{{♥♥::♥♥::حملة اهلا رمضان تقدم لكم ♥♥:: مجالس رمضان ♥♥::♥♥:: الجزء الثالث }}






أهلا بكم إداريين ومشرفين وأعضاء
..
هذا المنتدى العريق
..
يشرفني ويشرف حملة
..
أهلا رمضان
..
ان نقدم لكم الجزء الثالث من مجالس
..
رمضان
..
هذه المجالس لفضيلة الشيخ /
..
محمد بن صالح العثيمين
رحمه الله
..
هذه المجالس تستوعب كثيراً
..
من أحكام الصيام والقيام والذكاة ...الخ
..
وسوف نستكمل ما بدأناه فى الجزئين السابقين
..
ونتكلم اليوم عن :
..
النوع الثانى من تلاوة القران الكريم
..
وعن أداب قراءة القران
..
وعن مفطرات الصوم
..

ولمن يريد أن يتابع هذه المجالس
..
إليك الجزئين السابقين
..

.. :: الجزء الاول :: ..
..
.. :: الجزء الثانى :: ..
..

.. :: بنر الموضوع :: ..













..
الحمدُ لله معطي الجزيلَ لمنْ أطاعه ورَجَاه
..
وشديد العقاب لمن أعرضَ عن ذكره وعصاه
..
اجْتَبَى من شاء بفضلِهِ فقرَّبَه وأدْناه
..
وأبْعَدَ مَنْ شاء بعَدْلِه فولاَّه ما تَولاَّه
..
أنْزَل القرآنَ رحمةً للعالمين ومَنَاراً
..
للسالِكين فمنْ تمسَّك به نال منَاه
..
ومنْ تعدّى حدوده وأضاع حقُوقَه خسِر دينَه ودنياه
..
أحْمدُه على ما تفضَّل به من الإِحسانِ وأعطاه
..
وأشْكره على نِعمهِ الدينيةِ والدنيويةِ
..
وما أجْدَرَ الشاكرَ بالمزيدِ
وأوْلاه
..
وأشهد أنْ لا إِله إلاَّ الله وحده لا شريك له
..
الكاملُ في صفاتِهِ المتعالي عن النُّظَراءِ
والأشْباه
..
وأشهد أنَّ محمداً عبدُه ورسولُه الَّذِي اختاره على البشر
..
واصْطفاه صلَّى الله عليه
وعلى آلِهِ وأصحابه والتابعينَ لهم
..
بإِحسانٍ ما انْشقَّ الصبحُ وأشْرقَ ضِياه وسلَّم تسليماً
..

..
.. :: أمــا بـــ ع ـــد :: ..
..













إخواني:

سبق في المَجْلِس الرابع أنَّ تِلاوةَ القرآنِ على نوعين
تلاوةِ لفظِهِ وهي قراءته وتقدَّم

الكلامُ عليها هُناكَ.

والنوعُ الثاني تلاوةُ حُكمِه بتصديقِ أخبارِهِ
واتَّباعِ أحكامِهِ، فعْلاً للمأموراتِ وتركاً للْمنهِيَّات.

وهذا النَّوعُ هو الغايةُ الْكُبرَى من إنزال القرآن
كما قال تعالى: في النوع الثاني من
تلاوة القرآن
{
كِتَـبٌ
أَنزَلْنَـهُ إِلَيْكَ مُبَـرَكٌ لِّيَدَّبَّرُواْ ءَايَـتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُوْلُو الاَْلْبَـبِ }
[ص: 29].


ولهذا دَرَجَ السلف الصالحُ رضي الله عنهم
على ذلك يتعلَّمون القرآن ويصدِّقون بِهِ ويُطبقون أحْكامَه

تطبيقاً إيْجابيَّاً عن عقيدةٍ راسخةٍ ويقين صادق
قال أبو عبدالرحمنِ السُّلميُّ رحمه الله:
حدَّثَنا الذين
كانوا يُقرِؤوننا القرآن
عثمان بنُ عفانَ وعبدُالله بنُ مسعودٍ وغيرهما
أنَّهم كانَوا إذا تعلَّمُوا منَ النبيِّ
صلى الله عليه وسلّم عَشرَ آياتٍ
لم يتجاوزوها حتى يتعلَّموها وما فِيها من الْعلْم والْعَمَل قالوا:

فَتعلَّمنَا القرآنَ والعلمَ والعملَ جميعاً
وهذا النوعُ من التلاوة هو الَّذِي عليه مَدار السعادةِ والشقاوةِ

قال الله تعالى:
{فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّى هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَاىَ فَلاَ يَضِلُّ
وَلاَ يَشْقَى فَلاَ يَضِلُّ وَلاَ يَشْقَى * وَمَنْ أَعْرَضَ عَن

ذِكْرِى فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيـمَةِ أَعْمَى *
قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِى أَعْمَى وَقَدْ كُنتُ
بَصِيراً * قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَـتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذلِكَ الْيَوْمَ تُنْسَى *
وَكَذلِكَ نَجْزِى مَنْ أَسْرَفَ وَلَمْ يُؤْمِن بِـَايَـتِ
رَبِّهِ وَلَعَذَابُ الاَْخِرَةِ أَشَدُّ وَأَبْقَى }
[طه: 123 127]


