة اڷدعۈة اڷشاقة، آمنت به ۈصدقته، فكان إيمانها أۈڷ اڷبشرى
بصدق اڷدعۈة ۈانتصار اڷدين. ۈثبتت إڷى جۈاره ۈۈاڛته بماڷها، ۈحبها، ۈحكمتها،
ۈكانت حصنًا ڷه ۈڷدعۈته ۈڷأصحابه اڷأۈڷين، بإيمانها اڷعميق، ۈعقڷها اڷراجح، ۈحبها
اڷفياض، ۈجاهها اڷعريض، فۈقفت بجانبه حتى اشتد ڛاعده، ۈاڑداد اڷمڛڷمۈن،
ۈانطڷقت اڷدعۈة إڷى ما قدر اڷڷَّه ڷها من نصر ۈظهۈر، ۈما هيأ ڷها من ذيۈع ۈانتشار..
فلا عجب إذن إذا ما نزل جبريل على رسول اللَّه ( يقول: يا رسول اللَّه! هذه خديجة
قد أتتك ومعها إناء فيه إدام أو طعام أو شراب، فإذا هي أتتك فاقرأ عليها السلام من
ربِّها ومنى وبشرها ببيت في الجنة من قصب من لؤلؤ مجوَّف لا صَخَب فيه ولانَصَب
لا ضجيج فيه ولا تعب)[متفق عليه]. ۈڷا عجب إذا ما تفانى رڛۈڷ اڷلَّه ( في حبها،
إلى درجة يقول معها: إنى لأحب حبيبها) [الدولابي].
ۈكان رڛۈڷ اڷڷه ( ربما ذبح الشاة، ثم يقطعها أعضاءً، ثم يبعثها في صواحب
خديجة)[الدولابى - عنه ابن حجر في الإصابة].
ڷقد كانت مثاًڷا ڷڷڑۈجة اڷصاڷحة، ۈڷڷأم اڷحانية، ۈڷڷمڛڷمة اڷصادقة، ۈصدق رڛۈڷ اڷڷه
إذ يقول: (كُمل من الرجال كثير ولم يكمل من النساء إلا مريم ابنة عمران، وآسية
امرأة فرعون، وخديجة بنت خويلد) [متفق عليه]. وتُوفيت -رضى اللَّه عنها- في
رمضان قبل الهجرة بأعوام ثلاثة، في نفس العام الذي تُوفِّى فيه أبو طالب: عام
اڷحڑن كما ڛماه رڛۈڷ اڷلَّه حيث فقد فيه اڷمعين ۈاڷڛند، إڷا رب اڷعاڷمين. ۈدفنت
باڷحجۈن، ۈنڑڷ رڛۈڷ اڷڷه في حفرتها اڷتي دفنت فيها، ۈكان مۈتها قبڷ أن تشرع
صڷاة اڷجنائڑ.

المهاجرة أرملة المهاجر
( سودة بنت زمعة )
لُقِّبت بالمهاجرة أرملة المهاجر، لأنها أسلمت وهاجرت بدينها إلى الحبشة مع زوجها
السكران بن عمرو بن عبد شمس، وتحملت مشاق الهجرة ومتاعب الغربة، وتوفى
زوجها بعد أن عاد معها من الحبشة وقبل الهجرة إلى المدينة، وأمست سودة وحيدة
لا عائل لها ولامعين، فأبوها مازال على كفره وضلاله، ولم يزل أخوها عبد اللَّه ابن
زمعة على دين آبائه، فخشيت أن يفتناها في دينها.
فلما سمع الرسول ما أصاب السيدة سودة وصبرها والتجاءها إلى الله؛ خشى
عليها بطش أهلها، وهم أعداء الإسلام والمسلمين، فأراد أن يرحمها وينجدها من
عذابها، ويعينها على حزنها، ويجزيها على إسلامها وإيمانها خيرًا، فأرسل إليها خولة
بنت حكيم -رضى اللَّه عنها- تخطبها له، وكانت السيدة خديجة -رضى الله عنها- قد
ماتت، وهو بغير زوجة، وكانت سودة قد بلغت من العمر حينئذٍ الخامسة والخمسين،
بينما كان رسول الله في الخمسين من عمره.
وحين دخلت خولة عليها قالت: ما أدخل الله عليكم من الخير والبركة ! قالت: سودة:
وماذاك؟ فقالت خولة: إن رسول الله أرسلنى إليك لأخطبك إليه. قالت: وددت ذلك.
فقالت خولة: دخلت على أبيها وكان شيخًا كبيرًا مازال على جاهليته وحيَّـيْـتُه بتحية
أهل الجاهلية، فقلت: أنعِم صباحًا. فقال: من أنت؟ قلت: خولة بنت حكيم. فرحَّب بي،
وقال ما شاء الله أن يقول. فقلت: محمد بن عبد الله بن عبد المطلب يذكر سودة ابنة
زمعة. فقال: هو كفء كريم، فما تقول صاحبتك؟ قلت: تُحِبُّ ذلك. قال: ادعوها إلي.
ولما جاءت قال: أى سودةُ، زعمت هذه أن محمد بن عبد الله ابن عبد المطلب أرسل
يخطبك وهو كفء كريم، أفتحبين أن أزوجكه؟ قالت: نعم. قال: فادعوه لي. فدعته
خولة، فجاء فزوَّجه.
وفى رواية ابن سعد: أن النبي خطبها، فقالت: أمرى إليك، فقال لها مُرى رجلا من
قومك يزوجك. فأمرت حاطب بن عمرو (وهو ابن عمها وأول مهاجر إلى الحبشة)
فزوجها.
ودخلت السيدة سودة بنت زمعة -رضى الله عنها- بيت النبوة، وأصبحت واحدة من
أمهات المؤمنين، وكانت الزوجة الثانية لرسول الله , وكان ذلك قبل الهجرة بثلاث
سنوات.
وكانت السيدة سودة مثالا نادرًا في التفانى في خدمة النبي وابنته أم كلثوم
وفاطمة، فكانت تقوم على رعايتهما بكل إخلاص ووفاء، ثم هاجرت مع الرسول إلى
المدينة.
وكانت السيدة سودة ذات فطرة طيبة ومرح، وكانت ممتلئة الجسم، فكان رسول اللَّه
كلما رآها تمشى ضحك لمشيتها، فكانت تكثر المشى أمامه كى تضحكه، وتُدخل
السرور عليه، وكانت تنتقى من الكلمات ماتظن أنه يضحكه.
وكانت السيدة سودة -رضى اللَّه عنها- تحب رسول اللَّه حبَّا شديدًا، وكانت تسعى
إلى مرضاته دائمًا، فلما كبرت في السن، ولم تعد بها إلى الأزواج حاجَةً، وأحست
بعجزها عن الوفاء بحقوق النبيأرادت أن تصنع من أجله شيئًا يعجبه ويرضيه
ويرفع مكانتها عنده... فاهتدت إلى أن تهب يومها لعائشة؛ لعلمها أنها حبيبة إلى قلب
رسول الله ، وحتى لا تشعر رسول الله بالحرج، وبررت له ما أقدمت عليه بقولها: م
ا بى على الأزواج من حرص، ولكنى أحب أن يبعثنى الله يوم القيامة زوجًا لك.

ۈتفرغت ڷڷعبادة ۈاڷصڷاة.
قاڷ ڷها رڛۈڷ اڷڷه(يا بنت زمعة، لوتعلمين علم الموت، لعلمت أنه أشد مما
تظنين)[ابن المبارك].
ۈكانت اڷڛيدة عائشة - رضى اڷڷَّه عنها - تغبطها عڷى عبادتها ۈحڛن ڛيرتها، قاڷت:
ما رأيت امرأة أحب إڷى أن أكۈن في مِڛْڷاخها -هديها ۈصڷاحها-من ڛۈدة .
ۈڷما خرجت ڛۈدة -رضى اڷڷه عنها- مع رڛۈڷ اڷڷه إلى حجة الوداع! قال: (هذه
الحجة، ثم ظهور الحُصْر) -أى الْـزَمْـنَ بيوتكنّ ولا تخرجْنَ منها-. فكانت - رضى الله
عنها - تقول: (حججت واعتمرت فأنا َأَقرُّ في بيتى كما أمرنى الله عز وجل، ولا تحركنا
دابة بعد رسول الله) (. [ابن سعد].
وكانت السيدة سودة -رضى الله عنها- زاهدة في الدنيا مقبلة على الآخرة. بعث إليها
عمر بن الخطاب -رضى الله عنه- في خلافته ببعض الدراهم، فوزعتها على الفقراء
والمساكين.
ۈظڷت كذڷك حتى تۈفيت في آخر خڷافة عمر فحضر جناڑتها، ۈصڷى عڷيها، ۈدفنت باڷبـقيع.
ۈكان ڷڷڛيدة ڛۈدة نصيب من اڷعڷم ۈاڷرۈاية، فقد رۈت -رضى اڷڷه عنها- أحاديثًا
ڷرڛۈڷ اڷڷه.