فَبيَّن الله في هذه الآيات الكريمةِ
ثوابَ المتَّبِعينَ لِهُدَاه الَّذِي أوْحاه إلى رسُلِهِ
وأَعْظَمُه هذا القرآنُ العظيمُ
وبيَّنَ عقابَ المُعْرضين عنه
أمَّا ثوابُ المتَّبعين له فلا يَضلِّونَ ولا يَشقَونَ
ونفْيُ الضلالِ والشقاءِ عنهم يتضمَّن كمالَ الهدايةِ والسعادةِ
في الدُّنيا والآخرةِ وأما عقاب المعرضين عنه المتكبِّرين
عن العمل به فهو الشقاء والضلال
في الدنيا والآخرة فإنَّ له معيشةً ضنْكاً
فهو في دُنياه في هَمٍّ وقَلقِ نَفْس ليس له
عقيدةٌ صحيحةٌ، ولا عملٌ صالحٌ:
{أُوْلَـئِكَ كَالأَنْعَـمِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُوْلَـئِكَ هُمُ الْغَـفِلُونَ
كَالأَنْعَـمِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُوْلَـئِكَ هُمُ الْغَـفِلُونَ
}
[الأعراف: 179].


وهُو في قبرِه في ضيْقٍ وضَنكٍ
قد ضُيِّق عليه قبرُه حتى تختلف أضْلاعُه
وهُو في حَشْره أعْمَى لا يُبصرُ
{
وَنَحْشُرُهُمْ يَوْمَ الْقِيَـمَةِ عَلَى وُجُوهِهِمْ عُمْيًا وَبُكْمًا وَصُمًّا
مَّأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ كُلَّمَا خَبَتْ زِدْنَاهُمْ سَعِيرًا
}
[الإِسراء: 97].


فَهمْ لمَّا عَمُوا في الدُّنيا عن رُؤْيَةِ الحقِّ
وصَمُّوا عن سَماعِه وأمْسكُوا عن النطق به
{
وَقَالُواْ قُلُوبُنَا فِى أَكِنَّةٍ مِمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ
وَفِى ءَاذانِنَا وَقْرٌ وَمِن بَيْنِنَا وَبَيْنِكَ حِجَابٌ فَاعْمَلْ إِنَّنَا عَـمِلُونَ
}
[فصلت: 5]


جازَاهُمُ الله في الآخرةِ بمثلِ ما كانوا عليه في الدُّنيا
وأضَاعهم كما أضَاعوا شَريعتَه
{
قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِى أَعْمَى وَقَدْ كُنتُ بَصِيراً أَعْمَى وَقَدْ كُنتُ بَصِيراً
قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَـتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذلِكَ الْيَوْمَ تُنْسَى
}
[طه: 125، 126]


{جَزَآءً وِفَـقاً }
[النبأ: 26]


{وَمَن جَآءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلاَ يُجْزَى الَّذِينَ عَمِلُواْ السَّيِّئَاتِ
إِلاَّ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ الَّذِينَ عَمِلُواْ السَّيِّئَاتِ إِلاَّ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ
}
[القصص: 84].


وفي صحيح البخاريِّ: عن سَمُرةَ بن جنْدُب رضي الله عنه
أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلّم كان إذا صلَّى صلاةً
وفي لفظٍ: صلاةَ الْغَداةِ أقْبلَ علينا بوَجْههِ فقال:

«مَنْ رأى منكم الليلةَ رُؤْيا؟
قال: فإنْ رأى أحدٌ قَصَّها، فيقولُ: ما شاء الله، فسألنا يوماً
فقال: هل رأى أحد منكم رؤيا؟ قلنا: لا.
قال: لَكنِّي رأيْتُ الليلةَ رجُلين أتَيانِي
(فساق
الحديث وفيه)
فانْطلقْنَا حتى أتيْنَا على مضْطَجِعٍ
وإذا آخَرُ قائمٌ عليه بصَخْرةٍ وإذا هُوَ
يَهْوي بالصَّخْرَةِ لِرَأْسِه فَيثْلغ رأسَه فَيَتدهْدَهُ
الْحجرُ ههنا فَيتْبعُ الحجرَ فيأخذه فلا يَرجعُ
إلى الرَّجُلِ حتى يصِحَّ رأسُه كَمَا كان
ثم يعودُ عليه فيفعلُ به مثل ما فعل به المرَّة
الأولى، فقلتُ: سبحانَ الله! ما هذا؟
فقالاَ لي انْطلِق
(فذكر الحديث وفيه) أمَّا الرجلُ
الذي أتيت عليه يُثْلَغُ رأسُه بالحجرِ فهو الرجلُ
يأخُذُ القرآنَ فَيَرْفُضُهُ وينامُ عن الصلاةِ المكتوبةِ
».


وعن ابن عباس رضي الله عنهما
أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلّم خطبَ الناسَ في
حجَّةِ الوَداع فقال:

«
إنَّ الشيطانَ قد يَئِسَ أن يُعْبَدَ في أرضِكُم ولكنْ رَضِيَ أن يُطاع
فيما سوى ذلك ممَّا تَحاقرُون من أعمالكم فاحذروا
إني تَركتُ فيكم ما إن تَمسَّكْتُم به
فَلَنْ تضلوا أبداً كتابَ الله وسُنةَ نبيِّه
»،
رواه الحاكم وقال: صحيح الإِسناد.


وعن عَمرو بن شعيبٍ عن أبيه عن جدِّه قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم:

«يُمثَّل القرآنُ يوم القيامةِ رجلاً فيُؤْتى بالرجلِ
قد حَملهُ فخالفَ أمْرَه فيُمثَّلُ له خَصْماً
فيقولُ: يا ربِّ حمَّلْته إيَّاي فبئسَ الحاملُ، تَعدَّى حُدودي
وضيَّع فرائِضِي، وركب مَعْصِيتَي، وترَكَ طَاعتِي
فما يَزَالَ يُقذِف عليه بالحُجَجِ حتى يقالَ: شأنَكَ بِهِ، فيأخُذُه
بيده فما يُرْسلُه حتى يُكِبَّه على مِنْخَره في النار
».


وفي صحيح مسلم عن أبي مالك الأشعري رضي الله عنه
أن النبي صلى الله عليه وسلّم قال:
«القرآنُ حُجَّةٌ لك أو عليك». وقال ابن مسعودٍ رضي الله عنه:
القرآنُ شافعٌ مُشفَّعٌ فمَن جَعلَه أمَامَهُ قادهُ إلى الجنةِ
ومن جعله خلفَ ظهرهِ ساقَه إلى النار.



فيَا مَنْ كان القرآنُ خَصْمَه
كيفَ ترجو مِمَّنْ جعلْتَه خصْمَكَ الشفاعَةَ؟
ويْلٌ لمن شفعاؤه خُصماؤه يومَ تربحُ البضَاعة.


عبادَ الله:

هذا كتابُ الله يُتْلى بَيْن أيْديكم ويُسْمَع
وهو القرآنُ الَّذي لو أُنزِلَ على جبلٍ
لَرأيْتَه خاشِعاً يَتَصَدَّع، ومع هذا فلا أُذُنٌ تسمع، ولا عينٌ تدْمع
ولا قلبٌ يخشع، ولا امتثالٌ للقرآنِ فيُرجَى به أنْ يَشْفع
قلوبٌ خَلتْ من التَّقْوى فهي خَرَابٌ بَلْقَع، وتَرَاكمتْ
عليها ظُلْمةُ الذنوب فهي لا تُبْصِرُ ولا تَسْمع
كم تُتْلى علينا آيَاتُ القرآنِ وقُلوبُنا
كالحجارةِ أو أشد قَسْوة، وكم يتوالى علينا شهرُ رمضانَ
وحالُنا فيه كحالِ أهلِ الشَّقْوة
لا الشَّابُّ منا يَنِتَهي عن الصَّبوة، ولا الشيخُ ينْتَهي عن القبيح
فيَلْحقُ بأهلِ الصَّفوَة
أينَ نحنَ من قومٍ إذا سمِعُوا داعيَ الله أجابُوا الدَّعْوة
وإذا تُليتَ عليهم آياتُه وَجلَتْ
قُلوبُهم وجَلتْهَا جَلْوَة، أولئك قومٌ أنْعَمَ الله علَيْهم
فعرفُوا حقَّه فاختارُوا الصَّفوة.













إخواني:


إنَّ هذا القرآنَ الَّذِي بَيْنَ أيْدِيكم تتْلُونه
وتسمعونَه وتحفَظُونه وتكتُبونَه هو كلامُ
ربِّكُمْ ربِّ الْعَالِمِين، وإِله الأوَّلِين والآخِرِين
وهو حبْلُه المتينُ وصراطُهُ المستقيم
وهو الذِّكْرُ المبارَكُ والنورُ المبين
تَكلَّمَ الله به حقيقةً على الوصفِ الَّذِي يَلِيْقُ

في آداب قراءة القرآن بجلالِهِ
وعظَمتِه
وألْقَاه على جبريل الأمينِ أحَدِ الملائكةِ الكرام المقَرَّبين
فنزلَ به على قلبِ محمدٍ صلى الله عليه وسلّم
ليكون من المُنْذرِين بلسانٍ عربيٍّ مبينِ، وَصَفَهُ الله
بأوصافٍ عظيمةٍ لِتُعظِّمُوه وتحترمُوه فقال تعالى:

{شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِى أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ
وَبَيِّنَـتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَن شَهِدَ
مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَن كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ
مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ
الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُواْ الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُواْ اللَّ
هَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ
تَشْكُرُونَ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ
فَلْيَصُمْهُ وَمَن كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى
سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ
الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُواْ الْعِدَّةَ
وَلِتُكَبِّرُواْ اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ
}
[البقرة: 185]


{
ذَلِكَ نَتْلُوهُ عَلَيْكَ مِنَ الآيَـتِ وَالذِّكْرِ الْحَكِيمِ }
[آل عمران: 58]



{يَـأَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَآءَكُمْ بُرْهَانٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَأَنزَلْنَآ إِلَيْكُمْ نُوراً مُّبِيناً }
[النساء: 174]