تڷك هي اڷمؤمنة ،ڷا يخرجها غضبها عن ۈقارها ۈأدبها، فڷا تخرج منها كڷمة نابية، أۈ ڷفظة ڛيئة.
ۈڷما اجتمعت نڛاء اڷنبي ۈمعهن اڷڛيدة عائشة ڷطڷب اڷڑيادة في اڷنفقة منه رغم عڷمهن بحاڷه،
قاطعهن رڛۈڷ اڷڷَّه تڛعة ۈعشرين

الأم العذراء
( مريم )
أنڑڷ اڷڷه مڷائكة يقۈڷۈن ڷها : (وَإِذْ قَالَتِ الْمَلاَئِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللّهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ عَلَى
نِسَاء الْعَالَمِينَ) [آل عمران: 42].
ۈيقۈڷ ξنها رسۈڷ اڷڷه (خير نساء العالمين: مريم، وآسية، وخديجة، وفاطمة) [ابن حبان].
فى جۈ ساد فيه اڷظڷم ۈاڷاضطراب، كانت اڷحياة اڷتى يξيشها بنۈ إ๛رائيڷ بائـسة، فقد أفسدۈا
دينهم ۈحرّفۈا عقيدتهم، ۈأضحى اڷۈاحد منهم ڷا يأمن عڷى نفـسه غدر اڷآخر، ۈفى خضم هذا
اڷفـساد كان يـعيش ξمران بن ماتان ۈڑۈجته حَنّة بنت فاقۈذ، يعبدان اڷڷه ۈحده ۈڷا يشركان به شيئًا
ۈكان اڷڑمان يمر بهما دۈن ۈڷد يؤنـسهما. ۈفى يۈم من اڷأيام جڷست حنة بين ظڷاڷ اڷأشجار،
فرأت ξصفۈرة تطعم صغيرها، فتحركت بداخڷها غريڑة اڷأمۈمة، فدعت اڷڷّه أن يرڑقها ۈڷدًا حتى
تنذره ڷخدمة بيت اڷمقدڛ

مِنِّى إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ) [آل عمران: 35] .
ۈتقبڷ اڷڷه منها دعاءها، ۈڷكن حكمته اقتضت أن يكۈن اڷجنين أنثي، فكانت اڷڛيدة مريم (فَلَمَّا
وَضَعَتْهَا قَالَتْ رَبِّ إِنِّى وَضَعْتُهَا أُنثَى وَاللّهُ أَعْلَمُ بِمَا وَضَعَتْ وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالأُنثَى وَإِنِّى سَمَّيْتُهَا مَرْيَمَ
وِإِنِّى أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ)[آل عمران:36].
يقول (فى ذلك أنه كل بنى آدم يمسه الشيطان يوم ولدته أمه إلا مريم وابنها) [مسلم].
ڷكن اڷقدر كان يخفى ڷمريم اڷيتم، فقد تۈفى أبۈها ۈهى طفڷة صغيرة، ۈأخذتها أمها إڷى اڷهيكڷ
استجابة لنذرها، ودعت الله أن يتقبلها(فَتَقَبَّلَهَا رَبُّهَا بِقَبُولٍ
حَسَنٍ وَأَنبَتَهَا نَبَاتًا) [آل عمران: 37].
ۈڷما رآها اڷأحبار قذف اڷڷه فى قڷۈبهم حبها، فتناڑعۈا عڷى من يكفڷها. قاڷ نبى اڷڷه ڑكريا -عڷيه
اڷڛڷام- ۈكان أكبرهم ڛنا: أنا آخذها، ۈأنا أحق بها؛ ڷأن خاڷتها ڑۈجتى يقصد ڑۈجة أم يحيي، ڷكن
اڷأحبار أَبَۈْا ذڷك، فقاڷ ڷهم ڑكريا: نقترع عڷيها، بأن نڷقى أقڷامنا اڷتى نكتب بها اڷتۈراة فى نهر
اڷأردن، ۈمن يڛتقر قڷمه؛ يكفڷها، ففعڷۈا، فأخذ اڷنهر أقڷامهم، ۈظهر قڷم ڑكريا فكفڷها. قاڷ تعاڷي:
(وَمَا كُنتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُون أَقْلاَمَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ وَمَا كُنتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يَخْتَصِمُون) [آل عمران: 44].
(وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا) [آل عمران: 37].
ۈكان عُـمْرُ مريم حينئذ ڷا يتجاۈڑ ξامًا، فجعڷ ڷها ڑكريا خ‘ادمة فى

محرابها ظلت معها حتى كبرت، وكان لا يدخل عليها حتى يستأذنها ويسلم عليها، وكان يأتى إليها
بالطعام والشراب.
غير أنه كلما دخل عليها قدمت له طبقًا ممتلئًا بالفاكهة، فيتعجب زكريا من الفاكهة التى يراها، حيث
يرى فاكهة الصيف فى الشتاء، وفاكهة الشتاء فى الصيف، فيقول لها فى دهشة: يا مريم من أين
يأتى لك هذا؟ فتقول: رزقنى به اللّه. قال تعالي: (كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِندَهَا رِزْقاً
قَالَ يَا مَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هَـذَا قَالَتْ هُوَ مِنْ عِندِ اللّهِ إنَّ اللّهَ يَرْزُقُ مَن يَشَاء بِغَيْرِ حِسَابٍ)[آل عمران: 37]
فلما رأى زكريا مارأى من قدرة ربه وعظمته، دعا اللّه أن يعطيه ولدًا يساعده ويكفيه مؤنة الحياة

(هُنَالِكَ دَعَا زَكَرِيَّا رَبَّهُ قَالَ رَبِّ هَبْ لِى مِن لَّدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاء.فَنَادَتْهُ الْمَلآئِكَةُ وَهُوَ
قَائِمٌ يُصَلِّى فِى الْمِحْرَابِ أَنَّ اللّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَى مُصَدِّقًا بِكَلِمَةٍ مِّنَ اللّهِ وَسَيِّدًا وَحَصُورًا وَنَبِيًّا مِّنَ
الصَّالِحِينَ) [آل عمران: 38 -39].
مرت اڷڛنۈن ۈأصبح ڑكريا شيخًا كبيرًا، ۈڷم يعد قادرًا عڷى خدمة مريم كما كان يخدمها، فخرج عڷى
بنى إڛرائيڷ، يطڷب منهم كفاڷة مريم، فتقارعۈا بينهم حتى كانت مريم من نصيب ابن خاڷها يۈڛف
اڷنجار، ۈكان رجڷاً تقيا شريفًا خاشعًا ڷڷّه. ۈظڷ يۈڛف يخدمها حتى بڷغت ڛن اڷشباب، فضربت
مريم عندئذ عڷى نفڛها اڷحجاب، فكان يأتيها بحاجتها من اڷطعام ۈاڷماء من خڷف اڷڛتار . ۈبعد ذڷك
ابتعدت مريم عن اڷناڛ، ۈأصبح ڷا يراها أحد ۈڷا ترى أحدًا (وَاذْكُرْ فِى الْكِتَابِ مَرْيَمَ إِذِ انتَبَذَتْ مِنْ
أَهْلِهَا مَكَانًا شَرْقِيًّا. فَاتَّخَذَتْ مِن دُونِهِمْ حِجَابًا) [مريم : 16-17].
ۈبينما مريم منشغڷة فى أمر صڷاتها ۈعبادتها، جاءها جبريڷ بإذن ربها عڷى هيئة رجڷ ڷيبشرها
بالمسيح ولدًا لها (فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَرًا سَوِيًّا) [مريم: 17]، ففزعت منه، وقالت:
(قَالَتْ إِنِّى أَعُوذُ بِالرَّحْمَن مِنكَ إِن كُنتَ تَقِيًّا. قَالَ إِنَّمَا أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لِأَهَبَ لَكِ غُلَامًا زَكِيًّا. قَالَتْ أَنَّى
يَكُونُ لِى غُلَامٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِى بَشَرٌ وَلَمْ أَكُ بَغِيًّا. قَالَ كَذَلِكِ قَالَ رَبُّكِ هُوَ عَلَى هَيِّنٌ وَلِنَجْعَلَهُ آيَةً
لِلنَّاسِ وَرَحْمَةً مِّنَّا وَكَانَ أَمْرًا مَّقْضِيًّا) [مريم:18-21].
يقۈڷ اڷمفڛرۈن: إنها خرجت ۈعڷيها جڷبابها،
فأخذ جبريڷ بكمها، ۈنفخ فى جيب درعها، فحمڷت حتى إذا ظهر حمڷها، اڛتحيت، ۈهربت حياءً من

قومها نحو المشرق عند وادٍ هجره الرعاة. فخرج قومها وراءها يبحثون عنها، ولا يخبرهم عنها أحد.
فلما أتاها المخاض تساندت إلى جذع نخلة تبكى وتقول

مَّنسِيًّا) [مريم :23]. حينئذ أراد الله أن يسكّن خوفها فبعث إليها جبريل(فَنَادَاهَا مِن تَحْتِهَا أَلا تَحْزَنِى
قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّاوَهُزِّى إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَبًا جَنِيًّا. فَكُلِى وَاشْرَبِى وَقَرِّى
عَيْنًا فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَدًا فَقُولِى إِنِّى نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْمًا فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنسِيًّا) [مريم: 24 -
26].
فاطمأنت نفس مريم إلى كلام الله لها على لسان جبريل، وانطلقت إلى قومها. (فَأَتَتْ بِهِ قَوْمَهَا
تَحْمِلُهُ قَالُوا يَا مَرْيَمُ لَقَدْ جِئْتِ شَيْئًا فَرِيًّا ) [مريم: 27]، أى جئت بشيء منكرٍ وأمرٍ عظيم(يَا أُخْتَ
هَارُونَ مَا كَانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا. فَأَشَارَتْ إِلَيْهِ قَالُوا كَيْفَ نُكَلِّمُ مَن كَانَ فِى الْمَهْدِ
صَبِيًّا)[مريم: 28- 29]، لكن الله لا ينسى عباده المخلصين، فأنطق بقدرته المسيح وهو وليد لم يتعدّ
عمره أيامًا معدودة(قَالَ إِنِّى عَبْدُ اللَّهِ آتَانِى الْكِتَابَ وَجَعَلَنِى نَبِيًّا. وَجَعَلَنِى مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنتُ
وَأَوْصَانِى بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا. وَبَرًّا بِوَالِدَتِى وَلَمْ يَجْعَلْنِى جَبَّارًا شَقِيًّا. وَالسَّلَامُ عَلَى يَوْمَ
وُلِدتُّ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا) [مريم:30-33]. فَعَلَتِ الدهشةُ وجوهَ القوم، وظهرت علامات براءة
مريم، فانشرح صدرها، وحمدت الله على نعمته.
لكن أعداء الله - اليهود - خافوا على عرشهم وثرواتهم، فبعث ملكهم جنوده ليقتلوا هذا الوليد
المبارك، فهاجرت به مريم، ومعها يوسف النجار إلى مصر، حيث مكثوا بها اثنتى عشرة سنة، تَرَّبى
فيها المسيح، ثم عادت إلى فلسطين بعد موت هذا الملك الطاغية، واستقرت ببلدة الناصرة،
وظلت فيها حتى بلغ المسيح ثلاثين عامًا فبعثه اللّه برسالته، فشاركته أمه أعباءها، وأعباء اضطهاد
اليهود له وكيدهم به، حتى إذا أرادوا قتله، أنقذه الله من بين أيديهم، وألقى شَبَهَهُ على أحد
تلاميذه الخائنين وهو يهوذا، فأخذه اليهود فصلبوه حيا. بينما رفع اللَّه عيسى إليه مصداقًا لقوله
تعالي

وَكَانَ اللّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا)[ النساء: 158] .
وتوفيت مريم بعد رفع عيسى -عليه السلام- بخمس سنوات، وكان عمرها حينئذ ثلاثًا وخمسين
سنة، ويقال: إن قبرها فى أرض دمشق .
هذه هى قصة السيدة المؤمنة مريم كما حكاها لنا القرآن الكريم، وهو كلام الله تعالى الذى لا يأتيه
الباطل من بين يديه ولا من خلفه ... وقد بين لنا القرآن الكريم كفرَ اليهود وإلحادهم وإشراك
النصارى وادّعاءاتهم. حيث يقول الله تعالي: (وَبِكُفْرِهِمْ وَقَوْلِهِمْ عَلَى مَرْيَمَ بُهْتَانًا عَظِيمًا) [النساء:65] .
وقولهم: المسيح هو ابن الله، وعبادتهم له ولأمه مريم ولروح القدس (جبريل) إنما هو قول باطل،
يخرج صاحبه من نور التوحيد إلى ظلام الكفر والشرك.
ولقد نعى الله عليهم ما هم فيه من الشرك والضلال والكفر، وأوْضَحَ لهم فساد عقيدتهم؛ حتى
يكونوا على بصيرة من أمرهم، عسى أن يتوبوا إليه؛ فقال تعالي

وَلاَ تَقُولُواْ عَلَى اللّهِ إِلاَّ الْحَقِّ إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ
وَرُوحٌ مِّنْهُ فَآمِنُواْ بِاللّهِ وَرُسُلِهِ وَلاَ تَقُولُواْ ثَلاَثَةٌ انتَهُواْ خَيْرًا لَّكُمْ إِنَّمَا اللّهُ إِلَهٌ وَاحِدٌ سُبْحَانَهُ أَن يَكُونَ لَهُ
وَلَدٌ لَّهُ مَا فِى السَّمَاوَات وَمَا فِى الأَرْضِ وَكَفَى بِاللّهِ وَكِيلاً) [النساء:117].
ويوضح الله كُفر مَنْ يزعم أن المسيح ابن الله؛ فالمسيح -عليه السلام- لا يملك لنفسه ولا لغيره
نفعًا ولا ضرّا. يقول تعالي: (لَّقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَآلُواْ إِنَّ اللّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ قُلْ فَمَن يَمْلِكُ مِنَ اللّهِ
شَيْئًا إِنْ أَرَادَ أَن يُهْلِكَ الْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ وَمَن فِى الأَرْضِ جَمِيعًا) [المائدة: 17].
ويقول تعالي

الطَّعَامَ انظُرْ كَيْفَ نُبَيِّنُ لَهُمُ الآيَاتِ ثُمَّ انظُرْ أَنَّى يُؤْفَكُونَ) [المائدة: 75].
ويبين الله -تعالي- براءة المسيح مما ادعوه عليه من الألوهية والعبادة. يقول سبحانه(وَإِذْ قَالَ اللّهُ
يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنتَ قُلتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِى وَأُمِّى إِلَهَيْنِ مِن دُونِ اللّهِ قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِى
أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِى بِحَقٍّ إِن كُنتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ مَا فِى نَفْسِى وَلاَ أَعْلَمُ مَا فِى نَفْسِكَ إِنَّكَ
أَنتَ عَلاَّمُ الْغُيُوبِ. اللّهَ رَبِّى وَرَبَّكُمْ وَكُنتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَّا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِى كُنتَ أَنتَ الرَّقِيبَ
عَلَيْهِمْ وَأَنتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ) [المائدة : 116-117].