{قَدْ جَآءَكُمْ مِّنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَـبٌ مُّبِينٌ نُورٌ وَكِتَـبٌ مُّبِينٌ
يَهْدِى بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ
سُبُلَ السَّلَـمِ وَيُخْرِجُهُمْ مِّنِ الظُّلُمَـتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ
وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَطٍ مُّسْتَقِيمٍ
السَّلَـمِ وَيُخْرِجُهُمْ مِّنِ الظُّلُمَـتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ
وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَطٍ مُّسْتَقِيمٍ
}
[المائدة: 15، 16]



{وَمَا كَانَ هَـذَا الْقُرْءَانُ أَن يُفْتَرَى مِن دُونِ اللَّهِ وَلَـكِن
تَصْدِيقَ الَّذِى بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ
الْكِتَابِ لاَ رَيْبَ فِيهِ مِن رَّبِّ الْعَـلَمِينَ
}
[يونس: 37]



{يَأَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَآءَتْكُمْ مَّوْعِظَةٌ مَّن رَّبِّكُمْ
وَشِفَآءٌ لِّمَا فِى الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ
}
[يونس: 57]



{كِتَابٌ أُحْكِمَتْ ءايَـتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِن لَّدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ }
[هود: 1]


فهذه الأوصافُ العظيمةُ الكثيرةُ التي نقَلْناها
وغيرُها مِمَّا لم نَنْقُله تدُل كلُّها على
عَظَمةِ هذا القرآنِ ووجوبِ تعظيمِه
والتَّأدُّبِ عند تلاوتِه والبعدِ حال قراءتِه عن الهُزءِ واللَّعِب.

فمِنْ آداب التِّلاوَةِ إخْلاصُ النيِّةِ لله تعالى فيها
لأنَّ تِلاَوَةَ القرآنِ من العباداتِ الجَليلةِ
كما سبقَ بَيَانُ فضلها
وقد قال الله تعالى
{
فَادْعُواْ اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ وَلَوْ كَرِهَ الْكَـفِرُونَ }
[غافر: 14


وقال:
{فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصاً لَّهُ الدِّينِ }
[الزمر: 2].


وقال تعالى:
{
وَمَآ أُمِرُواْ إِلاَّ لِيَعْبُدُواْ اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ
حُنَفَآءَ وَيُقِيمُواْ الصَّلَوةَ وَيُؤْتُواْ
الزَّكَوةَ وَذَلِكَ دِينُ القَيِّمَةِ
}
[البينة: 5]


وقال النبيُّ صلى الله عليه وسلّم:
«
اقْرَؤُوا القرآنَ وابْتغُوا به وجهَ الله عزَّ وجلَّ مِن
قبلِ أن يأتيَ قومٌ يقيمونه إقامة القدح يتعجلونه ولا يتأجلونه
»
رواه أحمد. ومعنى يتعجَّلونه يَطْلبون به أجْرَ الدُّنيا.










أنْ يقرأ بقلْبٍ حاضرٍ يتدبَّرُ ما يقْرَأ ويتفهَّمُ معانِيَهُ
ويَخْشعُ عند ذلك قَلْبُه ويَسْتحضر بأنَّ
الله يخاطِبُه فيه هذا القرآن لأنَّ القُرْآنَ كلامُ الله عزَّ وجَلَّ.










أنْ يَقْرَأ على طهارةٍ لأن هذا من تعظيم كلامِ الله عزَّ وجل
ولا يَقْرأ الْقُرآنَ وهو جُنُبٌ حَتَّى يَغْتَسِلَ إِنْ قدِر على الماءِ
أو يَتيمَّم إنْ كان عاجزاً عن استعمال الماء لمرضٍ أوْ عَدَم
ولِلْجُنُبِ أن يذْكُرَ الله ويَدْعُوَهُ بِما يُوَافقُ الْقُرْآنَ إذا لم يقصدِ القرآنَ
مِثْلُ أن يقولَ:
لا إِله إِلاَّ أنتَ سبحانَكَ إني كنتُ من الظالمين
أوْ يقولَ:
ربنا لا تُزغْ قُلوبَنا بعد إذْ هَدَيتْنَا
وهَبْ لَنَا من لَدُنْكَ رحمةً إنك أنتَ الوَهَّاب









أنْ لا يقرأ القرآنَ في الأماكِنِ المسْتَقْذَرة
أو في مجمعٍ لا يُنْصَتُ فيه لقراءتِه لأن قراءَتَه
في مثل ذلكَ إهانةٌ له
ولا يجوز أن يقرأ القرآن في بْيتِ الخلاءِ ونحوه مما أُعِدَّ للتَّبَوُّلِ
أو التَّغَوُّطِ لأنه لا يَلِيْقُ بالقرآنِ الكريمِ.









أن يستعيذَ باللهِ من الشيطانِ الرجيمِ عندَ إرادةِ القراءة
لقوله تعالى:
{
فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْءَانَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَـنِ الرَّجِيمِ }
[النحل: 98]


ولئلاَّ يَصُدَّه الشيطانُ عن القراءةِ أوْ كمالِها
وأمَّا الْبَسْمَلةُ فإنْ كان ابتداءُ قِرَاءتِه منْ أثْنَاءِ
السُّوْرَةِ فلا يُبَسْمِلُ، وإنْ كانَ من أوَّلِ السورةِ فَلْيُبَسْمِلْ
إلا في سورةِ التَّوْبةِ فإنَّه ليس في أوَّلها بَسْملةٌ
لأنَّ الصحابةَ رضي الله عنهم أشْكَلَ عليهم حينَ كتابةِ المِصْحفِ
هل هي سورةٌ مُسْتَقِلَّةٌ أو بقيَّةُ الأنْفال ففَصَلُوا بينهما بدونِ بَسْمَلةٍ
وهذا الاجتهاد هو المطابق للواقع بلا رَيْبٍ إذْ لو كانت البَسْمَلة
قد نزلت في أولها لَبَقِيَتْ محفوظة بحفظ
الله عزَّ وجل لقوله تعالى:
{
إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَـفِظُونَ نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَـفِظُونَ }
[الحجر: 9].










أن يُحَسَّنَ صوتَه بالقُرآنِ ويترَّنَّمَ به
لمَا في الصحيحين من حديثِ أبي هريرةَ رضي الله
عنه أنَّ النبي صلى الله عليه وسلّم قال:

«
ما أذِنَ الله لِشَيْء (أي ما اسْتَمَع لشيءٍ)
كما أذِنَ لنَبِيٍّ حَسنِ الصوتِ يَتغنَّى بالقرآنِ يَجْهرُ به
».


وفيهما عن جبيرِ بن مُطْعمٍ رضي الله عنه قال:
سمعتُ النبيَّ صلى الله عليه وسلّم
يقرأُ في المَغربِ بالطُّورِ فما سمعتُ أحداً أحسنَ صوتاً
أو قراءةً منه صلى الله عليه وسلّم
لكِنْ إنْ كان حوْلَ القارأ أحدٌ يتأذَّى بِجهْرهِ في قراءتِه
كالنائم والمصِّلي ونحوهما فإنَّه لا يجْهرُ جهْراً يشَوِّشُ عليه
أو يؤذيه، لأنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلّم خَرجَ على
الناسِ وهُمْ يُصَلُّون ويجهرون بالقراءةِ
فقال النبي صلى الله عليه وسلّم:

«
إن المُصَلّي يناجي ربه فلينظر بما يناجيه به
ولا يجهرْ بعضُكم على بعضٍ في القرآن
»
رواه مالك في المُوَطَّأ. وقال ابن عبدالبر: وهو حديث صحيح.










أنْ يُرتِّلَ القرآنَ ترتيلاً لقوله تعالى:

{
وَرَتِّلِ الْقُرْءَانَ تَرْتِيلاً }
[المزمل: 4]


فيقْرأهُ بتَمهُّلٍ بدونِ سُرعةٍ لأنَّ ذلك أعْوَنُ على تدَبُّر معانِيه
وتقويمِ حروفِه وألْفاظِه.
وفي صحيح البخاريِّ عن أنس بن مالِك رضي الله عنه
أنه سُئِل عن قراءة النبي صلى الله عليه وسلّم
فقال: كانتْ مَدَّاً ثم قرأ بسم الله الرحمن الرحيم يمدُّ بسم الله
ويَمدُّ الرحمن ويمدُّ الرحيم
وسُئِلتْ أمُّ سَلَمَةَ رضي الله عنها عنها عن قراءةِ النبي صلى
الله عليه وسلّم فقالت:
كان يُقَطِّعُ قراءتَه آيَةً آيةً، بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَـنِ الرَّحِيمِ * الْحَمْدُ
للَّهِ رَبِّ الْعَـلَمِينَ * الرَّحْمَـنِ الرَّحِيمِ الرَّحِيمِ * مَـلِكِ يَوْمِ الدِّينِ الدِّينِ ،
رواه أحمدُ وأبوداود والترمذي
وقال ابن مسعود رضي الله عنه:
لا تَنْثُروُه نثْرَ الرَّملِ ولا تهذُّوه هَذَّ
الشِّعْرِ، قِفُوْا عند عجائِبِه وحَرِّكُوا بهِ القلوبَ
ولا يكنْ هَمُّ أحَدِكم آخِرَ السورةِ. ولا بأْسَ
بالسرعةِ الَّتِي ليس فيها إخْلالٌ باللفظِ بإسْقاط بعضِ الحروفِ
أوْ إدغام ما لا يصح
إدْغامُه. فإنْ كان فيها إخلالٌ باللفظِ فهي حرَامٌ لأنها تغييرٌ للقرآنِ.