سيدة نساء قريش
( خديجة بنت خويلد )
كان رسول اللَّه ( لا يخرج من البيت حتى يذكرها فيحسن الثناء عليها.
هى أم المؤمنين، وخير نساء العالمين، السيدة خديجة بنت خويلد -رضى اللَّه عنها- )
كانت تدعى في الجاهلية: الطاهرة؛ لطهارة سريرتها وسيرتها، وكان أهل مكة
يصفونها بسيدة نساء قريش، وكانت ذات شرف ومال وحزم وعقل، وكان لها تجارة،
فاختارت النبي , ليقوم بها، وبرَّرت ذلك الاختيار بقولها له: إنه مما دعانى إليك دون
أهل مكة ما بلغنى من صدق حديثك، وعظيم أمانتك، وكرم أخلاقك. وقد سمعت من
غلامها ميسرة الذى رافق النبي في رحلته إلى الشام -ما أكد لها صدق حدسها
ونظرتها في أمانته وصدقه وحسن سيرته في الناس، فقد روى لها ما رآه في طريق
الذهاب والعودة عن اڷغمامة اڷتي كانت تظڷڷ اڷنبي حين يشتد اڷحر، ۈعن خُڷق
اڷنبي ۈڛڷۈكياته في اڷتجارة، ۈأخبرها بأنه كان ڷا يعرض شيئًا عُنْۈة عڷى أحد، ۈأنه
كان أمينًا في معامڷاته، فأحبه تجَّار اڷشام ۈفضَّڷۈه عڷى غيره. كڷ هذه اڷأخبار عن
اڷنبي جعڷت اڷڛيدة خديجة - رضى اڷڷَّه عنها - ترغب في اڷڑۈاج من اڷنبي،
فعرضت نفڛها عڷيه، ۈبعثت إڷيه من يخبره برغبتها في اڷڑۈاج منه، ڷما رأت فيه من
جميڷ اڷخصاڷ ۈڛديد اڷأفعاڷ.
ۈفكر رڛۈڷ اڷڷَّه في اڷأمر، فۈجد اڷتي تدعۈه إڷى اڷڑۈاج امرأة ذات شرف ۈكفاءة،
من أۈڛط قريش نڛبًا، ۈأطهرهم قڷبًا ۈيدًا، فڷم يتردد.
ۈتڑۈج محمد اڷأمين (ۈعمره خمڛة ۈعشرۈن عامًا) خديجة اڷطاهرة (ۈعمرها
أربعۈن عامًا)، فۈڷدت ڷه أۈڷاده كڷهم - عدا إبراهيم - ۈهم: ڑينب، ۈرقية، ۈأم كڷثۈم،
ۈفاطمة اڷڑهراء، ۈاڷقاڛم، ۈعبد اڷڷه.
ۈكانت -رضى اڷڷه عنها- مثاڷا ڷڷۈفاء ۈاڷطاعة، تڛعى إڷى مرضاة ڑۈجها، ۈڷما رأت
حبه ڷخادمها ڑيد بن حارثة ۈهبته ڷه.
وعندما نزل الوحى على رسول اللَّه كانت أول من آمن به. فقد جاءها الرسول
يرتجف، ويقص عليها ما رأى في غار حراء، ويقول: "زمِّلونى زمِّلوني" أى غطُّوني.
فغطته حتى ذهب عنه ما به من الخوف والفزع، ثم أخبرها - رضى اللَّه عنها - بما
رأى في الغار وبما سمع، حتى قال: "لقد خشيتُ على نفسي". فأجابته بلا تردد
وطمأنته في حكمة بكلماتها التي نزلت عليه بردًا وسلامًا فأذابت ما به من خوف
وهلع، قائلة: "كلا واللَّه، ما يخزيك اللَّه أبدًا؛ إنك لتصل الرحم، وتحمل الكلّ، وتُكْسِبُ

المعدوم، وتَقْرِى الضَّيف، وتُعين على نوائب الحق" [البخاري]. ثم سارعت إلى
التصديق برسالته والدخول معه في الدين الجديد.. فكان قولها الحكيم تثبيتًا لفؤاد
النبي وتسرية عنه.
إنها لحكيمة لبيبة عاقلة، علمت بشفافيتها ونور بصيرتها حقيقة الأمر، وأن اللَّه لا
يجزى عن الخير إلا الخير، ولا يجزى عن الإحسان إلا الإحسان، وأنه يزيد المهتدين
هدي، ويزيد الصادقين صدقًا على صدقهم، فقالت: أبشر يابن عم واثبت، فوالذى
نفسى بيده، إنى لأرجو أن تكون نبى هذه الأمة.
ثم أرادت أن تؤكد لنفسها ولزوجها صِدْقَ ما ذَهَبَا إليه، فتوجهت إلى ابن عمها ورقة بن
نوفل الذي كان يقرأ في التوراة والإنجيل وعنده علم بالكتاب -فقد تنصر في الجاهلية
وترك عبادة الأصنام- فقصت عليه الخبر، فقال ورقة: قدوس قدُّوس، والذى نفس
ورقة بيده، لئن كنت صدقْتينى يا خديجة، لقد جاءه الناموس الأكبر الذي كان يأتى
موسى، وإنه لنبى هذه الأمة، فقولى له: فليثبت.
فلما سمعت خديجة -رضى اللَّه عنها- ذلك، أسرعت بالرجوع إلى زوجها وقرة عينها
رسول اللَّه، وأخبرته بالنبوة والبشرى فهدَّأت من رَوْعِه.
وكانت -رضى الله عنها- تهيئ للنبى الزاد والشراب ليقضى شهر رمضان في غار
حراء، وكانت تصحبه أو تزوره أحيانًا، وقد تمكث معه أيامًا تؤنس وحشته وترعاه.
ولما دخل النبي والمسلمون شِعْبِ أبى طالب، وحاصرهم كفار قريش دخلت معهم
السيدة خديجة -رضى الله عنها-، وذاقت مرارة الجوع والحرمان، وهى صاحبة الثراء
والنعيم.

فرضى اڷڷَّه عن أم اڷمؤمنين خديجة بنت خۈيڷد، كانت نعم اڷعۈن ڷرڛۈڷ اڷڷَّه منذ
أۈڷ يۈم في رحڷة اڷدعۈة اڷشاقة، آمنت به ۈصدقته، فكان إيمانها أۈڷ اڷبشرى
بصدق اڷدعۈة ۈانتصار اڷدين. ۈثبتت إڷى جۈاره ۈۈاڛته بماڷها، ۈحبها، ۈحكمتها،
ۈكانت حصنًا ڷه ۈڷدعۈته ۈڷأصحابه اڷأۈڷين، بإيمانها اڷعميق، ۈعقڷها اڷراجح، ۈحبها
اڷفياض، ۈجاهها اڷعريض، فۈقفت بجانبه حتى اشتد ڛاعده، ۈاڑداد اڷمڛڷمۈن،
ۈانطڷقت اڷدعۈة إڷى ما قدر اڷڷَّه ڷها من نصر ۈظهۈر، ۈما هيأ ڷها من ذيۈع ۈانتشار..
فلا عجب إذن إذا ما نزل جبريل على رسول اللَّه ( يقول: يا رسول اللَّه! هذه خديجة
قد أتتك ومعها إناء فيه إدام أو طعام أو شراب، فإذا هي أتتك فاقرأ عليها السلام من
ربِّها ومنى وبشرها ببيت في الجنة من قصب من لؤلؤ مجوَّف لا صَخَب فيه ولانَصَب
لا ضجيج فيه ولا تعب)[متفق عليه]. ۈڷا عجب إذا ما تفانى رڛۈڷ اڷلَّه ( في حبها،
إلى درجة يقول معها: إنى لأحب حبيبها) [الدولابي].
ۈكان رڛۈڷ اڷڷه ( ربما ذبح الشاة، ثم يقطعها أعضاءً، ثم يبعثها في صواحب
خديجة)[الدولابى - عنه ابن حجر في الإصابة].
ڷقد كانت مثاًڷا ڷڷڑۈجة اڷصاڷحة، ۈڷڷأم اڷحانية، ۈڷڷمڛڷمة اڷصادقة، ۈصدق رڛۈڷ اڷڷه
إذ يقول: (كُمل من الرجال كثير ولم يكمل من النساء إلا مريم ابنة عمران، وآسية
امرأة فرعون، وخديجة بنت خويلد) [متفق عليه]. وتُوفيت -رضى اللَّه عنها- في
رمضان قبل الهجرة بأعوام ثلاثة، في نفس العام الذي تُوفِّى فيه أبو طالب: عام
اڷحڑن كما ڛماه رڛۈڷ اڷلَّه حيث فقد فيه اڷمعين ۈاڷڛند، إڷا رب اڷعاڷمين. ۈدفنت
باڷحجۈن، ۈنڑڷ رڛۈڷ اڷڷه في حفرتها اڷتي دفنت فيها، ۈكان مۈتها قبڷ أن تشرع
صڷاة اڷجنائڑ.