أنْ يسجدَ إذا مرَّ بآيةِ سَجْدةٍ وهو على وضوءٍ
في أيِّ وقتٍ كان مِنْ ليلٍ أوْ نهارٍ، فيُكبِّرُ
للسجودِ ويقولُ: سبحان ربِّي الأعلى، ويدْعُو، ثم يرفعُ
مِنَ السجودِ بدونِ تكبير ولا سلامٍ
لأنَّه لم يردْ عن النبيِّ صلى الله عليه وسلّم إلاَّ أنْ
يكونَ السجودُ في أثْناءِ
الصلاةِ فإنه يكَبِّر إذا سَجَد وإذا قام
لحديث أبي هريرة رضي الله عنه أنَّه كان يُكبِّر في
الصلاةِ كُلَّما خَفَضَ وَرفَعَ ويُحَدِّثُ أنَّ النبي صلى الله عليه وسلّم
كان يَفْعَلُ ذَلِك، رواه مسلم.
وعن ابن مسعودٍ رضي الله عنه قال:
رأيتُ النبيَّ صلى الله عليه وسلّم يُكبِّر في كلِّ
رَفعٍ وخَفْضٍ وقيامٍ وقعودٍ،
رواه أحمد والنسائي والترمذي وصححه.
وهذا يعُمُّ سجودَ
الصلاةِ وسجودَ التلاوةِ في الصلاةِ.



هذه بعض آدابِ القراءةِ، فتأدَّبُوا بِها
واحرِصوا عليها وابتغُوا بها من فضلِ الله











إخواني:

قال الله تعالى:
{
فألن بَـشِرُوهُنَّ وَابْتَغُواْ مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَكُلُواْ وَاشْرَبُواْ حَتَّى
يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ
مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّواْ الصِّيَامَ إِلَى الَّيْلِ وَلاَ
تُبَـشِرُوهُنَّ وَأَنتُمْ عَـكِفُونَ فِي الْمَسَـجِدِ تِلْكَ
حُدُودُ اللَّهِ فَلاَ تَقْرَبُوهَا كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ آيَاتِهِ
لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ
}
[البقرة: 187].


والمُفَطِّرَاتُ سبعةُ أنْواع:
الأول: الجماعُ وهو أعْظَمُها وأكْبَرُها إثماً.
فمَتَى جامع الصائمُ بطَل بصومُه فَرْضاً كان أوْ نَفْلاً
ثم إنْ كان في نهارِ رمضانَ والصومُ
واجبٌ عليه لَزِمه مع القضاءِ الكفارةُ المغلَّظةُ
وهي عتقُ رقبةٍ مؤمنةٍ فإنْ لم يَجدْ
فصيام شهرينِ متتابعين لا يُفْطرِ بينهما
إلاَّ لعُذْرٍ شرعيٍّ كأيَّام العيدين والتشريقِ أو
لعُذْرٍ حسِّيٍّ كالمَرضِ والسفر لغيرِ قصدِ الْفِطْر
فإنْ أفطَرَ لغيرِ عذرٍ ولو يوماً واحداً لزمه
استِئْنافُ الصيامِ مِنْ جديدٍ ليحصلَ التتابُع
فإن لَم يستطعْ صيامَ شهرينِ متتابعين
فإطعامُ ستِّين مسكيناً لِكُلِّ
مسكينٍ نِصفُ كيلو وعَشرةُ غراماتٍ
من الْبُرِّ الجيِّد، وفي صحيح مسلم أن رجلاً وقع بامرأتِهِ
في رمضانَ فاستَفْتَى النبيَّ صلى الله عليه وسلّم
عن ذلك فقال:

«هَلْ تجدُ رقبةً؟ قال: لا.
قال: هل تستطيعُ صيامَ شهرين؟

(يعني متتابعين كما في الروايات الأخْرَى)

قال: لا. قال: فأطْعِمْ ستين مِسْكيناً
».
وهو في الصحيحين مطولاً.


الثاني: إنزالُ المنيِّ باختياره بتقبيل
أو لمسٍ أو استمناء أو نحو ذلك
لأنَّ هذا مِنَ الشَّهْوةِ الَّتِي لا يكونُ الصوم
إلاَّ باجتِنَابها كما جاء في الحديث الْقُدْسيِّ:
«يَدَع طعامَه وشرابَه وشهوتَه من أجْلِي»
رواه البخاري


فأمَّا التقبيلُ واللَّمْس بدونِ إنْزالٍ فلا يُفَطِّرُ
لمَا في الصحيحين من حديثِ عائشةَ رضي الله عنها:

«
أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلّم كان يُقَبِّلُ
وهو صائمٌ ويباشر وهو صائمٌ،
ولَكِنَّه كان أمْلَكَكُمْ لإِربِه
».


وفي صحيح مسلم أنَّ عُمرَ بن أبي سلمة
سأل النبيَّ صلى الله عليه وسلّم:
أيُقَبِّلُ الصائمُ؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلّم:
«سَلْ هذه ـ يعني أمَّ سلمةَ ـ فأخْبَرتْهُ أنَّ
النبي صلى الله عليه وسلّم كان يصنعُ ذلك،
فقال النبيُّ صلى الله عليه وسلّم: أما
والله إني لأتقاكم لله وأخَشاكم له
»،


لكن إنْ كان الصائمُ يخشى على نفْسِه من الإِنزالِ
بالتقبيلِ ونحوِه أو مِنَ التدَرُّج بذلك
إلى الجماعِ لعدمِ قوَّتِهِ على كَبْحِ شَهْوَتِهِ
فإنَّ التقبيلَ ونَحْوَه يحرم حينئذٍ سَداً للذَّريعةِ
وَصوناً لصيامه عن الفساد
ولذلك أمر النبي صلى الله عليه وسلّم المتوضأ بالمبالغة
في الاستنشاق إلا أن يكون صائماً خوفاً من تسرب الماء إلى جوفه.