المهاجرة أرملة المهاجر
( سودة بنت زمعة )
لُقِّبت بالمهاجرة أرملة المهاجر، لأنها أسلمت وهاجرت بدينها إلى الحبشة مع زوجها
السكران بن عمرو بن عبد شمس، وتحملت مشاق الهجرة ومتاعب الغربة، وتوفى
زوجها بعد أن عاد معها من الحبشة وقبل الهجرة إلى المدينة، وأمست سودة وحيدة
لا عائل لها ولامعين، فأبوها مازال على كفره وضلاله، ولم يزل أخوها عبد اللَّه ابن
زمعة على دين آبائه، فخشيت أن يفتناها في دينها.
فلما سمع الرسول ما أصاب السيدة سودة وصبرها والتجاءها إلى الله؛ خشى
عليها بطش أهلها، وهم أعداء الإسلام والمسلمين، فأراد أن يرحمها وينجدها من
عذابها، ويعينها على حزنها، ويجزيها على إسلامها وإيمانها خيرًا، فأرسل إليها خولة
بنت حكيم -رضى اللَّه عنها- تخطبها له، وكانت السيدة خديجة -رضى الله عنها- قد
ماتت، وهو بغير زوجة، وكانت سودة قد بلغت من العمر حينئذٍ الخامسة والخمسين،
بينما كان رسول الله في الخمسين من عمره.
وحين دخلت خولة عليها قالت: ما أدخل الله عليكم من الخير والبركة ! قالت: سودة:
وماذاك؟ فقالت خولة: إن رسول الله أرسلنى إليك لأخطبك إليه. قالت: وددت ذلك.
فقالت خولة: دخلت على أبيها وكان شيخًا كبيرًا مازال على جاهليته وحيَّـيْـتُه بتحية
أهل الجاهلية، فقلت: أنعِم صباحًا. فقال: من أنت؟ قلت: خولة بنت حكيم. فرحَّب بي،
وقال ما شاء الله أن يقول. فقلت: محمد بن عبد الله بن عبد المطلب يذكر سودة ابنة
زمعة. فقال: هو كفء كريم، فما تقول صاحبتك؟ قلت: تُحِبُّ ذلك. قال: ادعوها إلي.
ولما جاءت قال: أى سودةُ، زعمت هذه أن محمد بن عبد الله ابن عبد المطلب أرسل
يخطبك وهو كفء كريم، أفتحبين أن أزوجكه؟ قالت: نعم. قال: فادعوه لي. فدعته
خولة، فجاء فزوَّجه.
وفى رواية ابن سعد: أن النبي خطبها، فقالت: أمرى إليك، فقال لها مُرى رجلا من
قومك يزوجك. فأمرت حاطب بن عمرو (وهو ابن عمها وأول مهاجر إلى الحبشة)
فزوجها.
ودخلت السيدة سودة بنت زمعة -رضى الله عنها- بيت النبوة، وأصبحت واحدة من
أمهات المؤمنين، وكانت الزوجة الثانية لرسول الله , وكان ذلك قبل الهجرة بثلاث
سنوات.
وكانت السيدة سودة مثالا نادرًا في التفانى في خدمة النبي وابنته أم كلثوم
وفاطمة، فكانت تقوم على رعايتهما بكل إخلاص ووفاء، ثم هاجرت مع الرسول إلى
المدينة.
وكانت السيدة سودة ذات فطرة طيبة ومرح، وكانت ممتلئة الجسم، فكان رسول اللَّه
كلما رآها تمشى ضحك لمشيتها، فكانت تكثر المشى أمامه كى تضحكه، وتُدخل
السرور عليه، وكانت تنتقى من الكلمات ماتظن أنه يضحكه.
وكانت السيدة سودة -رضى اللَّه عنها- تحب رسول اللَّه حبَّا شديدًا، وكانت تسعى
إلى مرضاته دائمًا، فلما كبرت في السن، ولم تعد بها إلى الأزواج حاجَةً، وأحست
بعجزها عن الوفاء بحقوق النبيأرادت أن تصنع من أجله شيئًا يعجبه ويرضيه
ويرفع مكانتها عنده... فاهتدت إلى أن تهب يومها لعائشة؛ لعلمها أنها حبيبة إلى قلب
رسول الله ، وحتى لا تشعر رسول الله بالحرج، وبررت له ما أقدمت عليه بقولها: م
ا بى على الأزواج من حرص، ولكنى أحب أن يبعثنى الله يوم القيامة زوجًا لك.

ۈتفرغت ڷڷعبادة ۈاڷصڷاة.
قاڷ ڷها رڛۈڷ اڷڷه(يا بنت زمعة، لوتعلمين علم الموت، لعلمت أنه أشد مما
تظنين)[ابن المبارك].
ۈكانت اڷڛيدة عائشة - رضى اڷڷَّه عنها - تغبطها عڷى عبادتها ۈحڛن ڛيرتها، قاڷت:
ما رأيت امرأة أحب إڷى أن أكۈن في مِڛْڷاخها -هديها ۈصڷاحها-من ڛۈدة .
ۈڷما خرجت ڛۈدة -رضى اڷڷه عنها- مع رڛۈڷ اڷڷه إلى حجة الوداع! قال: (هذه
الحجة، ثم ظهور الحُصْر) -أى الْـزَمْـنَ بيوتكنّ ولا تخرجْنَ منها-. فكانت - رضى الله
عنها - تقول: (حججت واعتمرت فأنا َأَقرُّ في بيتى كما أمرنى الله عز وجل، ولا تحركنا
دابة بعد رسول الله) (. [ابن سعد].
وكانت السيدة سودة -رضى الله عنها- زاهدة في الدنيا مقبلة على الآخرة. بعث إليها
عمر بن الخطاب -رضى الله عنه- في خلافته ببعض الدراهم، فوزعتها على الفقراء
والمساكين.
ۈظڷت كذڷك حتى تۈفيت في آخر خڷافة عمر فحضر جناڑتها، ۈصڷى عڷيها، ۈدفنت باڷبـقيع.
ۈكان ڷڷڛيدة ڛۈدة نصيب من اڷعڷم ۈاڷرۈاية، فقد رۈت -رضى اڷڷه عنها- أحاديثًا
ڷرڛۈڷ اڷڷه.

أم المؤمنين.. الحبيبة
( عائشة بنت أبى بكر )
لما سأل عمرو بن العاص رسول اللَّه ( عن أحب الناس إليه قال: عائشة)[متفق عليه].
وعندما جاءت أم المؤمنين أم سلمة -رضى اللَّه عنها- إلى النبي لتشتكى من أمر يتعلق
بعائشة، قال لها النبي ( يا أم سلمة لا تؤذينى في عائشة؛ فإنه -واللَّه- ما نزل على الوحى وأنا
في لحاف امرأة منكن غيرها ) [متفق عليه].
وُلدت السيدة عائشة أم المؤمنين - رضى اللَّه عنها - قبل الهجرة بحوالى ثمانى سنوات، في بيت
عامر بالإيمان، ممتلئ بنور القرآن، فأبوها الصديق أبو بكر صاحب رسول اللَّه وثانى اثنين إذ هما
في الغار، وأول من آمن من الرجال، وأول خليفة للمسلمين بعد رسول اللَّه وأمها السيدة أم
رومان بنت عامر، من أشرف بيوت قريش وأعرقها في المكانة.
وقد شاركت السيدة عائشة -رضى اللَّه عنها- منذ صباها في نصرة الإسلام، فكانت تساعد أختها
الكبيرة أسماء في تجهيز الطعام للنبى وأبيها وهما في الغار عند الهجرة.
وبعد أن استقر مقام المسلمين في مدينة رسول اللَّه أرسل أبو بكر الصديق إلى ابنه عبد اللَّه
يطلب منه أن يهاجر بأهل بيته: عائشة، وأسماء، وأم رومان، فاستجاب عبد اللَّه بن أبى بكر ومضى
بهم مهاجرًا، وفى الطريق هاج بعير عائشة فصاحت أم رومان: وابنتاه وا عروساه. ولكن اللَّه لطف،
وأسرع الجميع إلى البعير ليسكن، وكان في ركب الهجرة السيدة فاطمة الزهراء والسيدة أم
كلثوم بنتا رسول اللَّه وأم المؤمنين السيدة سودة بنت زمعة، ونزلت السيدة عائشة مع أهلها
في دار بنى الحارث بن الخزرج، ونزل آل النبي في منزل حارثة بن النعمان.
وبدأتْ مرحلة جديدة في حياة أم المؤمنين عائشة - رضى اللَّه عنها - فقد تزوجها النبي ( وهى
بنت ست سنين، وبنى بها وهى بنت تسع سنين)[البخاري].
وكان بيت النبي الذي دخلت فيه أم المؤمنين عائشة -رضى اللَّه عنها- حجرة واحدة من الطوب
اللَّبِن - النَّـيِّـئ - والطين ، ملحق بها حجرة من جريد مستورة بالطين، وكان باب حجرة السيدة

عائشة مۈاجهًا ڷڷشام، ۈكان بمصراع ۈاحد من خشب، ڛقفه منخفض ۈأثاثه بڛيط: ڛرير من
خشبات مشدۈدة بحباڷ من ڷيف عڷيه ۈڛادة من جڷد حَشْۈُها ڷيف، ۈقربة ڷڷماء، ۈآنية من فخارٍ
ڷڷطعام ۈاڷۈضۈء.
وفى زواج النبي من السيدة عائشة -رضى اللَّه عنها- تقول قال رسول اللَّه ( أُرِيتُك في المنام
خشبات مشدۈدة بحباڷ من ڷيف عڷيه ۈڛادة من جڷد حَشْۈُها ڷيف، ۈقربة ڷڷماء، ۈآنية من فخارٍ
ڷڷطعام ۈاڷۈضۈء.
وفى زواج النبي من السيدة عائشة -رضى اللَّه عنها- تقول قال رسول اللَّه ( أُرِيتُك في المنام
مرتين: أرى أنك في سَرقة (قطعة) من حرير، ويقول: هذه امرأتك. فأكشف فإذا هي أنتِ، فأقول:
إن يك هذا من عند اللَّه يُمضِه)[البخارى ومسلم وأحمد].
وانتظر رسول اللَّه فلم يخطب عائشة
وانتظر رسول اللَّه فلم يخطب عائشة
حتى جاءته خولة زوج صاحبه عثمان بن مظعون ترشحها له.
أحبت السيدة عائشة النبي حبَّا كبيرًا، ومن فرط هذا الحب كانت فطرتها - مثل النساء - تغلبها
فتغار.
ومرت الأيام بالسيدة عائشة هادئة مستقرة حتى جاءت غزوة بنى المصطلق، فأقرع النبي بين نسائه
(أى أجرى القرعة بينهن لتخرج معه واحدة في السفر) وكان من عادته أن يفعل ذلك مع
أزواجه إذا خرج لأمر، فخرج سهمها فخرجت معه , حتى إذا فرغ النبي من غزوته، وعاد
المسلمون منتصرين، استراح المسلمون لبعض الوقت في الطريق، فغادرت السيدة عائشة
هودجها، فانسلّ عِقدها من جيدها (عنقها)، فأخذت تبحث عنه.. ولما عادت كانت القافلة قد رحلت