وأمَّا الإِنزالُ بالاحتلام أو بالتَّفْكير المجرَّدِ عن العمل
فلا يُفَطِّر لأنَّ الاحتلامَ بغيرِ اختيارِ
الصائَم. وأمَّا التَفكيرُ فمعفوٌ عنه
لقولِه صلى الله عليه وسلّم:

«
إنَّ الله تَجَاوزَ عن أمَتِي
ما حدَّثَتْ به أنْفُسَهَا ما لم تَعْملْ أوْ تتكلمْ
»
متفق عليه.


الثالث: الأكلُ أو الشربُ،
وهو إيصالُ الطَّعامِ أو الشراب إلى الْجَوْف
من طريقِ الْفَمِ أو الأنفِ أيَّاً كان نوعُ المأكولُ أو المَشروب
لقوله تعالى:
{
وَكُلُواْ وَاشْرَبُواْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ
الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّواْ الصِّيَامَ إِلَى الَّيْلِ
وَلاَ تُبَـشِرُوهُنَّ وَأَنتُمْ عَـكِفُونَ فِي الْمَسَـجِدِ
تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلاَ تَقْرَبُوهَا كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ
}
[البقرة: 187]


والسَّعُوط في الأنْفِ كالأكل والشرب
لقوله صلى الله عليه وسلّم في حديث لَقِيْط بن صبرة:
«وبالِغْ في الاستنشاقَ، إلاَّ أن تكون صائماً»
رواه الخمسة وصححه الترمذي.
فأما شم الروائح فلا يفطِّر لأنه ليس للرائحة جرم يدخل إلى الجوف


الرابع: ما كان بمَعْنَى الأكْلِ والشربِ وهو شيئانِ:
أحَدُهما: حَقْنُ الدَّمِ في الصائمِ مثل أن يُصابَ بنزيفٍ
فيُحقنَ به دمٌ فيفْطِرُ بذلك لأن الدَّمَ
هو غايةُ الغِذاءِ بالطَّعامِ والشرابِ، وقد حصل ذلك بحقن الدَّم فيه.


الشيء الثاني: الإِبُر المغذِّيةُ الَّتِي يُكتَفَى بها عن الأكل والشرب
فإذا تناوَلها أفْطَر لأنها وإنْ لم تكن أكْلاً وشرباً حَقِيْقةً
فإنَّها بمعناهُما، فَثَبَت لها حُكمهما. فأمَّا الإِبرُ غير
المُغَذِّيةِ فإنَّها غيرُ مُفَطِّرةٍ سواءٌ تَنَاولها عن طريق العَضَلاتِ
أو عن طريق الَعُرُوقِ حَتَّى
ولو وجدَ حرارتها في حلْقِهِ فإنَّها لا تُفْطِّرَ لأنها
ليست أكلاً ولا شُرباً ولا بمعناهما، فلا
يثْبت لها حُكمهما، ولا عِبْرةَ

بوجودِ الطَّعْمِ في الحلْقِ في غير الأكل والشربِ
ولذا قال فُقُهاؤنا: لو لَطخَ باطنِ قَدمِهِ
بِحَنْظَلٍ فوجد طعْمَه في حلقِه لم يُفْطِر
وقال شيخ الإِسلام ابنُ تيميةَ رحمه الله في
رِسالةِ «
حقيقةُ الصيامِ»:
ليس في الأدلة ما يَقْتضي أنَّ المُفَطِرَ الَّذِي جَعلهَ الله
ورسوله مُفَطِّراً هو ما كَانَ واصِلاً إلى دماغٍ أو بَدنٍ
أوْ ما كان داخِلاً مِنْ مَنْفَذٍ أو واصِلاً
إلى جوفٍ ونحْو ذَلِك من المعاني التي يجعلُها أصحابُ
هذه الأقاويل هي مَنَاطَ الْحُكْمِ
عند الله ورسولِه.
قال: وإذا لم يكنْ دليلٌ على تعليق الله ورسولِه الْحُكْمَ على هذا
الْوَصفِ، كان قولُ القائلِ: إنَّ الله ورسوله إنَّما
جعلا هذا مُفَطِّراً لِهذَا قولاً بلا عِلمٍ. انتهى
كلامِه رحمه الله.


الخامسُ: إخْراجُ الدَّمِ بالحجامةِ،
لقولِ النبي صلى الله عليه وسلّم:
«أفْطَر الحاجِمُ والمَحْجُومُ»
رواه أحمد وأبو داود من حديث شَدَّاد بن أوْسٍ،


قال البخاريُّ: ليس في البابِ أصَحُّ منه
وهذا مذهبُ الإِمام أحمدَ وأكْثرِ فقهاءِ الحديث.
وفي معنى إخراجِ الدَّمِ بالحجامِة
وعلى هذا فلا يجُوزُ للصائم صوماً واجباً أن يتبرعَ
بإخراج دمه الكثير الَّذِي يؤثر على البدن تأثير الحجامة
إلا أن يوجدَ مضطرٌ له لا تندفعُ
ضرورته إلا به، ولا ضرر على الصائم بسحب الدم منه
فيجوز للضرورة، ويفطر ذلك
اليوم ويقضي. وأما خروج الدم بالرُّعافِ أو السعال أو الباسور
أو قلع السن أو شق
الجرح أو تحليل الدم أو غرز الإِبرة ونحوها
فلا يفطر لأنه ليس بحجامة ولا بمعناها إذا لا
يؤثر في البدن كتأثيرِ الحجامةِ.


السادسُ: التَّقَيُّؤ عَمْداً
وهو إخراجُ ما في المَعِدةِ من طعام أو شرابٍ
عن طريق الْفَم، لقول النبي صلى الله عليه وسلّم:

«منْ ذَرَعه الْقَيءُ فليس عليه قضاءٌ ومَن استقاء عمداً فلْيَقض»،
رواه الخمسة إلا النسائيَّ وصححه الحاكم
ومَعْنَى ذرعه غَلَبه ويفطر إذا تعمد القيء إما بالفعل كعصر
بطنه أو غمز حلقه أو بالشم مثل أن يشم شيئاً
ليقيء به أو بالنظر كأن يتعمد النظر
إلى شيء ليقيء به فيُفْطِرُ بذلك كلِّه
أمَّا إذَا حصلَ القيءُ بدونِ سببٍ منه فإنَّه لا
يَضرُّ، وإذا راجت مَعِدتُهُ لَمْ يلزمْه مَنْعُ القَيءِ لأنَّ ذلك
يَضُرُّه ولكنْ يتركُه فلا يحاولُ
القيءَ ولا منْعَه.


السابعُ: خروجُ دمِ الْحَيْضَ والنِّفَاسِ،
لقولِ النبي صلى الله عليه وسلّم في المَرْأةِ
أليس إذا حاضت لم تُصَلِّ ولم تَصُمْ؟
فمتى رأتْ دمَ الْحَيْض أو النِّفاس فَسدَ صومُها سَواءٌ
في أوَّل النهارِ أمْ في آخرِهِ ولو
قبل الغُروبِ بَلَحظةٍ وإنْ أحَسَّتْ بانتقال الدَّمِ
ولم يَبْرُزْ إلاَّ بعد الغروبِ فصومُها صحيحٌ.


ويحرمُ على الصائمِ تناوُلُ هذه المفُطِّراتِ
إن كان صَومُه واجباً كصومِ رمضان والكفارةِ
والنَّذْرِ إلا أن يكون له عذرٌ يبيح الفطرَ كسفرٍ ومرضٍ
ونحوهما لأن من تلبَّس بواجبٍ
لزمه إتمامُه إلا لعذرٍ صحيح، ثم إن من تناولها
في نهارِ رمضانَ لغيِر عذرٍ وجب عليه
الإِمساكُ بقيةَ اليوم والقضاءُ وإلا لزمه القضاء دونَ الإِمساك.
أما إن كان صومُه تطوعاً
فإنه يجوز له الفطرُ ولو بدون عذر لكن الأولى الإِتمام










إخواني:


حافظُوا على الطَّاعات، وجانبُوا المعاصيَ والمحرَّمات، وابتهلوا إلى فاطرِ
الأرض والسموات، وتعرَّضُوا لنفحاتِ جودِه فإنَّه جزيلُ الْهبات.
واعلموا أنه ليسَ لكم
من دُنْياكم إلا ما أمضَيْتُموه في طاعةِ مولاكم.
فالْغَنِيْمةَ الغنيمةَ قبلَ فواتِ الأوَان.
والمرابَحَةَ المرابحةَ قبل حُلولِ الخُسْران.


اللَّهُمَّ وفِّقْنَا لاغتنامِ الأوقات، وشغْلِها بالأعمالِ الصالحات
اللَّهُمَّ جُدْ علينا بالْفضلِ
والإِحسان، وعاملنا بالعفوِ والغُفْران، اللَّهُمَّ يَّسرْنَا لليُسرى
وجنِّبْنا العُسْرى واغْفِرْ لنا
في الآخِرةِ والأولى، اللَّهُمَّ ارزقنا شفاعةَ نبيِّنا وأوْردْنا حوضه
وأسقِنَا منه شربةً لا نظْمأ بعدَها أبداً يا ربَّ العالمين.


كلمة شكر:

أشكر أخى الكريم
كيلوا زولديك
على هذه الفواصل الرائعة
شكراً لك اخى الكريم
وآسف على إزعاجك معي
بارك الله فيك

والشكر موصول لاختنا الفاضلة ام القلنسق
على التنسيق الرائع
بارك الله فيك
واسف على ازعاجك معى

شكرا لكم ....










.. :: الكاتب :: ..
فارس الرومنسية

.. :: التنسيق :: ..
أم القلنقس

.. : التدقيق :..
فارس الرومنسية
أم القلنقس


.. :: مصم الفواصل والبنر :: ..
كيلوا زولديك

.. :: برعاية حملة :: ..









0 التعليقات:

إرسال تعليق