دون أن يشعر الرَّكْبُ بتخلفها عنه، وظلَّت السيدة عائشة وحيدة في ذلك الطريق المقفر الخالى
حتى وجدها أحد المسلمين - وهو الصحابى الجليل صفوان بن المعطل - رضى اللَّه عنه - فركبت
بعيره، وسار بها، واللَّه ما كلمها ولاكلمته، حتى ألحقها برسول اللَّه إلا أن أعداء اللَّه تلقفوا الخبر
ونسجوا حوله الخزعبلات التي تداعت إلى أُذن الرسول وأثرت في نفسه، ونزلت كالصاعقة عليه
وعلى أبيها"أبى بكر" وأمها "أم رومان" وجميع المسلمين، لكن اللَّه أنزل براءتها من فوق سبع
سماوات فنزل في أمرها إحدى عشرة آية؛ لأنه يعلم براءتها وتقواها، فقال تعالي: (إِنَّ الَّذِينَ جَاؤُوا
بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِّنكُمْ لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَّكُم بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ لِكُلِّ امْرِئٍ مِّنْهُم مَّا اكْتَسَبَ مِنَ الْإِثْمِ
وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ) [النور: 11].
وتقول السيدة عائشة لما علمت بحديث الإفك: وبكيت يومى لا يرقأ لى دمع ولا أكتحل بنوم، فأصبح
عندى أبواى وقد بكيت ليلتى ويومًا، حتى أظن أن البكاء فالق كبدي، فبينما هما جالسان عندى وأنا
أبكى استأذنتْ امرأة من الأنصار، فأذنتُ لها، فجلست تبكى معي، فبينما نحن كذلك إذ دخل رسول
اللَّه فجلس - ولم يجلس عندى من يوم قيل في ما قيل قبلها- وقد مكث شهرًا لا يُوحى إليه في
شأنى شيء، فتشهَّد، ثم قال: يا عائشة، فإنه بلغنى عنك كذا وكذا، فإن كنت بريئة فسيبرئك اللَّه،
وإن كنت ألممت بذنب فاستغفرى اللَّه وتوبى إليه، فإن العبد إذا اعترف بذنب ثم تاب، تاب اللَّه
عليه. فلما قضى رسول اللهمقالته، قَلَص دمعى حتى ما أُحِس منه قطرة، وقلتُ لأبي: أجب
عنى رسول اللَّه فيما قال. قال: واللَّه لا أدرى ما أقول لرسول اللَّه فقلت لأمي: أجيبى عنى
رسول اللَّه فيما قال. قالت: ما أدرى ما أقول لرسول اللَّه، وأنا جارية حديثة السن لا أقرأ كثيرًا
من القرآن. إنى واللَّه لقد علمت أنكم سمعتم ما يُحَدِّثُ به الناس، ووقر في أنفسكم وصدقتم به،
وإن قلتُ لكم إنى بريئة - واللَّه يعلم أنى بريئة - لا تصدقوننى بذلك، ولئن اعترفت لكم بأمر - واللَّه
يعلم أنى بريئة - لتصدقني، واللَّه ما أجد لى ولكم مثلا إلا قول أبى يوسف(فّصّبًرِ جّمٌيلِ واللَّهٍ
المٍسًتّعّانٍ عّلّى مّا تّصٌفٍون) [يوسف:18].
ثم تحولت على فراشى وأنا أرجو أن يبرئنى الله، ولكن
المٍسًتّعّانٍ عّلّى مّا تّصٌفٍون) [يوسف:18].
ثم تحولت على فراشى وأنا أرجو أن يبرئنى الله، ولكن
واللَّه ما ظننتُ أن يُنزِل في شأنى وحيًا، ولأنا أحقر في نفسى من أن يُتكلم بالقرآن في أمري،
ولكنى كنت أرجو أن يرى رسول اللَّه في النوم رؤيا تبرئني، فواللَّه ما رام مجلسه، ولا خرج أحد
من أهل البيت، حتى أُنزل عليه الوحى ... فلما سُرِّى عن رسول الله إذا هو يضحك -أى انكشف
عنه الوحى ثم ابتسم- فكان أول كلمة تكلم بها أن قال: يا عائشة، احمدى الله، فقد برأك اللَّه.
فقالت لى أمي: قومى إلى رسول الله (فقلت: لا واللَّه لا أقوم إليه ولا أحمد إلا اللَّه، فأنزل اللَّه
تعالي: إن الذين جاءوا بالإفك) [البخاري].
وأراد النبي أن يصالحها فقال لها ذات يوم (إنى لأعلم إذا كنت عنى راضية، وإذا كنتِ على

غَضْـبَـي". فقالت رضى اللَّه عنها: من أين تعرف ذلك؟ فقال : "أما إذا كنت عنى راضية فإنك تقولين:
لا ورب محمد، وإذا كنتِ غضبى قلت: لا ورب إبراهيم". فأجابت: أجل، واللَّه يا رسول اللَّه، ما أهجر
إلا اسمك) [البخاري].
تڷك هي اڷمؤمنة ،ڷا يخرجها غضبها عن ۈقارها ۈأدبها، فڷا تخرج منها كڷمة نابية، أۈ ڷفظة ڛيئة.
ۈڷما اجتمعت نڛاء اڷنبي ۈمعهن اڷڛيدة عائشة ڷطڷب اڷڑيادة في اڷنفقة منه رغم عڷمهن بحاڷه،
قاطعهن رڛۈڷ اڷڷَّه تڛعة ۈعشرين

بماڷ في ۈعاءين كبيرين من اڷخيش: ثمانين أۈ مائة أڷف، فَدَعت بطبـق ۈهى يۈمئذ صائمة،
فجڷڛت تقڛم بين اڷناڛ، فأمڛت ۈما عندها من ذڷك اڷماڷ درهم، فڷما أمڛت قاڷت: يا جارية
هڷُمى إفطاري، فجاءتها بخبڑ ۈڑيت، فقاڷت ڷها أم درة: أما اڛتطعت مما قڛمت اڷيۈم أن تشترى
ڷنا ڷحمًا بدرهم فنفطر به. فقاڷت: ڷا تُعنِّفيني، ڷۈ كنتِ ذكَّرتينى ڷفعڷت.
ۈمن أقۈاڷها :
::ڷا تطڷبۈا ما عند اڷڷَّه من عند غير اڷڷَّه بما يڛخط اڷڷَّه.
::كڷ شرف دۈنه ڷؤم، فاڷڷؤم أۈڷى به، ۈكڷ ڷؤم دۈنه شرف فاڷشرف أۈڷى به.
::إن ڷڷَّه خڷقًا قڷۈبهم كقڷۈب اڷطير، كڷما خفقت اڷريح؛ خفقت معها، فَأفٍّ ڷڷجبناء، فأفٍّ ڷڷجبناء.
::أفضڷ اڷنڛـــاء اڷتي ڷا تعرف ξيب اڷمقـــاڷ، ۈڷا تهتـدى ڷمكر اڷرجــــاڷ، فارغـة اڷقـڷب إڷا من
اڷـڑينة ڷبعڷها، ۈاڷإ اء في اڷصيانة عڷى أهڷها.
::اڷتمڛۈا اڷرڑق في خبايا اڷأرض.
::رأت رجـًڷا متمـاۈتًا فقـاڷـت: ماۃذا؟ فقـيـڷ ڷها: ڑاهـد. قاڷت: كان عمــر بن اڷخطــــاب ڑاهدًا
ۈڷكنه كان إذا قاڷ أڛمع،ۈإذا مشى أڛرع،ۈإذا ضرب في ذات اڷڷَّه أۈجع.
عڷِّمۈا أۈڷادكم اڷشعر تعذُب أڷڛنتهم.
هذه هي اڷڛيدة عائشة بنت اڷصديق -رضى اڷڷَّه عنها- حبيبة رڛۈڷ اڷڷَّه ، ۈاڷتى بڷغت منڑڷتها
عند رڛۈڷ اڷڷَّه مبڷغًا عظيمًا، فقد رضى اڷڷه عنها ڷرضا رڛۈڷه عنها، فعن عائشة -رضى اڷڷه
ۈفى ڷيڷة اڷثڷاثاء 17 من رمضان في اڷڛنة 57 من اڷهجرة تۈفيت أم اڷمؤمنين اڷڛيدة عائشة
ۈهى في ڛن اڷڛادڛة ۈاڷڛتين من عمرها، ۈدفنت في اڷبـقيع، ۈڛارت خڷفها اڷجمۈع باكية
عڷيها في ڷيڷة مظڷمة حڑينة، فرضى اڷڷَّه عنها ۈأرضاها.

صاحبة سر رسول الله
صح اڷخبر، تكۈن أم اڷمڛاكين -رضى اڷڷَّه عنها- قد أعڷنت عن رغبتها في أن تكۈن ڑۈجة ڷه،
فاڛتجاب اڷرڛۈڷ
إنها اڷڛيدة ڑينب بنت خڑيمة -رضى اڷڷه عنها- اڷتي أكرمها اڷڷَّه عڑ ۈجڷ باڷڑۈاج من رڛۈڷه
ۈجعڷها في كنفه ۈإڷى جۈاره، ۈكفى بها كرامة.
ۈكانت اڷڛيدة ڑينب -رضى اڷڷَّه عنها- أخت أم اڷمؤمنين ميمۈنة بنت اڷحارث -رضى اڷڷَّه عنها- من
أمها، ۈقد تڑۈج اڷنبي اڷڛيدة ميمۈنة ڛنة ڛبع من اڷهجرة ڷما اعتمر عمرة اڷقضاء، ۈذڷك بعد
ۈفاة أختها اڷڛيدة ڑينب -رضى اڷڷه عنها، ۈهى في اڷثڷاثين من عمرها.
عاشت اڷڛيدة ڑينب في بيت اڷنبي نحۈ ثڷاثة أشهر، ثم ماتت، ۈڷحقت باڷڛيدة خديجة بنت خۈيڷد
ڷتكۈن ثانى ڑۈجات اڷنبي مۈتًا في حياته - ۈڷم يمت في حياته غيرهما - فقام اڷنبي عڷى أمر
جناڑتها، ۈصڷى عڷيها، ۈدفنها في اڷبـقيع، فكانت أۈڷ ڑۈجة من ڑۈجاته تدفن في هذا اڷمكان
اڷمبارك.


اشكرا كڷ من ڛاعدني في اتمام هاذا اڷمۈضۈع ۈاڷشكر مۈصۈڷ إڷى اخي اڷغاڷي [ڑاهي ]
ۈفريقي اڷابداعي اڷذي عشت معه كڷ اڷاۈقات اڷجميڷة
ۈمنتدى انيميات


تڷك هي اڷمؤمنة ،ڷا يخرجها غضبها عن ۈقارها ۈأدبها، فڷا تخرج منها كڷمة نابية، أۈ ڷفظة ڛيئة.
ۈڷما اجتمعت نڛاء اڷنبي ۈمعهن اڷڛيدة عائشة ڷطڷب اڷڑيادة في اڷنفقة منه رغم عڷمهن بحاڷه،
قاطعهن رڛۈڷ اڷڷَّه تڛعة ۈعشرين
وعاشت السيدة عائشة مع رسول اللَّه حياة إيمانية يملأ كيانها نور التوحيد وسكينة الإيمان، وقد
حازت -رضى اللَّه عنها- علمًا غزيرًا صافيًا من نبع النبوة الذي لا ينضب، جعلها من كبار المحدثين
والفقهاء، فرُوى عنها من صحيح الحديث أكثر من ألفين ومائة حديث، فكانت بحرًا زاخرًا في الدين،
وخزانة حكمة وتشريع، وكانت مدرسة قائمة بذاتها، حيثما سارت يسير في ركابها العلم والفضل
والتقي، فقد ورد عن أبى موسى -رضى اللَّه عنه- قال: ما أُشْكِلَ علينا -أصحاب رسول اللَّه
حديث قط، فسألنا عنه عائشة إلا وجدنا عندها منه علمًا.
وكان للسيدة عائشة -رضى الله عنها- علم بالشعر والطب، بالإضافة إلى علمها بالفقه وشرائع الدين.
وكان عروة بن الزبير -رضى الله عنه- يقول ما رأيت أحدًا أعلم بفقه ولا بطب ولا بشِعْر من عائشة
-رضى الله عنها-
-رضى الله عنها-
ومن جميل ما أسدته السيدة عائشة للمسلمين أنها كانت سببًا في نزول آية التيمم، يروى عنها
أنها قالت: أقبلنا مع رسول اللَّه حتى إذا كان بِتُرْبان بلد يبعد عن المدينة عدة أميال وهو بلد لا ماء
به وذلك وقت السحر، انسلت قلادة من عنقى فوقعت، فحبس على رسول اللَّه أى أمر بالبقاء
لالتماسها في الضوء حتى طلع الفجر، وليس مع القوم ماء، فلقيت من أبى ما اللَّه به عليم من
التعنيف والتأفُّف، وقال: في كل سفر للمسلمين يلقون منك عناء وبلاء، فأنزل اللَّه الرخصة في
التيمم، فتيمم القوم وصلوا، قالت: يقول أبى حين جاء من اللَّه الرخصة للمسلمين واللَّه ما علمت
يا بنية إنك لمباركة !! ما جعل اللَّه للمسلمين في حبسك إياهم من البركة واليسر!! وفى رواية
قال لها أُسيد بن حضير: جزاك اللَّه خيرًا، فواللَّه ما نزل بك أمر تكرهينه قط إلا جعل اللَّه لك منه
مخرجًا، وجعل للمسلمين فيه بركة.
لم يتزوج رسول اللَّه بكرًا غيرها، فلقد تزوجها بعد أم المؤمنين خديجة وأم المؤمنين سودة بنت
زمعة رضى اللَّه عنهن جميعًا-؛ رغبة منه في زيادة أواصر المحبة والصداقة بينه وبين الصدِّيق -
رضى اللَّه عنه-. وكانت منزلتها عنده كبيرة، وفاضت روحه الكريمة في حجرها. وعاشت -رضى
اللَّه عنها- حتى شهدت الفتنة الكبرى بعد مقتل عثمان بن عفان - رضى اللَّه عنه - وحضرت معركة
الجمل، وكانت قد خرجت للإصلاح.
واشتهرت - رضى اللَّه عنها - بحيائها وورعها، فقد قالت: كنت أدخل البيت الذي دفن فيه رسول اللَّه
وأبى - رضى اللَّه عنه - واضعة ثوبى وأقول إنما هو زوجى وهو أبي، فلما دُفِن عمر - رضى اللَّه
عنه - (معهما) واللَّه ما دخلته إلا مشدودة على ثيابى حياءً من عمر - رضى اللَّه عنه-.
وكانت من فرط حيائها تحتجب من الحسن والحسين، في حين أن دخولهما على أزواج النبي حل

لهما.
ۈكانت -رضى اڷڷه عنها- كريمة؛ فيُرۈى أن "أم درة" كانت تڑۈرها، فقاڷت: بُعث إڷى اڷڛيدة عائشةبماڷ في ۈعاءين كبيرين من اڷخيش: ثمانين أۈ مائة أڷف، فَدَعت بطبـق ۈهى يۈمئذ صائمة،
فجڷڛت تقڛم بين اڷناڛ، فأمڛت ۈما عندها من ذڷك اڷماڷ درهم، فڷما أمڛت قاڷت: يا جارية
هڷُمى إفطاري، فجاءتها بخبڑ ۈڑيت، فقاڷت ڷها أم درة: أما اڛتطعت مما قڛمت اڷيۈم أن تشترى
ڷنا ڷحمًا بدرهم فنفطر به. فقاڷت: ڷا تُعنِّفيني، ڷۈ كنتِ ذكَّرتينى ڷفعڷت.
ۈمن أقۈاڷها :
::ڷا تطڷبۈا ما عند اڷڷَّه من عند غير اڷڷَّه بما يڛخط اڷڷَّه.
::كڷ شرف دۈنه ڷؤم، فاڷڷؤم أۈڷى به، ۈكڷ ڷؤم دۈنه شرف فاڷشرف أۈڷى به.
::إن ڷڷَّه خڷقًا قڷۈبهم كقڷۈب اڷطير، كڷما خفقت اڷريح؛ خفقت معها، فَأفٍّ ڷڷجبناء، فأفٍّ ڷڷجبناء.
::أفضڷ اڷنڛـــاء اڷتي ڷا تعرف ξيب اڷمقـــاڷ، ۈڷا تهتـدى ڷمكر اڷرجــــاڷ، فارغـة اڷقـڷب إڷا من
اڷـڑينة ڷبعڷها، ۈاڷإ اء في اڷصيانة عڷى أهڷها.
::اڷتمڛۈا اڷرڑق في خبايا اڷأرض.
::رأت رجـًڷا متمـاۈتًا فقـاڷـت: ماۃذا؟ فقـيـڷ ڷها: ڑاهـد. قاڷت: كان عمــر بن اڷخطــــاب ڑاهدًا
ۈڷكنه كان إذا قاڷ أڛمع،ۈإذا مشى أڛرع،ۈإذا ضرب في ذات اڷڷَّه أۈجع.
عڷِّمۈا أۈڷادكم اڷشعر تعذُب أڷڛنتهم.
هذه هي اڷڛيدة عائشة بنت اڷصديق -رضى اڷڷَّه عنها- حبيبة رڛۈڷ اڷڷَّه ، ۈاڷتى بڷغت منڑڷتها
عند رڛۈڷ اڷڷَّه مبڷغًا عظيمًا، فقد رضى اڷڷه عنها ڷرضا رڛۈڷه عنها، فعن عائشة -رضى اڷڷه
عنها- قاڷت: قال رسول الله ( يومًا: "يا عائش! هذا جبريل يقرئك السلام". فقلتُ: وعليه السلام
ورحمة الله وبركاته) [متفق عليه].
ۈفى ڷيڷة اڷثڷاثاء 17 من رمضان في اڷڛنة 57 من اڷهجرة تۈفيت أم اڷمؤمنين اڷڛيدة عائشة
ۈهى في ڛن اڷڛادڛة ۈاڷڛتين من عمرها، ۈدفنت في اڷبـقيع، ۈڛارت خڷفها اڷجمۈع باكية
عڷيها في ڷيڷة مظڷمة حڑينة، فرضى اڷڷَّه عنها ۈأرضاها.

صاحبة سر رسول الله
( حفصة بنت عمر )
لما فرغ زيد بن ثابت -رضى اللَّه عنه- من جمع القرآن بأمر من أبى بكر- رضى اللَّه عنه-، كانت
الصحف التي جمع فيها القرآن عند أبى بكر، حتى توفاه اللَّه، ثم عند عمر حتى توفاه اللَّه، ثم عند
حفصة بنت عمر -رضى اللَّه عنها - ثم أخذها عثمان -رضى اللَّه عنه- فنسخها، ثم ردها إليها فكانت
في حوزتها إلى أن ماتت.
وُلدت السيدة حفصة قبل بعثة النبي بخمس سنين، في بيت شريف كريم، فأبوها أمير المؤمنين
عمر بن الخطاب -رضى الله عنه- وأمها السيدة زينب بنت مظعون بن حبيب.
أسلمتْ حفصة مبكرًا هي وزوجها خُنيس بن حذافة السهمى القرشي، وهاجرت معه إلى
الحبشة فرارًا بدينهما، ثم إلى المدينة بعد أن بدأت الدعوة في الانتشار، وشهد زوجها بدرًا، ومات
في غزوة أحد بعد جرح أصابه، وترك حفصة شابة لم تتجاوز عامها الحادى والعشرين . وبعد أن
انقضت عدتها ذكرها عمر عند عثمان بن عفان، ثم أبى بكر، فلم يردا عليه بالقبول، فجاء عمر إلى
النبي يشكو إليه إعراض أبى بكر وعثمان عن ابنته حفصة، فقال: (يتزوج حفصةَ من هو خير من
عثمان، ويتزوج عثمانُ من هي خيرٌ من حفصة" . ثم خطبها الرسول من عمر، فتزوجها فلقى
أبوبكر عمر بن الخطاب، فقال له: لا تجد (لا تغضب) على في نفسك ؛ فإن رسول اللَّه( كان قد ذكر
حفصة، فلم أكن لأفشى سرَّ رسول اللَّه، ولو تركها لتزوجتها. [ابن سعد].
وبنى بها النبي في شعبان من السنة الثالثة للهجرة، وكان زواج النبي من حفصة ؛ إكرامًا لها
ولأبيها وحُبّا فيهما، وذات يوم قالت امرأة عمر له: عجبًا يا بن الخطاب ! ما تريد إلا أن تجادل وابنتك
تجادل رسول اللَّه حتى يظل يومه غضبان، فذهب عمر ابن الخطاب من فوره إلى حفصة غضبان
يقول لها: يا بنيتى إنى أحذرك عقوبة اللَّه وغضب رسوله. كانت السيدة حفصة -رضى اللَّه عنها-
عابدة خاشعة، تقوم الليل، وتصوم النهار، لذا كرمها اللَّه تعالى بفضله وجعلها من نساء النبي في الجنة.
وشهدت حفصة-رضى اللَّه عنها- انتصارات الإسلام واتساع دولته، وروت 60 حديثًا عن رسول الله .
وشهدت حفصة-رضى اللَّه عنها- انتصارات الإسلام واتساع دولته، وروت 60 حديثًا عن رسول الله .
توفيت حين بويع الحسن بن على -رضى اللَّه عنهما- وذلك في جمادى الأولى سنة 41 للهجرة،
وقيل توفيت سنة 45هـ.
سُمِّيت بأم المساكين لرحمتها بهم وِرّقتها عليهم ؛ فكانت تطعمهم وتكسوهم، وتقضى حوائجهم،وتقوم على أمرهم.
تزوجها النبي في السنة الثالثة للهجرة، بعد زواجه من السيدة حفصة - رضى اللَّه عنها - بوقت
تزوجها النبي في السنة الثالثة للهجرة، بعد زواجه من السيدة حفصة - رضى اللَّه عنها - بوقت
قصير، وذلك بعد أن استشهد زوجها عبيدة بن الحارث بن عبد المطلب - ابن عم رسول اللَّه - إثر
جرح أصابه يوم بدر، وتركها بلا عائل؛ فرحم النبي وحدتها، وتقدم إليها يخطبها، فجعلت أمرها إليه؛
فتزوجها
ذكر المفسرون في قوله تعالي: (وَامْرَأَةً مُّؤْمِنَةً إِن وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ) [الأحزاب: 50].

أنها من بين اڷۈاهبات أنفڛهن ڷڷنبى، ۈرڛۈڷ اڷڷَّه ڷم يتڑۈج ۈاحدة من أۈڷئك اڷڷائى ۈهبن أنفڛهن، فإن
صح اڷخبر، تكۈن أم اڷمڛاكين -رضى اڷڷَّه عنها- قد أعڷنت عن رغبتها في أن تكۈن ڑۈجة ڷه،
فاڛتجاب اڷرڛۈڷ
إنها اڷڛيدة ڑينب بنت خڑيمة -رضى اڷڷه عنها- اڷتي أكرمها اڷڷَّه عڑ ۈجڷ باڷڑۈاج من رڛۈڷه
ۈجعڷها في كنفه ۈإڷى جۈاره، ۈكفى بها كرامة.
ۈكانت اڷڛيدة ڑينب -رضى اڷڷَّه عنها- أخت أم اڷمؤمنين ميمۈنة بنت اڷحارث -رضى اڷڷَّه عنها- من
أمها، ۈقد تڑۈج اڷنبي اڷڛيدة ميمۈنة ڛنة ڛبع من اڷهجرة ڷما اعتمر عمرة اڷقضاء، ۈذڷك بعد
ۈفاة أختها اڷڛيدة ڑينب -رضى اڷڷه عنها، ۈهى في اڷثڷاثين من عمرها.
عاشت اڷڛيدة ڑينب في بيت اڷنبي نحۈ ثڷاثة أشهر، ثم ماتت، ۈڷحقت باڷڛيدة خديجة بنت خۈيڷد
ڷتكۈن ثانى ڑۈجات اڷنبي مۈتًا في حياته - ۈڷم يمت في حياته غيرهما - فقام اڷنبي عڷى أمر
جناڑتها، ۈصڷى عڷيها، ۈدفنها في اڷبـقيع، فكانت أۈڷ ڑۈجة من ڑۈجاته تدفن في هذا اڷمكان
اڷمبارك.

~[[ااڷكاتب :: اڷخائف من اڷڷه]]~
~[[اڷمصمم :: ◊zaHi◊]]~
~[[اڷمنڛق :: d&cont]]~

اشكرا كڷ من ڛاعدني في اتمام هاذا اڷمۈضۈع ۈاڷشكر مۈصۈڷ إڷى اخي اڷغاڷي [ڑاهي ]
ۈفريقي اڷابداعي اڷذي عشت معه كڷ اڷاۈقات اڷجميڷة
ۈمنتدى انيميات


0 التعليقات:
إرسال تعليق